أثار انضمام
الجنيه
المصري إلى سلة العملات الروسية تساؤلات حول أهمية هذه الخطوة لاقتصاد البلدين بعد
قرار البنك المركزي الروسي إدراج الجنيه المصري ضمن أسعار الصرف الرسمية مقابل
الروبل، حيث يواجه البلدان أزمة دولار مشتركة.
وقالت وكالة أنباء
"سبوتنيك" الروسية نقلا عن بيان البنك المركزي الروسي، الأربعاء، إن
قائمة العملات الأجنبية التي يحدد سعرها رسميا مقابل الروبل ارتفعت إلى 9 عملات هي
الجنيه المصري والدرهم الإماراتي والبات التايلاندي والروبية الإندونيسية، إلى
جانب عملات أخرى ستتم إضافتها، وهي الريال القطري والدونج الفيتنامي والدينار
الصربي والدولار النيوزيلندي واللاري الجورجي.
وسجل سعر الروبل
الروسي مقابل الجنيه المصري، نحو 43 قرشا، وبذلك ارتفع إجمالي العملات التي يحددها
البنك المركزي الروسي بأسعار يومية رسمية إلى 43 عملة.
وارتفعت قيمة التبادل
التجاري بين مصر وروسيا خلال عام 2021 إلى نحو 4.7 مليار دولار، وبلغت الصادرات
الروسية للسوق المصرية نحو 4 مليارات و178 مليون دولار، فيما بلغت الصادرات المصرية
للسوق الروسية 591.7 مليون دولار، بحسب آخر بيانات أعلنتها وزارة التجارة والصناعة.
احتفاء إعلامي وهبوط
جديد للجنيه
واستبق الإعلام المصري
النتائج المحتملة لتلك الخطوة واحتفى بها بشكل كبير، بل وذهب البعض من الإعلاميين
إلى اعتبارها "ضربة قوية" للدولار الأمريكي، وتطورا في غاية الأهمية،
وهو ذات النهج الذي دأبت عليه السلطات للهروب من الأزمة الحقيقية بتصديرها آمالا
غير واقعية، بحسب مراقبين.
لكن منذ اعتماد الجنيه
المصري ضمن سلة العملات الروسية، فإنه انخفض أمام
الدولار الأمريكي بأكثر من 30
قرشا وهبط من مستوى 29.67 جنيه إلى 29.98 جنيه خلال اليومين الماضين وحتى نهاية
تعاملات الخميس الماضي.
من المستفيد من القرار
وفي تقديره لتلك
الخطوة قال الخبير الاقتصادي، الدكتور إبراهيم نوار: "سوف يخفف انضمام الجنيه
المصري إلى سلة العملات الروسية من احتياج مصر للدولار في تجارتها مع روسيا.. فمصر
تستورد من روسيا بحوالي 5 مليارات دولار سنويا، منها بأكثر من 3 مليارات من القمح، ومعظم
السلع التي تستوردها مصر من روسيا سلع غذائية أساسية وسلع صناعية".
وأضاف
لـ"عربي21": "نظرا لأن روسيا تخضع لعقوبات تحرمها عمليا من التعامل
بالدولار، وتمنعها من استخدام نظام سويفت.. فالحل هو استخدام العملات المحلية أو
استخدام عملة أخرى غير الدولار لتسوية مدفوعات التجارة".
وبحسب نوار فقد "كانت
مصر وروسيا من قبل، خلال فترة الاتحاد السوفييتي، تتعاملان بنظام خاص لتسوية
المعاملات طبقا لاتفاقية التجارة والدفع التي كانت تتيح تسوية المعاملات بصورة
عينية، فكانت مصر على سبيل المثال تصدر الأثاث من دمياط إلى روسيا، ويتم حساب
القيمة بالروبل، وتحصل مصر في مقابل ذلك على سلع صناعية وآلات للمصانع ومواد خام
ووقود من روسيا.. هذا يعني أن الدولتين بينهما تاريخ مشترك من المعاملات التجارية
طبقا لنظام مدفوعات خاص".
إلا أن نوار أشار إلى
أن "المشكلة في النظام الجديد أن مصر لم يعد عندها تقريبا ما تصدره لروسيا
غير الخضروات والفواكه، واختفت قدرتها على تصدير الملابس والمنشورات والأحذية
والأثاث كما كانت تفعل من قبل"، مشيرا إلى أنه "حاليا يوجد عجز تجاري
ضخم تعاني منه مصر مع روسيا، ويجب أن تضع الحكومة استراتيجية تصنيع واضحة تساعد
على تقليل العجز التجاري الفادح بينها وبين روسيا وغيرها من دول العالم".
ورأى أنه "إذا
فشلت مصر في ذلك فستنخفض قيمة الجنيه المصري بسرعة عاما بعد آخر أمام الروبل.. لاحظ
أيضا أن مصر ستبدأ بعد تشغيل المفاعل النووي في الضبعة بسداد أقساط قرض المحطة
النووية الذي يصل إلى حوالي 25 مليار دولار، كما إنها لا تزال تستورد من روسيا سلعا أخرى مثل الوقود والنحاس وغيرها إلى جانب القمح والذرة وزيت الصويا".
استمرار الضغوط على
الجنيه المصري
وتوقعت وكالة فيتش
للتصنيف الائتماني استمرار الضغوط على العملة المصرية في ظل تراكم الواردات وحاجة
البلاد لتوفير المزيد من العملات الأجنبية للإفراج عن البضائع المكدسة بالموانئ.
وقالت وكالة فيتش إنه
من المرجح أن تظل العملة تحت الضغط في عام 2023 نظراً لتراكم الواردات في مصر،
والمقدر بنحو 5.4 مليار دولار (16% من إجمالي الصادرات، أو 15% من الاحتياطي
النقدي للبلاد).
خطوة بانتظار التقييم
من جهته، قال وكيل
وزارة التجارة والصناعة المصرية للبحوث الاقتصادية، عبد النبي عبد المطلب، إن
"القرار خطوة جيدة لا تقل أهميتها عن أهمية اعتماد مصر لليوان الصيني في
المبادلات التجارية والمالية بين البلدين، لكن تتوقف أهمية هذا القرار ومدى نجاحه
على قياس حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا بعد تطبيق القرار، وسوف نحتاج إلى ما بين
6 إلى 9 أشهر لمعرفة جدوى هذه الخطوة".
وأضاف لـ"عربي21":
"إذا نجحت مصر في زيادة حصتها من القمح الروسي ليحل محل القمح الأوكراني
والروماني فسيخفف ذلك من ضغوط الدولار على الجنيه حيث تعد مصر أكبر مستورد للقمح في
العالم بنحو 3 مليارات دولار سنويا".
واستبعد عبد المطلب أن
يتم تداول الجنيه المصري في الخارج سواء في الصين أو روسيا، وقال: "إن
التعامل بالعملة المحلية سيكون قصرا على البنوك في التعاملات التجارية والمالية.. البنك المركزي المصري ليس لديه القدرة على وجود عملة محلية قابلة للتداول في
الأسواق المالية العالمية، ولكن هذا الأمر متاح في المبالغ الصغيرة أو الشخصية عند
التنقل بين البلدين بغرض
السياحة أو العلاج أو التعليم".