سياسة تركية

ما إمكانية تنفيذ مشروع نقل غاز الاحتلال عبر تركيا إلى أوروبا؟

لا يعد "الغاز الإسرائيلي" عبر تركيا بديلا عن الغاز الروسي لأوروبا- الأناضول

تسعى تركيا من خلال تعزيز علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، للدفع قدما بمشروع أنبوب غاز من السواحل الفلسطينية المحتلة في البحر الأبيض المتوسط لإيصاله إلى أوروبا عبرها.

 

وقال مراسل الشؤون السياسية في قناة كان العبرية، عميخاي شتاين، إن الجهات التركية التقت مؤخرا مع جهات أمريكية وأن الأخيرة تدفع باتجاه إشراك دولة الاحتلال في أنبوب الغاز من الآبار الإسرائيلية عبر تركيا إلى أوروبا.


وأوضح شتاين أنّ هذه الخطوة قد توقف الارتباط الأوروبي بالغاز الروسي، وذلك بإحلال الغاز الإسرائيلي بديلا عنه، عبر أنبوب يمر من تركيا وصولا إلى أوروبا.

 

وكان الرئيس أردوغان، قال الشهر الماضي في تصريحات له، إن تركيا و"إسرائيل" يمكنهما العمل معا لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا.

 

وتثار التساؤلات حول مدى إمكانية تحقيق مشروع نقل الغاز من دولة الاحتلال إلى أوروبا عبر تركيا، في ظل معضلات سياسية تتفاقم بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، كما أن تساؤلا آخر يبرز إن كان ذلك يعد بديلا عن الغاز الروسي في ظل الحرب على أوكرانيا؟

 

مدير الهيدروكربونات في رابطة شركات الطاقة في دول البحر الأبيض المتوسط، سوهبيت كاربوز، شدد على أن أهم شرط لتنفيذ مشروع خط الأنابيب هو ضمان مدخل ومخرج الغاز في الخط، ويجب على البائع والمشتري توقيع مذكرة تفاهم، ويبقى المشروع الذي لا يشارك فيه البائع حبرا على ورق.

 

اقرأ أيضا: تركيا تدفع بخطة لإرسال غاز الاحتلال إلى أوروبا عبر أراضيها

 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن مشروع خط أنابيب "ميد إيست" الذي بموجبه يتم نقل الغاز من "إسرائيل" إلى اليونان غبر قبرص وكريت، كان من أبرز عوائقه عدم تضمين الشركات التي ستوفر الغاز بالاتفاق.

 

وتابع الخبير التركي، أنه من المهم بشكل خاص ما تفكر به شركات النفط راتيو وشيفرون وديليط الشركاء في حقل ليڤياثان بشأن إمكانية إنشاء خط أنابيب ينقل الغاز إلى تركيا.

 

وأشار إلى أن الخطة الحالية لهذه الشركات تتمثل في مضاعفة الإنتاج من خلال تنفيذ المرحلة الثانية في موقع ليڤياثان وتسليم هذا الغاز إلى محطات تسييل الغاز الطبيعي المسال في مصر عبر خط أنابيب، أو تصديره إلى الأسواق الدولية بمصنع عائم لتسييل الغاز الطبيعي المسال، ولذلك يجب عدم الخوض بهذا الموضوع دون رؤية واضحة.

 

وحول إمكانية اعتبار "الغاز الإسرائيلي" بديلا عن الروسي، أوضح الخبير التركي أنه لا يمكن ذلك، لأن كمية الغاز الذي ينتقل من "إسرائيل" إلى الأسواق الأوروبية عبر خط الأنابيب تبلغ 10 مليارات لتر مكعب فقط، في حين أن كمية الغاز الذي تبيعه روسيا للاتحاد الأوروبي نحو 155 مليار متر مكعب.

 

ونوه الخبير التركي لـ"عربي21"، إلى أن هناك العديد من العقبات أمام مشروع خط الأنابيب الإسرائيلي التركي، بما فيها كمية الغاز المباع والمشترى، والأسعار وشروط العقد والتي تبرز بالدرجة الأولى، وهذا الأمر ليس بالشيء الذي يمكن القيام به على الفور.

 

أما المعيق الآخر بحسب كربوز، فهو المسار الذي سيمر عبره خط الأنابيب، ومرور الخط عبر المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص اليونانية سيسهم في تفاقم العديد من المشاكل السياسية.

 

وأضاف أن إنشاء مثل هذا الخط قبل حل المشكلة القبرصية سيؤجج العديد من الإشكاليات، والبديل عن ذلك أن يمر خط الأنابيب عبر المناطق الاقتصادية الخالصة للبنان وسوريا، وهذا أيضا سيجلب معه مجموعة مشاكل سياسية أخرى.

 

وأكد أنه لا شك في أن أحد أكثر الطرق جدوى تجاريا لنقل الغاز الإسرائيلي إلى الأسواق الأوروبية هو خط الأنابيب عبر تركيا، ومع ذلك فإن أفضل وأرخص مسار هو خط أنابيب الغاز الطبيعي العربي، والذي لا يزال معظمه معطلا حتى اليوم، وهو يبدأ من مصر ويمتد عبر الأردن إلى حلب في سوريا.

 

وتابع، بأنه عند اكتمال المسار الذي يبلغ طوله مئة كيلومتر من حلب إلى الحدود التركية، فقد يتم ربط خط الأنابيب هذا بشركة "بوتاش" التركية "BOTAŞ" لأنابيب النفط والغاز الطبيعي.

 

 

 

الخبير التركي مته سوهتا أوغلو، في حديث لـ"عربي21" أكد أن كمية الغاز المملوكة لمصر و"إسرائيل" لن تكون كافية مقارنة بالكمية التي تقدمها روسيا وحدها لأوروبا، لكن هذا الغاز من الممكن أن يساعد في تخفيف التخفيضات المفاجئة.

 

وأضاف أن صفقة الغاز الطبيعي المحتملة مع "إسرائيل" ستعزز استراتيجية تركيا لتصبح مركزا للطاقة، ويمنحها ميزة لعزل الأطراف التي كانت تعارضها.

 

ونوه إلى أن تركيا يبلغ استهلاكها من الغاز ما بين 55- 60 مليار متر مكعب، ولديها ثلاثة موردين رئيسيين، روسيا وأذربيجان وإيران، بالإضافة إلى نسب منخفضة من الغاز الطبيعي المسال من الجزائر.

 

وذكر أن بيع الغاز لسوق عالية الاستهلاك مثل تركيا، يعد أمرا جذابا لـ"إسرائيل"، كما يقلل نقله من "السواحل الإسرائيلية" (فلسطين المحتلة)، من إمكانية استبعاد تركيا في شرق المتوسط ليس فقط اقتصاديا بل أيضا من ناحية سياسية.

 

وتابع بأن نقل "الغاز الإسرائيلي" إلى أوروبا عبر تركيا، أيضا يخضع للنقاش لأسباب عدة، منها موقف اليونان وقبرص اليونانية، تكلفة الغاز والتي ستكون عالية وإن لم تكن بمستوى تكلفة مشروع "إيست ميد".

 

اقرأ أيضا: أمريكا تتبنى موقف تركيا وتسحب دعمها لمشروع "إيست ميد"
 

كما أنه ومن منظور أزمة المناخ، فإن الاتحاد الأوروبي يريد خفض حصة الغاز الطبيعي في سلة الطاقة بنسبة 25 بالمئة بحلول عام 2030، وإلغاءها بحلول عام 2050، وفي هذه المرحلة فإن خيار الغاز الطبيعي المسال يبدو أكثر قابلية من خطوط الأنابيب الدائمة، بحسب الخبير التركي.

 

ونوه إلى أن الطرح التركي يأتي في الوقت الذي تم بالفعل الانتهاء من بناء خط "نورد ستريم 2" بسعة 55 مليار لتر مكعب، ورغم أن ذلك سيزيد من التبعية لروسيا إلا أن الخط جاهز.

 

وأوضح أنه إذا قامت شركة غازبروم بتزويد الغاز من هناك بسرعة أرخص من الخط القادم من "إسرائيل"، فإن الجاذبية تجاه "الغاز الإسرائيلي" ستنخفض.

 

ورأى أنه وبالنظر إلى السياسة العامة للاتحاد الأوروبي والظروف الاقتصادية، يبدو من المرجح أن يبقى هذا الغاز إذا تم إنشاء الخط، داخل تركيا.