لا يزال آلاف الأجانب ومزدوجي الجنسية من 60 دولة حول العالم محاصرين في قطاع
غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي وعدم وجود ممر آمن في ظل تعنت
الاحتلال في رفض وقف الحرب أو السماح بهدنة إنسانية لدخول المساعدات وخروج المصابين.
وارتفعت حصيلة الشهداء جراء العدوان إلى أكثر من 11 ألف شهيد جلهم من النساء والأطفال، في أكبر مقتلة في تاريخ الفلسطينيين، وفقا لأحدث أرقام وزارة الصحة في
غزة.
وطوال الأسابيع الأربعة الأولى لم يتمكن أحد من الخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح، الممر الوحيد للخروج من القطاع، إلا في أضيق الحدود، وإزاء الضغوط الغربية للسماح بخروج الأجانب رهنت مصر موافقتها على فتح معبر رفح بإدخال مساعدات إغاثية وإنسانية وهو ما ترفضه سلطات الاحتلال إلا بكميات قليلة.
وانتقدت مصر منذ الأسبوع الأول للعدوان على القطاع دولة الاحتلال بسبب عدم تعاونها في السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المكدسة في عشرات الشاحنات إلى معبر رفح وإجلاء حاملي جوازات السفر الأجنبية عبر المعبر الوحيد إلى العالم الخارجي.
وأبدت مصر استعدادها لاستقبال 7 آلاف أجنبي يحملون جنسية أكثر من 60 دولة من المقرر إجلاؤهم من قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان، مطلع الشهر الجاري، دون تحقيق تقدم يذكر.
منذ الأيام الأولى للعدوان رفضت سلطات الاحتلال السماح بخروج الأجانب، وفي هذا الصدد قال مسؤولون أمريكيون وبريطانيون إنهم يأملون في إمكانية فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر لمحاولة إجلاء رعاياهم، دون تحقيق أي تقدم.
الاحتلال يساوم الحكومات الغربية
واشتكى عدد من الأجانب ومزدوجي الجنسية من عدم قدرة حكومات بلادهم على الضغط على إسرائيل لفرض هدنة مؤقتة والسماح لهم بالخروج عبر ممر آمن رغم مرور أكثر من 5 أسابيع على اندلاع الحرب على قطاع غزة.
خرجت في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أول دفعة بريطانيين من غزة باتجاه مصر عبر معبر رفح، بعد اتفاق الخارجية البريطانية مع السلطات المصرية والإسرائيلية على قائمة أسماء مواطنين بريطانيين يريدون مغادرة غزة.
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، "نعمل مع السلطات المصرية والإسرائيلية لضمان بقاء المعبر مفتوحا حتى يتمكن جميع المواطنين البريطانيين من بلوغ بر الأمان في الأيام المقبلة"، ووصف عبور المواطنين البريطانيين بأنه "خطوة أولى هائلة الأهمية".
الأجانب دروع بشرية لإسرائيل
وكشفت أسرة بريطانية من أصل فلسطيني على معبر رفح على الجانب الغزي أن "كل محاولاتنا للتواصل مع الخارجية البريطانية لتأمين خروجنا من القطاع بعد نزوحنا من مدينة غزة في الأسبوع الأول من الحرب دون فائدة، رغم إبدائهم الرغبة في مساعدتنا، إسرائيل لا تستجيب لدعوات مسؤولي الحكومات الغربية رغم دعمهم لها فيما يسمى بحق الدفاع عن النفس".
واتهمت الأسرة التي تتكون من 6 أشخاص (الوالدان وأربعة أبناء)، والتي طلبت عدم ذكر اسمها، لأنها تنتظر تنسيق أسمائها ضمن الكشوف الجديدة، سلطات الاحتلال باتخاذهم دروعا بشرية، وقالت لمراسل "عربي21": إسرائيل تساوم الحكومات الغربية لتقديم المزيد من الدعم والتنازل والضغط عليها لاحتواء المظاهرات المعارضة الشديدة للحرب، نحن هنا دروع بشرية لإسرائيل لمساومة حكوماتنا، وإلا كانت سمحت لنا بالخروج.
وأوضحت الأسرة، "نحن هنا أكثر من أسرة تم السماح بدخول بعض الأفراد ولم يدخل الباقي وبانتظار الخروج، لقد عشنا أسابيع قاسية ونزحنا من منازل العائلة في شمال غزة مع الأيام الأولى للحرب، رغم رفضنا المغادرة اعتقادا منا أن رد الفعل لن يتطور إلى حرب وما حدث هو تطور الأمر إلى عقاب جماعي وإبادة جماعية، لقد تم تسوية منازلنا بالأرض بسبب القصف الجوي والمدفعي هناك، لو بقينا بعض الوقت لقتلنا هناك".
وأشارت الأسرة إلى تقارير الصحف البريطانية التي تنتقد الحكومة بسبب تقاعسها عن إجلاء رعاياها ومواطنيها من غزة، "غالبية الصحف هناك ترى أن الحكومة لم توفق في التعامل مع رعاياها في غزة ولم تقدم الدعم اللازم بعد تركهم هناك لأسابيع تحت القصف دون حماية، محاولة إسرائيل الضغط على الحكومة أكثر من ذلك أمر بغيض ولن تنجح في منع الناس من النزول والدفاع عن الحق في الحياة".
الشعوب الأوروبية تتحدى حكوماتها
وتشهد لندن والعديد من عواصم دول العالم بعضا من أكبر المظاهرات في أوروبا الرافضة للعدوان الإسرائيلي وفي بعض عناوينها الإبادة الجماعية التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق أكثر من 2.3 مليون مواطن فلسطيني إلى جانب سياسة التعطيش والتجويع، ما يضغط بقوة على حكومة الاحتلال لإنهاء الحرب غير المبررة على الشعب الفلسطيني الأعزل.
وفشلت دعوات حكومية رسمية في المملكة المتحدة في إقناع شرطة العاصمة لندن بمنع المظاهرة المليونية، التي يعتزم أنصار فلسطين تنظيمها غدا (السبت) للمطالبة بوقف إطلاق النار، واتهمتها بالانحياز إلى الفلسطينيين.
وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك المظاهرات المزمع تنظيمها، السبت، بأنها "تصرف غير لائق".
ابتزاز إسرائيلي على حساب أرواح الناس
على المستوى الحقوقي، يقول المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، إن "المتابع لملف معاناة الآلاف من الرعايا الأجانب ومزدوجي الجنسية المتواجدين بقطاع غزة وقيام الطيران الإسرائيلي بقصف معبر رفح سواء على الجانب الفلسطيني والمصري وتدمير الطرق المؤدية إلى المعبر وعدم توفير ممرات آمنة بالرغم من قيام الجانب الفلسطيني بمطالبة السلطات المصرية باستمرار بإعادة فتح معبر رفح لإجلاء الأجانب ومزدوجي الجنسية والجرحى إلى مصر، هو ابتزاز على حساب أرواح الناس".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "إسرائيل وبالرغم من المناشدات الدولية والأممية بفتح ممرات آمنة للسماح بمرورهم لكنها تتجاهل وتتعنت وترفض الموافقة على هدنة إنسانية والسماح بفتح المعبر الوحيد والمنفذ لحياة المحاصرين وهو ما يؤكد أنها تساوم وتبتز الحكومات الغربية لحصولها على دعم معنوي ومادي أكبر".
ووصف موقف سلطات الاحتلال من خروج الأجانب ومزدوجي الأجانب "بأنه يعرض حياة آلاف الأطفال والنساء للخطر، وتشكل الإجراءات المعقدة تهديدا مباشرا لأمنهم وسلامتهم وحياتهم ما ينذر بوقوع مزيد من الضحايا بسبب عدم قدرة البعض على مغادرة أماكن إيوائهم في قطاع غزة".