كشفت
مصر عن دورها في إحكام السيطرة على الحدود مع قطاع
غزة، وجهودها في القضاء على
الأنفاق بشكل نهائي، وذلك في معرض ردها على ما وصفته بمزاعم إسرائيلية عن تهريب أسلحة إلى القطاع.
وقالت مصر عبر بيان رسمي صادر عن هيئة الاستعلامات المصرية: "إن أي تحرك إسرائيلي في اتجاه احتلال ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين في قطاع غزة سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية".
واتهمت مصر "إسرائيل بتسويق هذه الأكاذيب في محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين، في قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر ".
رغبة إسرائيلية وممانعة مصرية
وكرر رئيس وزراء الاحتلال خلال الأيام الماضية، بنيامين نتنياهو، مزاعم حول وجود أنفاق على الحدود مصر لتهريب الأسلحة، وقال: "يجب أن تسيطر إسرائيل على منطقة محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر".
وفي يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر الماضي شنت قوات الاحتلال العسكرية ضربات جوية قرب الحدود المصرية مع قطاع غزة (محور فيلادلفيا)، بزعم وجود أنفاق لتهريب الأسلحة.
ومحور فيلادلفيا، ويُسمى أيضا "محور صلاح الدين"، لا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، ويمتد بطول 14.5 كيلومتر من البحر المتوسط حتى معبر "كرم أبو سالم".
ويحكم التواجد العسكري على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة ملحق عسكري تم توقيعه في 2005، وتعتبره دولة الاحتلال ملحقا أمنيا لمعاهدة السلام 1979، وتقول إنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها.
كشفت مصادر أمنية مصرية، لوكالة رويترز، أن القاهرة رفضت اقتراحا إسرائيليا لتعزيز الإشراف الإسرائيلي على منطقة محور فيلادلفيا العازلة بين مصر وقطاع غزة، لكون القاهرة تعطي الأولوية الآن لجهود وقف إطلاق النار، وليس لترتيبات ما بعد الحرب.
إجراءات مصر لإغلاق أي منافذ "غير رسمية" مع غزة
وبشأن الخطوات التي اتخذتها الإدارة المصرية للقضاء على الأنفاق بشكل نهائي مع قطاع غزة، أوضح البيان:
- إقامة منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات من مدينة رفح المصرية وحتى الحدود مع غزة.
- تدمير أكثر من 1500 نفق وإغراقها بمياه البحر وجعلها غير قابلة للاستخدام.
- تقوية الجدار الحدودي عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض.
وبالتالي، فقد أصبح هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، بحسب البيان، يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض، مشيرا إلى أن مصر لديها السيادة الكاملة على أرضها، وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية، سواء مع قطاع غزة أو مع "إسرائيل".
في سياق تعليقه، يقول الناشط السيناوي، أبو الفاتح الأخرسي، إن "الحديث عن تدمير 1500 نفق بين مصر وغزة ليس بجديد، كان الجيش المصري أقر بتدمير 2000 في إطار حملته العسكرية ضد أهالي سيناء منذ عام 2014، وتهجيرهم من المنطقة الملاصقة للحدود مع غزة وهدم الأنفاق، هو في حقيقته يهدف إلى حصار قطاع غزة وتحديدا حصار المقاومة الفلسطينية التي تواجه الكيان الصهيوني".
وأضاف لـ"عربي21": "هذه الأنفاق كانت تمثل شريان الحياة لكل مظاهر الحياة في قطاع غزة المحاصر ووجدت بسبب الحصار الذي تم فرضه على القطاع، وقامت السلطات بهدم القرى المحيطة برفح والشيخ زويد وتجريف الأراضي، وبالتالي فإن السلطات المصرية تعلل إجراءاتها بفرض السيادة على أراضيها، وهي في الحقيقة تتجاوز التواطؤ إلى الخيانة الكاملة ليس لأهل غزة والمقاومة الفلسطينية وإنما للأمن القومي المصري؛ لأن فلسطين بالكامل هي خط الدفاع الأول عن مصر".
واعتبر الأخرسي أن "زوال المقاومة من قطاع غزة تهديد خطير للأمن القومي المصري"، وتساءل: "أين كانت السيادة عندما تم التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر؟ وأين كانت السيادة عندما تم التفريط في حق مصر التاريخي في مياه النيل؟ وأين كانت السيادة في التفريط بمقدرات وحدود مصر البحرية في شرق المتوسط؟".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2014 أزالت السلطات المصرية المنطقة السكنية بمدينة رفح المصرية بدعوى حماية الحدود المصرية من خطر الأنفاق الممتدة منها حتى رفح الفلسطينية، وفي وقت لاحق حفرت قناة عرضية من ساحل البحر شمالا حتى معبر رفح جنوبا؛ للتأكد من قطع الإمدادات عن الأنفاق وتدميرها بشكل كامل.
"شريكة في الحصار"
أعرب السياسي المصري الدكتور عمرو عادل، عن اعتقاده بأن "مصر ليست بحاجة إلى إثبات أنها كانت شريكا استراتيجيا في حصار غزة والمقاومة في آن واحد، ولكن هذه الشراكة أو الخيانة تتجاهل حقائق تاريخية وهي أن الشمال الشرقي هو نقطة الغزو لمصر على مر تاريخها لذلك فإن أمن مصر مرتبط عضويا بأمن فلسطين".
وأوضح، في حديثه لـ"عربي21" أن "النظام المصري الحالي غير مكترث بأمن مصر القومي وسيادته على أرضه وثروات شعبه ومقدراته، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية خدمة للكيان الصهيوني.. كلها إثباتات لا تقبل الجدل حول تخلي النظام عن أمن مصر، ولا يخفى على أحد أن النظام المصري الحالي يعادي المقاومة منذ تفريغ الشريط الحدودي وإغلاق الأنفاق".
ورأى عادل أن "النظام فعل الكثير ولا يزال من أجل إحكام السيطرة على المقاومة الفلسطينية وإخضاع القطاع للإدارة الأمنية الصهيونية كما في الضفة الغربية، لأن أي حركة تحرر وطنية بالقرب من مصر يعتبرها النظام تهديدا ليس لأمنها القومي بل لوجود الحاكم، وفي الحقيقة أن المقاومة في غزة غير معنية بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، وانتصارها يعزز من حماية حدودها".