نشرت صحيفة "
فايننشال تايمز" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن المخاوف التي تجتاح قطاع المصارف العالمي بشأن
العملات المشفرة إثر انهيار بنك وادي السيليكون.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بنك وادي السيليكون - الذي هزّ انهياره في 10 آذار/ مارس القطاع المصرفي العالمي - اشتهر بخدمة أصحاب رؤوس الأموال والمختصين في قطاع التكنولوجيا إلا أن اتفاقية شراء ما بقي منه من قبل بنك "فيرست سيتيزنز" استبعدت العملات المشفرة والقروض المدعومة بالعملات المشفرة من الصفقة.
وذكرت الصحيفة أن بنك "فيرست سيتيزنز" ليس الوحيد الذي استبعد الأصول الرقمية، إذ أن بنك "نيويورك كوميونيتي"، الذي استحوذ على ما تبقى من بنك "سيغنتشر" الذي انهار مباشرة بعد بنك وادي السيليكون، رفض أيضا شراء الذراع المصرفية الرقمية الكبيرة لبنك "سيغنتشر". وبسبب ذلك، يتعين على المؤسسة الفيدرالية الأمريكية للتأمين على الودائع إعادة 4 مليارات دولار من الودائع مباشرة إلى هؤلاء العملاء.
جادل عضو الكونغرس الأمريكي السابق بارني فرانك، الذي كان عضوًا في مجلس إدارة بنك "سيغنتشر"، بأن البنوك كانت تستجيب للعداء التنظيمي المتزايد تجاه العملات المشفرة في أعقاب الانهيار الداخلي لبورصة "إف تي إكس" للتبادل الرقمي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وقد ألقى اللوم على المخاوف المتعلقة بالعملات المشفرة لما يعتقد أنه استحواذ الحكومة المتسارع على بنك "سيغنتشر".
وأشارت الصحيفة إلى انتشار تكهّنات حول جهود حكومة الولايات المتحدة المتظافرة لحظر التشفير تمامًا. وتتضمن النظرية انهيار بنك "سيغنتشر" و"سيلفرغيت"، وهو بنك أصغر انخرط في الكثير من أعمال الأصول الرقمية، وفرض سلسلة من الإجراءات التنظيمية. من جهتهم، يصر المنظمون على أنهم يحاولون فقط ضمان استقرار البنوك ومنع استخدام العملات المشفرة في عمليات غسيل الأموال وغيرها من الجرائم.
وحسب إدارة الخدمات المالية في نيويورك فإن إغلاق بنك "سيغنتشر" "لا علاقة له بالعملات المشفرة". وقالت مؤسسة التأمين على الودائع إن البنك خسر 20 بالمئة من إجمالي ودائعه في غضون ساعات من انهيار بنك وادي السيليكون مما أدى إلى استنفاد أمواله مع استمرار طلبات السحب.
ونقلت الصحيفة ما قاله نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مايكل بار في خطاب حول العملات المشفرة: "لم نغفل عن التأثير الجذري المحتمل الذي يمكن أن تحدثه هذه التقنيات على نظامنا المالي. ولكن فوائد الابتكار لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت هناك إجراءات حماية مناسبة".
مع ذلك، فإن أنصار العملة المشفرة لديهم وجهة نظر مختلفة إذ يرون أن المواقف الرسمية أصبحت أكثر تشددا منذ انهيار بورصة "إف تي إكس". ففي السنوات التي انخرطت فيها الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة في مشاورات لا نهاية لها، تراكمت المخاطر الهائلة.
وذكرت الصحيفة أن بورصة "إف تي إكس"، التي بلغت قيمتها 40 مليار دولار، كانت تعتبر اللاعب المسؤول في صناعة التشفير. ولكن تبين أنها تفتقر إلى الضوابط المالية الأساسية لدرجة أن ملايين من أصول العملاء نُهبت من قبل المديرين التنفيذيين. وقد أدت هذه الفضيحة وانهيار أسعار العملات المشفرة إلى تقويض بنك "سيلفرغيت"، إذ سحب المودعون 8 مليارات دولار في الربع الأخير، مما أجبره على بيع الأوراق المالية بخسارة فادحة.
وفي الوقت الراهن، تقوم هيئات الرقابة الأمريكية بتشديد الإجراءات. وفي كانون الثاني/ يناير حذر بنك الاحتياطي الفيدرالي وغيره من الجهات الرقابية الأخرى رسميًا من "الاحتيال والخداع" وحذر من "مخاوف كبيرة تتعلق بالسلامة والأمن" عند التعامل مع شركات التشفير.
ونبهت الصحيفة إلى أن قضايا الإنفاذ تتزايد بسرعة كبيرة وسريعة. وحذرت منصة "كوين بيس" للعملات المشفرة المدرجة في الولايات المتحدة من أنها قد تواجه اتهامات بانتهاكات الأوراق المالية. ويوم الإثنين، رفعت لجنة تداول العقود الآجلة للسلع دعوى قضائية ضد منصة "بينانس"، زاعمة أنها تسمح للأمريكيين بشكل غير قانوني بتداول مشتقات العملات المشفرة. وتؤكد هيئة الرقابة أن منصة "بينانس" تسهل أيضًا الأنشطة غير القانونية.
من جانبه، حذر جيريمي ألاير، الرئيس التنفيذي لشركة "سيركل" المصْدرة للعملات المستقرة، التي كانت تحتفظ بودائع بقيمة 3 مليارات دولار في بنك "وادي السيليكون"، من أن هذه الحملة تدفع المتحمسين للعملات المشفرة إلى "المنصات التي لا تخضع للرقابة، وتعتم على المصارف وتعرضهم للمخاطر بشكل تام، وهذا لن ينتهي بشكل جيد".
وأوضحت الصحيفة أن بعض البنوك لا تزال تتعامل مع شركات الأصول الرقمية بطرق محدودة. ولدى شركة "سيركل" ودائع كبيرة في بنك "بي إن واي ميلون" وشراكة مع بنك "كروس ريفر" في نيو جيرسي. ولكن لا أحد يقدم عطاءات علنية لاستبدال بنك "سيغنتشر" و"سلفرغيت" باعتبارهما البنوك الرئيسية التي تركز على التشفير. لذلك، يبدو أنه حان الوقت لأن تتخذ الصناعة خيارات صعبة بشأن الأصول الرقمية.