يستذكر اللبنانيون اليوم الخميس، مرور عامين كاملين على كارثة انفجار مرفأ بيروت، التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص، بالإضافة إلى آلاف الجرحى.
ويخشى الشارع اللبناني من فشل القضاء في محاسبة المتورطين والمتسببين جراء تقصيرهم بوقوع الكارثة التي أدت إلى أضرار ضخمة طالت أحياء سكنية بأكملها.
وأعربت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، الأربعاء، عن قلقها إزاء عدم إحراز تقدم في المسار القضائي المتعلق بانفجار مرفأ بيروت.
ودعت المجموعة، في بيان، السلطات اللبنانية إلى "بذل كل ما بوسعها لإزالة كافة العقبات التي تحول دون إجراء تحقيق محايد وشامل وشفاف في انفجار المرفأ".
وأضافت أن "متابعة المسار القضائي تعد متطلبا ضروريا لاستعادة مصداقية مؤسسات الدولة اللبنانية وضمان احترام سيادة القانون وإرساء مبادئ المساءلة وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب".
وأعربت المجموعة، عن "القلق البالغ بشأن التأثيرات الحادة للأزمة الاقتصادية على كافة شرائح المجتمع اللبناني"، وحثث "السلطات اللبنانية على تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات جوهرية".
وتضم المجموعة التي تأسست في سبتمبر/ أيلول 2013، كلا من الأمم المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، بهدف حشد الدعم والمساعدة لاستقرار لبنان وسيادته ومؤسسات دولته.
اقرأ أيضا: منظمات دولية تطالب ببعثة تقص للحقائق بانفجار مرفأ بيروت
وقبل أيام، وبمناسبة الذكرى السنوية الثانية للانفجار، قالت 11 منظمة حقوقية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، في بيان، إنها تدعو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خلال دورته المقبلة في أيلول/ سبتمبر القادم، إلى "طرح قرار لإرسال بعثة مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق في الانفجار".
وأضافت أن من شأن هذا القرار "أن يحدد الحقائق والملابسات، بما في ذلك الأسباب الجذرية للانفجار، بغية تحديد مسؤولية الدولة والأفراد، ودعم تحقيق العدالة للضحايا".
وتابعت المنظمات بأنه "بعد مرور عامين لم يتقدم التحقيق المحلي، وما من بوادر تقدُّم تلوح في الأفق".
مسيرات مرتقبة
ينظم أهالي الضحايا، الذين يخوضون رحلة شاقة من أجل تحقيق العدالة، مسيرات تنطلق بدءاً من الثالثة عصراً من ثلاثة مواقع ذات رمزية في بيروت وصولاً الى المرفأ، الذي تلتهم النيران مخزون الحبوب في إهراءاته المتصدعة منذ أسابيع.
تنطلق المسيرة الأولى من أمام قصر العدل، بينما تنطلق الثانية من مقرّ فوج الإطفاء، مجسّدة الرحلة الأخيرة لتسعة عناصر من فوج الإطفاء هرعوا الى المرفأ قبل وقت قصير من وقوع الانفجار.
وتنطلق الثالثة من وسط بيروت، قلب التظاهرات الشعبية المناوئة للطبقة السياسية المتهمة بالتقصير والإهمال والفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.
تنكيس العلم
ونكس العلم اللبناني الخميس، في القصر الجمهوري والمقار الرسمية، حدادا على ضحايا انفجار مرفأ بيروت، في الذكرى الثانية.
ونشر حساب رئاسة الجمهورية اللبنانية عبر "تويتر" صورة للعلم منكسا في القصر الجمهوري.
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) August 4, 2022
ويأتي إحياء الذكرى، بعد أيام من انهيار جزء من الصوامع الشمالية، أعقب أسابيع من حريق مستمر نجم وفق مسؤولين وخبراء عن تخمّر مخزون الحبوب جراء الرطوبة وارتفاع الحرارة. ويحذر خبراء من خطر انهيار وشيك لأجزاء إضافية في الساعات المقبلة.
يُعدّ الانفجار الذي وصلت أصداؤه لحظة وقوعه الى جزيرة قبرص، من أكبر الانفجارات غير النووية في العالم. وأحدث دماراً واسع النطاق، شبيها بالدمار الذي تسبّبه الحروب والكوارث الطبيعية.
وفاقمت الكارثة من حدّة الانهيار الاقتصادي غير المسبوق المستمر منذ خريف 2019 والذي جعل غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر. وسرّعت من وتيرة الهجرة خصوصاً في صفوف الشباب الباحثين عن بدايات جديدة.
ويؤجج تعليق التحقيق منذ نهاية 2021 غضب الأهالي المنقسمين بدورهم إزاء عمل المحقق العدلي طارق البيطار الذي يواجه دعاوى رفعها تباعاً مُدعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون.
ويثير التحقيق انقساماً سياسياً مع اعتراض قوى رئيسية أبرزها حزب الله على عمل البيطار واتهامه بـ"تسييس" الملف.
ويقول مصدر قضائي مواكب لمسار التحقيقات إن "البيطار واثق بأن التحقيق سيصل الى نهاياته" بعدما "بلغ مراحل متقدمة جداً".
وينتظر البيطار، وفق المصدر ذاته، "البتّ بالدعاوى ضده" ليستأنف في حال ردها تحقيقاته، ويتابع "استجواب المُدعى عليهم" تمهيداً لختم التحقيق.
ودخل لبنان في أزمة سياسية جديدة بسبب الانفجار، إذ رفضت القوى السياسية استدعاء شخصيات محسوبة عليها للتحقيق في دورهم بالكارثة التي جاءت إثر انفجار 2750 طناً من نيترات الأمونيوم.
وخلصت تحقيقات دولية إلى أن شحنات نترات الأمونيوم المجهولة، كانت قد وصلت إلى مرفأ بيروت في العام 2013.