بينما يتحضر جيش الاحتلال للرد عسكريا على الهجوم النوعي الذي نفذته حركة
حماس في مستوطنات غلاف
غزة، فقد ظهرت خلافات مبكرة بين القادة العسكريين والسياسيين حول طبيعة الرد، وعمقه الجغرافي، ومدته الزمنية، مع توافق إسرائيلي حول ضرورة الانتقام من الجرأة التي امتاز بها مقاتلو الحركة، وأهانوا فيها دولة الاحتلال أمام حلفائها وأعدائها.
أمير بار شالوم الخبير العسكري بموقع "
زمن إسرائيل"، ذكر أن "الانتقام دون خطة عمل يعني أن الفراغ الذي ستتركه حماس وراءها في قطاع غزة لا يخدم بالضرورة مصلحة الاحتلال، لذلك فإنه يجب عليه توضيح الأهداف بعناية، مع العلم أن المستوى السياسي ظهر حذرا جدا في تحديد مستقبل التعامل مع حماس في نهاية المناقشة الوزارية، وتم تحديد أهداف عامة للغاية فقط تتمثل في تدمير قدراتها العسكرية والحكومية بطريقة تلغي قدرتها ورغبتها في تهديد وإيذاء الإسرائيليين لسنوات عديدة، وهذا تعريف يترك نطاقا عمليا وسياسيا كبيرا جدا لصناع القرار، كما أنه يسمح باتخاذ قرار بشأن آلية الإنهاء السريع للقتال، الذي لم يبدأ بالفعل بعد".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "حتى هذه الساعة، يركز الجيش على أهداف حماس، وتشمل بشكل غير مفاجئ المباني الشاهقة التي شكلت دائما نقطة ضعف لحماس في المواجهات العسكرية، وجرت العادة أن يكون استهدافها هو الخطوة التي تنهي العمليات العسكرية، في دلالة على تأثيرها الأكبر، في حين قال المتحدث باسم الجيش إنه في الرد القادم سيتم ضرب كل ما رسمته حماس.. وهذا كلام خطير، فالانتقام ليس خطة عمل، وعلى افتراض أن إسرائيل لا ترغب في إسقاط حكم الحركة، فيتعين عليها أن توضح الأهداف بعناية، فلا أحد يعرف من سيتولى السلطة في غزة بعدها في أحسن الأحوال، أو ستكون فوضى عارمة في أسوأ الأحوال".
وأشار إلى أن "ما يتعين على الاحتلال أن يفعله هو دق إسفين بين حماس والفلسطينيين، بالجمع بين التآكل العسكري للقدرات، وخلق الوعي بثمنها، والدعوة لإخلاء أحياء بأكملها، وحشود للتوجه إلى شواطئ غزة بزعم أن هذه صور تخدم الهدف الإسرائيلي، وتخلق مشكلة لحماس أمام مواطنيها، لأنه بعد انتهاء الحرب سيأتي الدمار، وإذا جاءت صفقة تبادل الأسرى بسرعة، فستزداد قوة إنجاز حماس؛ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف يتلاشى قليلا، ما يجعل إسرائيل عالقة، فعدد أسراها كبير جدا، وفي هذه الأثناء تتمتع بالشرعية الدولية اللازمة للتحرك، لكن الساعة الرملية تنفد بسرعة دائما، مع انتشار صور الضحايا
الفلسطينيين من الجانب الغزاوي".
وأوضح أنه "بعيدا عن تحصيل الثمن من حماس، فإن الجولة الحالية من القتال لا بد أن تنتهي بواقع مختلف على الأرض، واقع عسكري جديد، صحيح أن الجدار الحدودي مع غزة تحت الأرض أثبت فعاليته، لكن الجزء الموجود فوق الأرض فشل، وأجرت حماس تعديلات سريعة على الوضع الجديد، ووضعت خطة عمل من خلال الجدار العلوي، وحققت نجاحاً فاق التوقعات، ما يتطلب إعادة تصميم منطقة السياج، وإنشاء منطقة معقمة على طوله، بما في ذلك شريط القتل الذي يتم فيه إطلاق النار على كل من يدخله على الفور".
وختم بالقول إنه "بعد انتهاء القتال، يجب تخصيص فصل كبير للجزء الاستخباراتي، لأن استعدادات حماس أفلت من أعين إسرائيل التي دأبت على الزعم أنها ترى ما هو أبعد من الجدران والخنادق والأنفاق، لكن عملية الاحتيال التي نفذتها حماس ناجحة.. وكما حدث في 1973، ستكون هناك تقارير عديدة عمن نام، وغفا عن التحذير".
نوعام أمير المراسل العسكري لصحيفة "
ميكور ريشون" اليمينية اختلف مع سابقه بالقول إن "أهداف الحرب القادمة على حماس يجب أن تكون واضحة وهي القضاء التام على حماس، وهو ما ستُمليه الساعات المقبلة، وصولا إلى السيطرة على قطاع غزة، وهذا يعني اجتياحاً برياً وطويلاً وصعباً للقطاع، والقيام بتقسيمه لعدة قطاعات، بجانب تدمير البنية التحتية، والقضاء على المسلحين، وصولا إلى إلحاق الأذى الشديد بالفلسطينيين المدنيين، وصولا إلى فتح معبر رفح لخروج سكان قطاع غزة باتجاه مصر".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الجيش سيوجه ضربة نارية مميتة لحماس، ومضاعفتها من خلال القوات الجوية، ونيران كثيفة من المدفعية التي ستنضم للقتال، ما سيتطلب تعبئة مئات الآلاف من أفراد الاحتياط، وهي المهمة التي يتم تنفيذها في هذا الوقت، ومن المتوقع أن تكتمل بحلول المساء، والنشر الكامل لأنظمة الدفاع الجوي، وإعداد الفرق للدخول الأرضي، وصولا لإنهاء عش الدبابير في الجنوب نهائيا".