قضايا وآراء

الأمم المتحدة في خدمة الإرهاب والقتلة

استغلت بعض الأطراف كارثة الزلزال لإعادة تعويم الأسد
لا تزال الأحداث السورية ومعها الأحداث العراقية تكشف المزيد من حالة الانحطاط التي وصلت إليها منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها الدولية، وقد برز ذلك بشكل واضح في الصورة التي جمعت الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيرش مع أكبر شخصيتين إرهابيتين، إحداهما مصنفة على قوائم الإرهاب الدولية، فكان لقاء الأمين العام مع قيس الخزعلي الذي يتزعم جماعة عصائب أهل الحق العراقية وهي منظمة إرهابية دولياً، ومتهمة بقتل آلاف الأبرياء في كل من سوريا والعراق، وتعد إحدى المنظمات الأساسية والرئيسية في الحشد الشيعي العراقي المتهم كذلك بأعمال قتل شنيعة بحق السوريين والعراقيين، بالإضافة إلى المسيحي ريان الكلداني الذي يقود مجموعة بابليون المتورطة كذلك في أعمال قتل وإجرام بحق السوريين، وكان الكلداني قد التقى سابقاً بابا الفاتيكان وكرّمه بنفسه في صورة جماعية.

هذه الصورة التي استفزّت الكثيرين ودفعتهم للتعليق عليها على مواقع التواصل الاجتماعي سبقها تخاذل وتخلٍ دولي على مستوى المنظمة الدولية لضحايا زلزال الشمال السوري، مما دفع جهات قانونية إلى الحديث عن رفع دعاوي قانونية بحق المنظمة الدولية التي تقاعست وتخاذلت ورفضت إرسال معدات ثقيلة لإنقاذ العالقين تحت ركام وأنقاض الزلزال المدمر، وتمسكت بقرارها في رفض إرسال أي مساعدات للشعب السوري المنكوب في الشمال المحرر في الأيام الأولى، بحجة وذريعة الحصول على موافقة من النظام السوري، وهي التي ترسل المساعدات الروتينية للسوريين دون موافقته، ما دام الممر الإنساني في معبر باب الهوى مفتوحاً بقرار دولي كل ستة أشهر، بالإضافة إلى قرار يخول المنظمة الدولية في حالة الكوارث إرسال مساعداتها دون العودة للحكومة المركزية، ومع هذا كله أصرّ مسؤولو الأمم المتحدة على عكس ذلك.

تعويم النظام السوري، وإعادة إنتاجه، مستغلة الكارثة التي يتعرض لها السوريون في الشمال المحرر، تماماً كما فعلت بعض الدول حين أرسلت مساعداتها إلى مناطق النظام وعلى رأسها الأردن والإمارات ومصر وغيرها. لكن كل هذا لن يغسل جرائم النظام السوري الممتدة لـ12 عاماً، حيث يرى السوريون أن الزلزال الأخير لا يقارن بما أحدثته زلازل النظام السوري

الغريب أن المنظمة الدولية التي سارعت بإرسال المساعدات للسوريين المنكوبين في المناطق السورية المتضررة الخاضعة للنظام السوري، تدرك أن المساعدات لن تصل إلى المتضررين، وقد كفانا مؤونة ذلك الأهالي المقيمون داخل مناطق النظام حين صوروا هذه المساعدات وهي تباع على أرصفة الشوارع.

وكانت المنظمة الدولية طوال الأيام الأولى تصر على إدخال المساعدات من خلال معابر الخطوط مع النظام السوري، ولكن قيادة المناطق المحررة ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى التحرك الشعبي الكبير كان وراء إحباط هذا المخطط، الذي كان يهدف في حقيقته إلى تعويم النظام السوري، وإعادة إنتاجه، مستغلة الكارثة التي يتعرض لها السوريون في الشمال المحرر، تماماً كما فعلت بعض الدول حين أرسلت مساعداتها إلى مناطق النظام وعلى رأسها الأردن والإمارات ومصر وغيرها. لكن كل هذا لن يغسل جرائم النظام السوري الممتدة لـ12 عاماً، حيث يرى السوريون أن الزلزال الأخير لا يقارن بما أحدثته زلازل النظام السوري الممتدة لـ12 عاماً والتي دمرت وقتلت من السوريين أضعافاً مضاعفة مما فعله الزلزال الأخير.

الأعجب من ذلك أن قرارات الأمم المتحدة التي تدين النظام السوري طوال 12 عاماً كثيرة ومتعددة، وكلها تدين النظام السوري في جرائم حرب ارتكبها ضد شعبه، بالإضافة إلى جريمة البراميل المتفجرة والكيماوي واستخدام الطيران ضد المدن المأهولة بالسكان، هذا بالإضافة إلى التفاف النظام على كل القرارات الأممية التي وقّع وصادق عليها، وكان من أكبر تجليات ذلك استقالة أكثر من وسيط أممي في سوريا، مثل كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي اللذيْن حمّلا النظام مسؤولية عدم التعاون في إيجاد حل، ومع هذا تصر الأمم المتحدة على التعامل معه، بل وإعادة إنتاجه ضاربة بعرض الحائط حق تقرير السوريين لمصيرهم بأنفسهم.

الشعب السوري ومعه الشعب العراقي ومن قبله الشعب الفلسطيني وكثير من شعوب العالم؛ لم تعد تتطلع إلى هذه المنظمة التي لم تعد أداة بأيدي الكبار، وإنما غطاء وأداة بأيدي المستبدين الصغار

كل هذا يشير إلى أن المنظمة الدولية ابتلعت كل قراراتها التي أدانت النظام السوري وحمّلته مسؤولية القتل والتدمير، لتقوم اليوم بتعويمه، وإن كان ذلك قد بدأ منذ أيام الثورة الأولى حين توقفت عن إحصاء قتلى السوريين على يد النظام السوري.

النتيجة أن الشعب السوري ومعه الشعب العراقي ومن قبله الشعب الفلسطيني وكثير من شعوب العالم؛ لم تعد تتطلع إلى هذه المنظمة التي لم تعد أداة بأيدي الكبار، وإنما غطاء وأداة بأيدي المستبدين الصغار. ولعل ما حصل في أفغانستان من توسط دولة قطر بين طالبان والأمريكيين أكبر دليل على فشل المنظمة الدولية في قدرتها على أن تقوم بمثل هذه الوساطات، بعد أن أثبتت أن كل وساطاتها إنما هي لرعاية الاستبداد والطغاة والإجرام ولا علاقة للوساطة بالحيادية والنزاهة، فضلاً عن الوقوف مع الشعوب، ومع المظلوم ضد الظالم المستبد.

كل هذا يحصل والأمم المتحدة وغيرها تراقب شحنات ملايين الحبات من الكبتاغون التي يصدرها النظام السوري، خارقاً بذلك كل القوانين الدولية، ليغرق بذلك الأسواق العالمية وينشر الموت والخراب في العالم كله، ولعل آخرها شحنة مليوني حبة كبتاغون إلى السعودية، ولا يزال البعض يصر على التطبيع معه وإعادة إنتاجه.