شهدت الأيام القليلة الماضية هجوما برلمانيا ضد الحكومة
المصرية الحالية ورئيسها مصطفى مدبولي، مطالبين برحيله، على غير ما تعوده المصريون من نواب
البرلمان المصري بشقيه ونسختيه بالعام 2014 و2018، وحتى اليوم.
المثير في الأمر أن ذلك الهجوم ضد حكومة رئيس النظام المصري عبد الفتاح
السيسي يقوده نواب موالون للسيسي، ومقربون من أجهزته الأمنية والسيادية، وبينهم النائب مصطفى بكري، المقرب من الجيش.
الهجوم غير المسبوق بهذا الشكل في عهد السيسي، يأتي، بحسب مراقبين، لتحميل
حكومة مدبولي، أسباب الفشل الاقتصادي، والعجز المالي، وتفاقم معدلات الديون، واستمرار سياسة الاستدانة، وبيع أصول الدولة، مع أزمات الغلاء والتضخم والفقر، وتوقف الأعمال والمصانع، والمضاربة في العملات الأجنبية والذهب وغيرها من الأزمات.
"هجوم عنيف"
أفردت الصفحات والمواقع التابعة للنظام والمملوكة من المخابرات المصرية مساحات واسعة لحملات الانتقاد تلك، ومطالبات النواب بضرورة رحيل حكومة مدبولي، لكنها في الوقت نفسه لم تشر من قريب أو بعيد إلى السيسي.
ونقل موقع "برلماني"، المتخصص في شؤون البرلمان والتابع لموقع "اليوم السابع"، المملوك للمخابرات المصرية، عن عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، مطالبته برحيل حكومة مدبولي، بالجلسة العامة للمجلس.
وقال بكري، إن "رحيلها ضرورة مهمة لأنها سبب كل الأزمات"، مضيفا أن "الصورة العامة للدولة بالخارج تؤكد الاحتياج لحكومة جديدة تساعد الدولة للخروج من أزماتها، ووجود هذه الحكومة حتى الآن يؤكد أن السلام المجتمعي مهدد ويؤكد تهديد الاستثمار".
ودعا رئيس حزب "العدل"، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، النائب عبدالمنعم إمام، الحكومة إلى الرحيل، قائلا: "بعد سنوات من الإصلاح، الطبقة الوسطى تشحذ، والحكومة فشلت بإدارة الملف الاقتصادي، وعليها أن ترحل لما تسببت فيه من إهدار موارد الدولة".
وطالب عضو مجلس النواب عصام العمدة، مدبولي، بتقديم استقالة حكومته، متهما إياه بالعمل "في اتجاه مخالف تماما لمعاناة الشعب"، لافتا إلى أزمة تفاقم أسعار جميع السلع "بشكل رهيب وفي كل المجالات وبدون أي مبرر".
"بعيدا عن السيسي"
هجوم البرلمان، لاقى اهتمام الإعلامي المقرب من جهات سيادية مصرية عمرو أديب، مؤكدا في برنامج "الحكاية" على فضائية "إم بي سي مصر"، مساء الأحد، أن هذا الهجوم والمطالبة برحيل الحكومة ليس عيبا، ولا شيئا غريبا، ولا يخض أحدا، وأن هذا دور البرلمان.
لكن أديب، سار على منوال بكري، مؤكدا أن هذا الهجوم البرلماني على الحكومة وليس على الدولة، في إشارة إلى "نظام السيسي".
وكان بكري، قد غازل نظام السيسي، قائلا: "القيادة السياسية (السيسي) تعمل ليلا نهارا ولا أحد بجوارها"، مؤكدا أننا "بحاجة إلى التغيير الهام والجذري لمساعدة القيادة السياسية على المزيد من الأداء وإخراج البلاد من أزماتها".. وسط تساؤلات عن دوافع هذا الهجوم.
"خدعة مبتذلة"
وفي إجابته، قال السياسي والناشط المصري المعارض حسن حسين، لـ"عربي21": "ليس لدى السيسي، أية مشكلة في توجيه سهام النقد للحكومة والهجوم عليها"، مؤكدا أن "الحكومة مجرد مؤسسة وأداة لدى النظام، يمكن تغييرها كل يوم".
وأوضح أن "تغيير الحكومات سياسة متبعة لكل الأنظمة الفاسدة والمستبدة، تعمل على تهدئة موجات السخط والغضب الجماهيري، وتمنحها فرصا زمنية جديدة لاستكمال عدوانها على الشعب ومواصلة تخريب المصالح العليا للوطن".
وقال حسين: " تغيير الحكومة محض خدعة مبتذلة، وهجوم أتباع النظام هو مجرد مسرحية مفتعلة، تصب كل نتائجها لصالح النظام.. ولا مانع أبدا من التضحية ببعض الحكومات من أجل بقاء النظام وتواصل سياساته".
"هجوم غير مقنع"
وقال الكاتب المعارض محمد فخري: "حتى بسطاء المصريين يعلمون أن مجلس الوزراء مجرد سكرتارية لتسيير الأعمال وتنفيذ القرارات التي تُتخذ من قبل رأس النظام، وبالتالي فهم أنفسهم لا يحملون مجلس الوزراء شيئا ولا يطالبونه بأمر".
وأضاف لـ"عربي21": "وفي نفس الوقت أغلبية الشعب والجهات الرسمية يعلمون أن من يسمون بأعضاء مجلس النواب هم أنفسهم تم اختيارهم بعناية من قبل الأجهزة وغير منتخبين، وبالتالي فإنه لا يعتد بمواقفهم تجاه الحكومة أو الشعب".
وخلص فخري، إلى القول إن "المواطن لن يتعاطى مع تمثيلية معارضة البرلمان للحكومة ومحاولة تحميلها مسؤولية ما حدث من انهيار اقتصادي وسياسي".
وأكد أن "الحكم فردي والقرار بيد شخص مهم حاول امتصاص غضب الناس وكراهيتهم للنظام الناجمة عن سياسات القهر والإفقار والتفريط".
ويعتقد أن "ذلك الهجوم منظم وسخيف وغير مقنع؛ ووتيرة الانحدار سريعة جدا ولا حل مسرحيا لها، نحن أمام حادث قطار تعرض جميع ركابه للهلاك نتيجة رعونة وعدم كفاءة وانعدام خبرة السائق، إضافة إلى أهدافه غير المشروعة، ووسط أكوام الضحايا وأنات المصابين".
وقال ساخرا: "وفجأة نسمع صوت ميكروفون الإذاعة الداخلية حيث يسب السائق ملاحظي التذاكر طالباً منهم مغادرة قطاره لإكمال المسير".
"فليرحل الجميع"
الحديث عن رحيل الحكومة في أغلب الفضائيات المصرية لفت انتباه المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط توقعات البعض بأنه تمهيد لرحيل حكومة مدبولي.
وطالب بعض رواد مواقع التواصل الجميع بالرحيل، سواء كانت الحكومة أو مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو حتى الأحزاب.