في جلسة شابها جدل، وتعرض فيها الأعضاء لضغوط بل وإطلاق نار بأسلحة خفيفة ومتوسطة، قرر أغلبية أعضاء
المجلس الأعلى للدولة في
ليبيا رفض قرارات البرلمان (قرار تعديل الإعلان الدستوري وقرار تعيين رئيس حكومة جديد). وينبغي التنبيه إلى أن تغيرا وقع في موقف عدد من أعضاء مجلس الدولة، في مقدمتهم رئيسه خالد المشري، والذين جنحوا في أول الأمر إلى الموافقة على قرارات
البرلمان ثم عادوا ووقفوا موقفا معارضا، ظاهريا على الأقل، ذلك أن بعض أعضاء المجلس رأوا في طريقة إدارة الجلسة من قبل الرئيس تعطيلا لعملية التصويت وعرقلة لسير الجلسة.
ومع كل ما قيل عن الضغوط التي تعرض لها الأعضاء المؤيدون لقرارات البرلمان ضمن المجلس الأعلى للدولة، وعن عدد الحضور يوم التصويت، وموقف الرافضين، إلا أنه يمكن القول إن القرار النهائي للمجلس هو الاعتراض، فكل ما احتج به المتحفظون على تصويت الأعلى للدولة بلا على التعديل الدستوري وتعيين رئيس جديد للحكومة، وقع فيه البرلمان قديما وحديثا، بما في ذلك جلسة التصويت على التعديل الدستوري وتعيين رئيس جديد للحكومة، وهم قبلوا بتلك القرارات.
وهنا أسجل مسألة جوهرية، وهي أن المنطق العقلاني والاحتجاج بالنصوص القانونية للقدح في ما صدر عن الأعلى للدولة، يفقد قيمته ومصداقيته عندما يتفنن المعترضون في نهجهم الموضوعي ضد خيارات الأعلى للدولة، ويغضون الطرف عن الخروقات الكبيرة التي وقع فيها البرلمان، والتي تصادم الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي واللوائح المنظمة لإدارته، ويجعل اعتراضهم سياسيا مصلحيا بامتياز، مهما تدثر بالدستور والقانون.
المنطق العقلاني والاحتجاج بالنصوص القانونية للقدح في ما صدر عن الأعلى للدولة، يفقد قيمته ومصداقيته عندما يتفنن المعترضون في نهجهم الموضوعي ضد خيارات الأعلى للدولة، ويغضون الطرف عن الخروقات الكبيرة التي وقع فيها البرلمان، والتي تصادم الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي واللوائح المنظمة لإدارته، ويجعل اعتراضهم سياسيا مصلحيا بامتياز
الموقف الأخير للأعلى للدولة، يضيف بعدا مهما للنزاع الحالي؛ فالبرلمان أسس مشروعية قراراته على التوافق وتأييد الأعلى للدولة، وتصويت الأعلى للدولة برفضها ينسف هذا الأساس. ويتجلى الخلل في قرارات البرلمان وحجة التوافق، مع تأكيد عدد كبير من أعضاء المجلس الأعلى للدولة أن الاتفاق السياسي يلزم البرلمان بإجراء التعديل في الإعلان الدستوري، دون التغيير في بنوده التي تم التوافق عليها، حيث إن البرلمان استدرك على سبع نقاط من التعديلات المتوافق عليها، اثنتان منها جوهرية، دون علم أو موافقة الأعلى للدولة.
من ناحية أخرى، وفّر تصويت الأعلى للدولة بلا على قرارات البرلمان غطاء سياسيا من جسم رسمي وشريك في العملية السياسية للجبهة العريضة السياسية والاجتماعية والمجتمعية والعسكرية، التي رفضت قرارات البرلمان، وهذا له أهميته في الضغط على البرلمان، وفي دفع الأطراف الدولية إلى التفكير قبل الانجرار إلى دعم قرارات الأخير.
وفّر تصويت الأعلى للدولة بلا على قرارات البرلمان غطاء سياسيا من جسم رسمي وشريك في العملية السياسية للجبهة العريضة السياسية والاجتماعية والمجتمعية والعسكرية، التي رفضت قرارات البرلمان، وهذا له أهميته في الضغط على البرلمان، وفي دفع الأطراف الدولية إلى التفكير قبل الانجرار إلى دعم قرارات الأخير
ومما لا شك، فيه أن الزخم الذي أخذه التيار المعارض لقرارات البرلمان بإضافة قرار الأعلى للدولة بخصوصها، سيلقي بظلاله على عملية تشكيل الحكومة التي شرع فيها
فتحي باشاغا، إذ يضعف هذا الزخم موقف
باشاغا في الغرب الليبي، مما يعرضه إلى ضغوط أكبر من قبل جبهة طبرق- الرجمة فيما يتعلق بالوزارات الحيوية. وكلما اقترب باشاغا من طبرق والرجمة في شكل الحكومة، تعذر عليه استقطاب شخصيات لها وزنها ضمن الجبهة الغربية، مما يقدح بالتوافق والمشاركة العادلة التي جعلها باشاغا ضابطا أساسيا لسياساته.
الموقف الدولي حاكم في إدارة الأزمة الجديدة وتحديد اتجاه حلها، وإذا انحازت البعثة الأممية ومستشارة الأمين العام والأطراف الدولية الفاعلة للبرلمان، فهذا يعني أن باشاغا سيجد متنفسا للمضي في فرض حكومته، وهو لا يعدم الجرأة أو السند للمضي في هذا الخيار، وسيلقى مقاومة، إلا أني أتصور أنها لن تكون صدى للزخم الذي تعاظم منذ اتخاذ البرلمان قرارته في العاشر من الشهر الجاري.
رحجان كفة أحد الطرفين (الحكومتين) على الآخر، سيعتمد على حيازة سلطة المال، أي قبول المصرف المركزي به كحكومة شرعية، ومن تجارب سابقة، فإن محافظ المصرف المركزي يميل إلى حيث تميل الأطراف الدولية الفاعلة، خاصة الولايات المتحدة
أما إذا ترددت البعثة والأطراف الدولية بخصوص قرارات البرلمان ورأت في موقف الأعلى للدولة مبررا للتوقف والبحث عن مسار لاحتواء النزاع، فإن عملية فرض أمر واقع من قبل باشاغا ستكون محفوفة بمخاطر، وهذا التحليل يعزز العودة لتجربة الحكومتين؛ لأن البرلمان لن يتراجع عن قراره وباشاغا سيستمر في التمسك بما يعتبرها الحكومة الشرعية.
أعتقد أن رحجان كفة أحد الطرفين (الحكومتين) على الآخر سيعتمد على حيازة سلطة المال، أي قبول المصرف المركزي به كحكومة شرعية، ومن تجارب سابقة، فإن محافظ المصرف المركزي يميل إلى حيث تميل الأطراف الدولية الفاعلة، خاصة الولايات المتحدة، وإذا أيدت الأطراف الدولية قرار البرلمان، فلا مناص أن يتعاون المصرف المركزي مع الحكومة الجديدة، وسيُخرج هذا التعاون
الدبيبة من المشهد ولو بعد حين، أما إذا امتنعت الأطراف الدولية عن تأييد قرارات البرلمان، فمن المتوقع أن يحجم المركزي عن التعامل مع كليهما، ومن ثم نعود إلى سيناريو تقييد الإنفاق العام، وقصره على المرتبات والإنفاق التسييري والدعم.