أكّد
الرئيس
الصيني شي جين بينغ إثر لقائه في بكين الإثنين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني
بلينكن أنّ البلدين أحرزا تقدّماً على صعيد تحسين علاقاتهما الثنائية وتوصّلا
إلى "أرضيّات تفاهم"، لكن من دون أن يحلاّ أيّاً من الخلافات الجذرية بينهما.
وقال
شي جين بينغ في الاجتماع حسب مقطع فيديو نشرته قناة "CCTV" الحكومية الصينية إن "الطرفين اتفقا على الالتزام بالتفاهم
المشترك الذي توصلت له مع الرئيس بايدن في بالي".
وأشار شي إلى أن العالم يحتاج إلى
علاقات مستقرة بشكل عام بين الصين والولايات المتحدة، وأن التوصل إلى الطريق الصحيح للتعايش بين الجانبين أمر يؤثر على مستقبل البشرية.
وأوضح شي أن الشعب الصيني، مثل الشعب الأمريكي، يتمتع بالكرامة والثقة والاعتماد على الذات، وللاثنين الحق في السعي نحو حياة أفضل، حسب وكالة "شينخوا" الصينية الرسمية.
وأضاف أنه يتعين على البلدين التصرف بحس من المسؤولية تجاه التاريخ والشعب والعالم، ومعالجة العلاقات الثنائية بشكل صحيح.
وشدد شي على أن المنافسة بين الدول الكبرى لا تمثل اتجاه العصر، ولا يمكنها أن تحل مشكلات أمريكا الخاصة أو التحديات التي تواجه العالم.
وأوضح أن الصين تحترم المصالح الأمريكية ولا تسعى إلى تحدي الولايات المتحدة أو إزاحتها، مضيفا أنه على الولايات المتحدة بالمثل احترام الصين وعدم الإضرار بالحقوق والمصالح المشروعة للصين.
واستطرد شي قائلا إنه ينبغي ألا يحاول أي جانب تشكيل الجانب الآخر بإرادته، ناهيك عن حرمان الجانب الآخر من حقه المشروع في التنمية.
ودعا شي الجانب الأمريكي إلى تبني موقف عقلاني وبراجماتي، والعمل مع الصين في الاتجاه نفسه.
وأشار إلى أن الجانبين بحاجة إلى البقاء ملتزمين بالتفاهمات المشتركة التي توصل إليها هو والرئيس بايدن في بالي، وترجمة التصريحات الإيجابية إلى أفعال من أجل تحقيق الاستقرار في العلاقات الصينية-الأمريكية وتحسينها.
والتقى
بلينكن شي في ختام زيارة استمرت يومين لبكين. وهو أعلى مسؤول أمريكي يزور الصين منذ
خمسة أعوام تقريبًا، في ظلّ توتر شديد في العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
والتقى
شي وبلينكن في قاعة الشعب الكبرى في بكين، واستمر اللقاء نصف ساعة.
"لا أوهام"
وبعد
المحادثات قال بلينكن: "في كلّ اجتماع، شدّدتُ على أنّ المشاركة المباشرة والتواصل
المستمر على المستويات العليا هما أفضل طريقة لإدارة الخلافات بمسؤولية وضمان عدم تحول
المنافسة إلى صراع". وأضاف خلال مؤتمر صحفي: "لقد سمعت نفس الشيء من نظرائي
الصينيين. كلانا متّفق على الحاجة إلى استقرار علاقاتنا".
لكنّ
بلينكن أكّد "وضوح رؤيته" بشأن الصين التي تدهورت علاقاتها مع الولايات المتحدة
بشدة في السنوات الأخيرة، وأضاف: "ليست لدينا أوهام بشأن تحديات إدارة هذه العلاقة.
هناك الكثير من القضايا التي نختلف بشأنها بشدة".
وفي
رفض منه لانتقادات وجّهتها الصين، أصر بلينكن على أن الرئيس جو بايدن لا يسعى إلى القيام
بـ"تقويض" اقتصاد الصين عبر حظر واشنطن الشامل لصادرات أشباه الموصلات.
وقال:
"نرغب برؤية النمو ونرغب برؤية النجاح في كل جزء من العالم بما في ذلك بالتأكيد
الاقتصادات الكبرى مثل الصين (...) لكن في ذات الوقت، ليس من مصلحتنا تزويد الصين بتكنولوجيا
قد يتم استخدامها ضدنا".
وبحسب
بلينكن فإنه "في الوقت الذي تنخرط فيه ببناء برنامج أسلحتها النووي بطريقة غامضة
للغاية وعندما تقوم بإنتاج صواريخ تفوق سرعة الصوت، وعندما تقوم باستخدام التكنولوجيا
لأهداف قمعية، كيف سيكون من مصلحتنا توفير هذه التقنيات المحددة إلى الصين".
وبحث
الوزير الأمريكي والرئيس الصيني في الغزو الروسي لأوكرانيا، وأكّد بلينكن أن الصين
جدّدت تعهّدها عدم تزويد روسيا بأسلحة فتّاكة.
وقال:
"نحن ودول أخرى تلقّينا ضمانات من الصين أنّها لا تقوم ولن تقوم بتزويد مساعدة
فتّاكة لروسيا لاستخدامها في أوكرانيا".
وتابع:
"لم نر أيّ دليل يتعارض مع ذلك. ما لدينا مخاوف مستمرة بشأنه هو الشركات الصينية
التي قد تقوم بتوفير التكنولوجيا التي يمكن لروسيا استخدامها لتعزيز عدوانها في أوكرانيا".
وفي
ملف تايوان، جدّد بلينكن التأكيد على أن بلاده لا تدعم حصول تايوان على استقلالها متمسكا
بموقف واشنطن بالحفاظ على الوضع القائم هناك.
لكنّه
قال: "لدينا وغيرنا مخاوف عميقة بشأن بعض الإجراءات الاستفزازية التي اتخذتها
الصين في السنوات الأخيرة منذ عام 2016".
كوريا الشمالية
وتطرّق
بلينكن أيضاً إلى مسألة إقليمية أخرى وطلب من الصين الضغط على حليفتها كوريا الشمالية
التي قامت مؤخرا بإطلاق سلسلة من الصواريخ.
وأكد
الوزير الأمريكي أنّ "كل أعضاء المجتمع الدولي لديهم مصلحة في تشجيع جمهورية كوريا
الشعبية الديمقراطية على التصرف بمسؤولية ووقف إطلاق الصواريخ".
وتابع:
"الصين في وضع فريد للضغط على بيونغ يانغ للدخول في حوار وإنهاء سلوكها الخطير".
إلى
ذلك أعرب بلينكن عن قلقه للمسؤولين الصينيين بشأن شينجيانغ والتيبت وهونغ كونغ.
وخلال
زيارته التي استمرت يومين أجرى بلينكن محادثات مع مسؤولين صينيين زادت مدّتها مجتمعة
عن عشر ساعات.
وفي
دار ضيافة في حدائق دياويوتاي القديمة، أكّد كبير مسؤولي الشؤون الخارجية الصيني وانغ
يي لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الاثنين، ضرورة اختيار بكين وواشنطن بين
"التعاون والخلاف".
وبعيدًا
عن الكاميرات، قال وانغ لبلينكن، بحسب تلفزيون "سي سي تي في" الرسمي، إن
زيارته "لبكين هذه المرة تأتي عند منعطف دقيق في العلاقات الصينية الأمريكية".
وتابع:
"علينا عكس مسار دوامة التدهور في العلاقات الصينية الأمريكية والضغط من أجل العودة
إلى مسار سليم ومستقر والعمل معًا لإيجاد طريقة صحيحة لتنسجم الصين والولايات المتحدة".
وأكّد
أعلى مسؤول في الدبلوماسية الصينية أن بلاده لن تقدم "أي تنازلات" بشأن تايوان،
قائلًا: "على هذا الصعيد لا مجال للصين للتسوية أو التنازل".
وأضاف:
"يجب على الولايات المتحدة أن تحترم فعلا مبدأ الصين واحدة واحترام سيادة الصين
وسلامة أراضيها".
وقبل
اجتماعهما، ابتسم الرجلان أمام الكاميرا وتبادلا النكات، ثم بدأ الاجتماع بحضور مساعديهما
الذين وضعوا كمامة، على عكس بلينكن ووانغ، التزامًا ببروتوكولات الحماية من كوفيد-19.
وأعلن
البلدان، الأحد، أن وزير الخارجية تشين غانغ وافق على زيارة واشنطن في وقت لاحق.
والأحد،
التقى بلينكن نظيره الصيني تشين غانغ مدة سبع ساعات ونصف الساعة. واتفق الطرفان على الإبقاء
على التواصل لتجنب أي خلاف.