سياسة عربية

هل ينهي اتفاق تونس مع صندوق النقد أزمتها الاقتصادية؟

الأوضاع الاقتصادية للتونسيين ازدادت صعوبة منذ انقلاب سعيد- الأناضول
أعلنت الحكومة التونسية مساء السبت، عن إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بعد مفاوضات تجاوزت السنة ما يطرح تساؤلات بشأن قدرة القرض بقيمته، على حل أزمات البلاد.

واتفق الوفد التونسي مع خبراء من الصندوق، على إقراض تونس 1.9 مليار دولار على مدة أربع سنوات، في الوقت الذي سعت فيه الحكومة التونسية للحصول على 4 مليارات دولار، لتمويل العجز والقيام بإصلاحات هيكلية كبرى.

وتعرف تونس منذ أشهر أزمة اقتصادية أثرت بصفة كبيرة على الوضع الاجتماعي، خاصة مع فقدان مواد أساسية عديدة وارتفاع الأسعار وآخرها أزمة نقص المحروقات، وتواصل انهيار قيمة الدينار التونسي.

وسجلت تونس مع نهاية شهر أيلول/ سبتمبر المنقضي نسبة تضخم هي الأعلى بلغت 9.1 بالمائة بعد أن كانت في حدود 8.6 خلال شهر آب/ أغسطس المنقضي.


حل أم مشكل؟

وقال الدكتور محمد النوري في قراءة خاصة لـ"عربي21" بخصوص اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي، إن "هذا الاتفاق المبدئي الذي تم على صعيد الخبراء خطوة ضرورية لتفادي الإعلان عن الإفلاس الذي كانت البلاد على قاب قوسين أو أدنى منه خصوصا بعد الإغراق في مطب التمويل الداخلي دون ضوابط، جراء انسداد كل الأبواب للتمويل الخارجي".

واعتبر الدكتور النوري أن "الاتفاق سيحل مشكلة ظرفية ويعمق مشكلة هيكلية، فالبلاد تعيش أزمة مديونية غير مسبوقة حيث يبلغ حجم الدين العام ما يناهز الـ35 مليار دولار أي ما يفوق 90% من الناتج الإجمالي".

 

اقرأ أيضا: تونس ترفع أسعار غاز الطهي والوقود.. ما علاقة "النقد الدولي"؟


وأوضح محدثنا أن "المبلغ المعلن عنه من الصندوق وهو 1.9 مليار لا يغطي سوى جزء ضئيل من الفجوة المالية التي تعاني منها البلاد وهي ربع العجز الجاري في الميزانية (25 مليار دينار) دون اعتبار العجز التجاري المتفاقم الذي تجاوز بدوره الـ25 مليار دينار وبالتالي فلا يمثل المبلغ المتفق عليه من الصندوق إلا نسبة 12 بالمئة من حاجيات البلاد المستعجلة".

ويرى الدكتور النوري أن الاتفاق يساعد الحكومة على الولوج الى السوق المالية الدولية سواء الاطار الثنائي مع الدول أو المتعدد الأطراف من مؤسسات مالية دولية وإقليمية ولكن سيكون ذلك بشروط مجحفة باعتبار الدرجة السفلى والمتدنية جدا لتونس في سلم الترقيم السيادي".

رسالة سياسية

وقال الوزير السابق للشؤون الاقتصادية ونائب رئيس مجلس المستثمرين في أفريقيا رضا السعيدي، في تصريح خاص لـ"عربي 21" إن "الاتفاق فني وهو خطوة تعد منقوصة بانتظار القرار النهائي في كانون ثاني/ ديسمبر القادم، وأعتقد أنه قرار سياسي فنحن نعلم أن الاتفاق النهائي في نفس الشهر للانتخابات التشريعية".

وشدد الوزير السابق قائلا: "من المستحيل أن يكون الاتفاق مع صندوق النقد حلا للأزمة التي تعرفها البلاد، 1.9 مليار دولار على 4 سنوات غير كاف وحتى إن طلب الحكومة كان 4 مليارات دولار إذ إن احتياجات الدولة أكثر بكثير من المبلغ الممنوح".

ولفت رضا السعيدي "إلى أهمية الاتفاق الأولي فانتظار القرار السياسي النهائي، والذي ربما يكون مرتبطا بمدى التزام السلطة الحالية برزنامة الانتخابات وماذا سيحصل بها، فاليوم هناك جدل كبير بخصوص الانتخابات، هل هي حقيقية أم تمثيلية أم إقصائية شكلية؟".

وبين السعيدي أن الاتفاق المبدئي مهم من حيث إنه نوع من المتنفس للبلاد، فالمجتمع الدولي الذي يتابع ما يحصل في تونس وله مصلحة بها لا يريد حدوث انهيار لأن حدوث ذلك يؤثر حتى على الدول الجارة لتونس "الجزائر ليبيا وحتى الاتحاد الأوروبي، وكمثال على ذلك الهجرة غير النظامية والمتواترة وخاصة في المدة الأخيرة".

وشدد الخبير الاقتصادي على أن "وضع البلاد صعب للغاية، والحكومة عاجزة وأن الشركات الأهلية، أبدا لن تكون حلا، وأيضا الحديث عن حرب لمقاومة الفساد هي مجرد كلام لا قيمة له لأن الفساد ينخر محيط الدولة والسلطة الحالية".

وختم قائلا: "الأولويات اليوم هي إعادة مسار الإنتاج وإعطاء قيمة العمل والاستثمار، المؤشرات كلها حمراء والاحتقان الاجتماعي ينذر بالانفجار في حال عدم اتخاذ قرارات حازمة والابتعاد عن الشعبوية".

من جهته قال الخبير المحاسب (نائب بالبرلمان المنحل) هشام العجبوني: "هذا الاتفاق ليس حلا للأزمة الاقتصادية ولكنه حل جزئي للأزمة المالية، تونس لها حاجيات كبيرة بالعملة الأجنبية".

وأشار الخبير المحاسب في تصريح لـ"عربي21"، إلى أن "التسويق للاتفاق على أنه إنجاز كبير، إنما هو حل نسبي، والإيجابية الوحيدة هي فتح الأبواب للقروض الثنائية، مع الدول أو من طرف المؤسسات المالية المانحة، والتقليص من الترقيم السلبي".

ونبه العجبوني إلى أن "القرض لا يفي بالغرض، وسيتضمن شروطا قاسية، ففي حال كان هناك تطبيق للإصلاحات يتم صرف المبلغ وبخلاف ذلك يتم التعطيل، هناك غياب للشفافية بخصوص الاتفاق الحاصل".

وأكد هشام العجبوني أن "الإنفاق المبدئي هو قرار سياسي، ومن الواضح أنهم غير راضين عن الوضع بتونس، ولا يريدون سقوطها في الفوضى والانهيار ولكن في نفس الوقت هم حذرون ولديهم مخاوف كبرى".