في
الوقت الذي تشهد فيه الحلبة السياسية والحزبية الاسرائيلية حالة من
الخلافات
الداخلية الطاحنة، حيث تحول ما بدأ بوعد بحكومة طوارئ مقبولة من قبل قطاعات كبيرة
من الجمهور الإسرائيلي بعد هجوم السابع من أكتوبر، إلى حكومة مشبوهة، منقسمة
ومتضاربة، تصوّر دولة
الاحتلال بأنها ضعيفة.
نير
شوكو كوهين الكاتب في صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، أكد أن "المناوشات
العامة بين أعضاء مجلس الوزراء الحربي أكثر من مجرد حدث محرج، لأن ما بدأ في
المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزير يوآف غالانت،
واستمر في معركة ردود الفعل مع رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو، وانتهى في المؤتمر
الصحفي الذي عقده الوزير بيني غانتس، يشكل خطراً حقيقياً على أمن دولة إسرائيل، لأنها
صبغت الحلبة السياسية والحزبية بمفردات الكراهية والاحتقار لهذا وذاك، ما يجعل
فرضية تحقيق "النصر المطلق" مسألة غير واقعية".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "المستفيد
من معركة الطين القبيحة بين القادة الإسرائيليين هم أعداؤهم في قوى المقاومة، والمسؤولية في هذه الحالة تقع على عاتق رئيس الوزراء الذي يفشل في منع ابتكار الحيل واللف والدوران
حتى أثناء الحرب، عادة ما يكون هو من يشعل نار الخلافات، وعندما تخرج عن نطاق
السيطرة بالفعل، فلا يتصرف بمسؤولية ويطفئها، مع أن الآخرين المعنيين ليسوا معفيين
من المسؤولية أيضاً".
وتساءل:
"بماذا ساهم المؤتمر الصحفي لغانتس، لأنه إذا كان يريد الاستقالة فليتفضل، وإذا
أراد الاستمرار في التهديد بالانسحاب من الحكومة، فبإمكانه أن يستسلم على الفور، مع
أن أعضاء الكنيست من حزبه يضغطون عليه، ويطالبونه بالاستقالة الآن، لكنه أصبح مدمناً
على الاستطلاعات والأرقام، فيما يواصل نتنياهو وشركاؤه المتطرفون السخرية منه، وطالما
استمرت السجالات العلنية بين أعضاء مجلس الوزراء فإن نظرية بيت العنكبوت التي ابتدعها
أعداء إسرائيل تكتسب مزيدا من المصداقية، رغم أنها قوة عسكرية قوية، لكن مجتمعها
مدلّل ومرهق من الحرب، وذو مستوى منخفض من المرونة".
وأشار
إلى أن "هجوم السابع من أكتوبر والأشهر الطويلة التي مرت منذ ذلك الحين عكست صدق
نظرية العنكبوت، لأن المجتمع الإسرائيلي كشف عن انقسامه بالفعل، وإصابته بالجروح، وها
هو يعض شفتيه، ويدفع أثمانا باهظة، وأمامه قادة ضعفاء، ما يستحضر أمامي الآية
القرآنية (مَثَلُ
الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ
اتَّخَذَتْ بَيْتًا، وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ
كَانُوا يَعْلَمُونَ)".
تكشف
هذه القراءات الإسرائيلية المتلاحقة حول فشل الحكومة، وخلافاتها الداخلية، أن "نتنياهو بعد مرور سنوات طويلة على وجوده في السلطة، فإنها تحمل معها الكثير من الكوارث،
والنتيجة الفورية لذلك هي تصاعد الأصوات الإسرائيلية التي تخاطبه: كفى، كفى، لأنه يقود
الدولة ذهاباً وإياباً من فشل إلى إخفاق، دون هدف واضح، ودون وجهة محددة، الأمر
الذي تسبب في أن الجمهور الإسرائيلي ذاته بات يعتاد على الافتقار للهدف، والأسوأ من
ذلك كله اليأس والإحباط".