أقر الرئيس
التونسي قيس سعيّد تغييرا مفاجئا من خلال إعفاء رئيسة الوزراء نجلاء بودن، أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء في الوطن العربي، وتعيين أحمد حشاني، خلفا لها، ما أثار جدلا بشأن الشخصية الجديدة التي ستتولى إدارة القصبة (مقر رئاسة
الحكومة).
ولم يقدم الرئيس التونسي أي تفسير لهذا القرار، المعلن عبر الصفحة الرسمية للرئاسة على "فيسبوك"، لكن اختيار سيرة ذاتية لها تجربة طويلة في المؤسسات المالية يبدو أنه يشير إلى الرغبة في أن يكون له تأثير أكبر على الاقتصاد التونسي في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أكبر أزمة اقتصادية منذ حصولها على استقلالها من فرنسا عام 1956.
ولد أحمد الحشاني في 11 تموز/ يوليو 1957، ويُعرف على أنه رجل قانون ذو خبرة طويلة في البنك المركزي التونسي، حيث تخرج من كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بتونس العاصمة عام 1983، فيما رجحت وسائل إعلامية تونسية أن تكون علاقة الصداقة مع الرئيس سعيّد انطلقت بالفعل خلال سنوات الجامعة.
بعد الجامعة، تولى عدة مناصب ذات صلة بالشأن الاقتصادي والمالي في كل من وزارة المالية والبنك المركزي، وتدرج في المناصب إلى أن وصل إلى مناصب قيادية كمدير الموارد البشرية ثم المدير العام للشؤون القانونية للمصرف المركزي قبل أن يتقاعد في عام 2018.
وجاء الرئيس التونسي باسم من خارج المشهد السياسي في تونس، إذ ليس للحشاني سابقة عمل في الحقل السياسي ولا ينتمي إلى أي حزب.
ويتولى الحشاني رئاسة الوزراء في تونس ليكون رئيس الحكومة الثانية بعد إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021 التي بدأها الرئيس التونسي بإقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلسي البرلمان والقضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية مرورا بتنظيم الاستفتاء على الدستور، لينتهي المشوار بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة اختار الرئيس لها تاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
ويعرف الحشاني نفسه، عبر حسابات منسوبة له على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه من أتباع علمانية الدولة والديمقراطية والمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل.
كما أنه أظهر من خلال عديد المنشورات على حساب يحمل اسمه وصورته عبر فيسبوك عداء لأحزاب الإسلام السياسي، فضلا عن دفاعه عن النظام الملكي الذي كان قائما في تونس قبل الاستقلال، وانتقاداته لمسيرة الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.
ورئيس الحكومة الجديد هو ابن الرائد في الجيش صالح الحشاني الذي أعدمه بورقيبة عام 1963، على خلفية محاولة انقلاب جرت عام 1962، واشترك في القيام بها مجموعة من العسكريين والمدنيين من مختلف التوجهات السياسية من مقاومين سابقين وعسكريّين ومدنيين معارضين للنظام وفيهم محسوبون على التيّار اليوسفي والقومي.
ألقي القبض على المجموعة التي تضم قرابة الـ 25 شخصا في 19 كانون الأول/ ديسمبر 1962 وبدأت محاكماتهم في 12 كانون الثاني/ يناير 1963 وتمّ التّصريح بالحكم يوم الـ17 من الشهر ذاته بعد أكثر من عشرين ساعة من المداولات.
وحكمت المحكمة العسكرية بإعدام 13 شخصا، فيما نُفذ الحكم بحق 10 من المتهمين رميا بالرصاص، من ضمنهم سبعة عسكريين، من بينهم الحشاني ومقاومون مدنيون من ضمنهم الأزهر الشرايطي.
أما والدته، فهي فرنسية تُدعى تيريز لو غال، وشقيقه ضابط سام في الجيش الفرنسي، وهو ما أثار موجة جدل حول علاقة رئيس الحكومة الجديد بفرنسا.
ولا يمنع الدستور التونسي الجديد، الذي أقره سعيّد عبر استفتاء شعبي في 25 تموز/ يوليو 2022، حاملي الجنسية المزدوجة من تقلد المناصب العليا في الدولة.
لكنّ الفصل التاسع والثمانين، ينص على أن "الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي أو تونسية غير حامل لجنسية أخرى مولود لأب وأم، وجد لأب، وجد لأم تونسيين، وكلهم تونسيون دون انقطاع".