نشرت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية تقريرًا، ذكرت فيه أن نادي أتلتيكو مدريد، وبخروجه من دوري الأبطال وعدم تمكنه حتى من التأهل للدوري الأوروبي، فلن يشارك في أي مسابقة أوروبية، لأول مرة منذ 12 سنة، ويبدو أن الفريق فقد تلك الصلابة التي غرسها المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني والتي أوصلته لنخبة كرة القدم العالمية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن أتلتيكو مدريد لم يعد له مكان في الساحة الكروية؛ فبعد عقدين كاملين من الاعتقاد بأنه يمكن أن يكون جزءًا من نخبة كرة القدم الأوروبية، خاصة مع وصوله لنهائي دوري الأبطال في مناسبتين، ولكن، مع تراجع نتائجه، يبدو أن فكر المدرب سيميوني والذي أصبح يعرف "بالسيميونية"، قد انتهى مفعوله.
وحسب الصحيفة؛ قد لا يتحمل دييغو سيميوني المسؤولية في هذا التراجع الرهيب لنتائج النادي؛ كما قد يكون ذلك الفكر الذي عُرف به في السنوات الأخيرة، مجرد وهم انتهى مفعوله الآن، ليعود الأتليتيكو إلى سابق عهده.
وتضيف الصحيفة في نفس السياق؛ أنه وعلى مدار عقدين من الزمن، كان هناك اعتقاد سائد بأن أتليتيكو مدريد قد يصبح جزءًا من نخبة كرة القدم الأوروبية، وهذا الاعتقاد لم يخدع مشجعي "الروخي بلانكوس" فحسب، بل مشجعي كرة القدم بشكل عام، خاصة مع النتائج التي حققها في دوري الأبطال؛ حيث رأينا أقوى الأندية الأوروبية تستسلم أمام الأتليتيكو، وتعجز عن اختراق دفاعه القوي، من برشلونة إلى بايرن ميونيخ، ووحده ريال مدريد تمكن من فك هذه الشفرة التي استعصت على أعتى كبار كرة القدم في القارة.
ميركاتو بلا حدود
وحسب الصحيفة دائمًا، فإن أكبر خطأ ارتكبه الأتليتيكو، هو اندفاعه المتهور إلى سوق انتقالات اللاعبين "الميركاتو"، وإلّا كيف نفسر إقدامه على إنفاق 127 مليونًا لشراء اللاعب جواو فيليكس؟
ووفقًا للصحيفة؛ فربما لم يتأثر النادي ماديًا بهذه الصفقة، حيث قبلها بأيام باع اللاعب الفرنسي انطوان غريزمان إلى برشلونة مقابل 120 مليونًا، -قبل أن يسترجعه الموسم الماضي-، وقد كانت هذه ميزته دائمًا، حيث ينفق أقل مما يبيع، لكن الأمر يتعلق بجودة اللاعبين المنتدبين، إذ لم يكونوا بمستوى النجوم المغادرين أمثال أجويرو وفالكاو ودييغو كوستا.
موسم مخيّب
وأشارت الصحيفة إلى أن الأتلتيكو يمضي أسوأ موسم له منذ أكثر من عقد؛ حيث خرج من دوري أبطال أوروبا باحتلاله المركز الأخير في مجموعته، وهو ما يعني عدم مشاركته حتى في الدوري الأوروبي "اليوروبا ليغ"؛ فقد فشل في حجز مكان له بخسارته في الجولة الأخيرة أمام بورتو البرتغالي، ما يعني الخروج من أي منافسة أوروبية هذا الموسم، وهو أمر لم يحدث للنادي منذ 12 سنة.
وفي الحقيقة؛ يرفض اللاعبون أنفسهم تحميل المدرب مسؤولية الإخفاق، حيث صرّح المهاجم غريزمان بأنه مقتنع بأن سيميوني هو أقل مشاكل أتلتيكو، وأضاف: "أنا فخور بالعمل معه؛ نحن نتحمل المسؤولية كفريق، لأننا لم نلتزم بتوجيهاته".
راتب سيميوني، هل هو في خطر الآن؟
وتلفت الصحيفة إلى أن سيميوني، هو المدرب الأعلى أجرًا في العالم حاليًا، حيث يحصل على ما مجموعه 40 مليونًا في الموسم الواحد، والأكيد أن تراجع النتائج قد تؤدي إلى مراجعة أجره من النادي. المدرب نفسه قال إنه ليس قلقًا من تراجع النتائج، وبأنه سيحاول معرفة أسباب عدم استجابة الفريق هذا الموسم، وهو المدرب الذي اعتاد في عصر الأتليتيكو الذهبي، على إيجاد الحلول في وقت قصير جدًا، فهل ينجح في ذلك الآن أيضًا.
هل فقد أتليتكو مدريد شهية الألقاب؟
وبعد الخسارة في الجولة الأخيرة من دوري الأبطال، صرّح قائد الفريق، خوسيما خيمينيز قائلًا: "لا أستطيع أن أجد تفسيرًا لما حدث لنا اليوم، أو لما يحدث لنا هذا الموسم"، مضيفًا: "تبدو الحصص التدريبية رائعة، ولكن عندما يحين وقت المباراة لا نلعب بشكل جيد".
وبالمقابل؛ فإن أحد المبادئ الأكثر شهرة في فكر سيميوني هو: "إذا لعب الفريق جيدًا فذلك لأنه تدرب جيدًا"، وهذا يعني- حسب الصحيفة - أن الفريق - بما أنه لا يلعب جيدًا - فإنه على عكس ما ادعى خيمينيز، لا يتدرب جيدًا، أي أن فكر المدرب انتهى مفعوله السحري، وهذا ما يفسره الخروج المبكر من المنافسات الأوروبية، فالفريق يفتقد للفكر التكتيكي. ذلك الفكر الذي جعله لسنوات طويلة يتلقى من منافسيه هدفًا واحدًا على الأكثر، في أغلب المباريات التي خاضها.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا يعني أن فريق سيميوني أصبح يفتقد لتلك الروح التي أوصلته إلى قمة الكرة الأوروبية، وجلبت له ألقابًا عديدة منها الدوري الإسباني مرتين والدوري الأوروبي في مناسبتين، بالإضافة إلى وصوله مرتين إلى نهائي دوري الأبطال. ببساطة؛ لقد فقد هذا الفريق الشهية للفوز بالألقاب.
وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن الفريق يفتقد أيضًا للميزة الأساسية التي ميزته لسنوات عديدة وهي صلابة الدفاع، وهذا هو بالتحديد جوهر الفكر السيميوني، ولهذا السبب فإن الأزمة شاملة لأن الفريق بلا روح ولا دفاع، ومن دون هذين العاملين، لا يمكن أن ينجح أتلتيكو مدريد بقيادة دييغو سيميوني، وسيكون تحديد الأسباب والمسؤولين عن هذا التراجع الدراماتيكي في الهوية، ضروريًا للبدء من جديد.
أتلتيكو مدريد يعود لسكة الانتصار بفوز ثمين خارج الديار