انتقد حقوقيون ونشطاء مصريون تكرار حالات عدم إبلاغ
سلطات السجون أهالي المعتقلين بوفاة ذويهم واكتشاف خبر وفاتهم بـ"الصدفة"،
في سابقة من نوعها في تاريخ السجون في البلاد، واصفين إياه بالسلوك غير الإنساني بحق
المعتقلين المتوفين.
وتوفي المعتقل تامر فكري جمال الدين الذي يبلغ من
العمر 50 عاما، حيث كان يقضي عقوبة السجن لمدة عشر سنوات، داخل سجن المنيا، ولم
تعرف عائلته بخبر وفاته إلا "صدفة" بعد أسبوع من الوفاة أثناء موعد
الزيارة، ما شكل صدمة كبيرة لذويه.
وأدين فكري، وهو إمام وخطيب وأب لخمسة أطفال من
منطقة كرداسة بمحافظة الجيزة، من قِبل محكمة الجنايات العسكرية بغرب القاهرة بتهمة
الانضمام لـ"جماعة إرهابية" في القضية المعروفة باسم "ولاية
الجيزة" والتي اتُهم فيها آخرون بتولي قيادة خلية تابعة لتنظيم الدولة، بحسب
لائحة الاتهام.
وقال نشطاء وحقوقيون لـ"عربي21" إن حادثة
وفاة المعتقل "فكري" ليست الوحيدة، فقد سبق أن تكررت حالات مشابهة سواء
في السجون أثناء قضاء العقوبة أو في الحبس الاحتياطي أثناء التحقيقات خلال السنوات
القليلة الماضية، وتحديدا منذ تولي رئيس النظام المصري الحكم في منتصف 2014 نتيجة
ما وصفوه بالإهمال الطبي المتعمد.
وتعليقا على الواقعة، كشف الحقوقي أحمد العطار في
منشور له عبر فيسبوك، تكرار حالات مماثلة خلال العامين الماضيين، ووصف تصرف إدارة
السجن بأنه إلى جانب أنه غير إنساني، "هو مخالف للدستور والقانون".
واستهجن المحامي والحقوقي المصري عدم محاسبة أحد
من المسؤولين الأمنيين رغم مخالفتهم للوائح السجون والقانون ومهام وظائفهم، وهم
ملزمون بإبلاغ أسرة السجين. وتوقع أن يستمر الوضع كما هو عليه في انتهاك حقوق
المعتقلين المتوفين وذويهم في ظل غياب القانون.
اقرأ أيضا: ما دلالات تعيين السيسي أول قبطي بقيادة أعلى هيئة قضائية؟
التنكيل.. حي أو ميت
من جهته انتقد الناشط السياسي، عبد الرحمن عاطف التنكيل بالمعارضين سواء أحياء أو أمواتا، والتجاوز في حقوق الموتى
وانتهاك حرماتهم، رغم أنهم في قبضة السلطات.
وقال عاطف: "الأمور تسير من سيء إلى أسوأ
خلال السنوات الماضية، وهناك تعنت خاص واضطهاد واضح ضد أي سجين أو معتقل على خلفية
سياسية منذ اللحظات الأولى لاعتقاله وتكسير محتويات منزله وسرقتها انتقالا إلى
تعذيبه قبل وضعه في قضايا لا شأن له بها حتى وفاته داخل السجن مرضا دون تلقي علاج".
وأضاف الناشط المصري لـ "عربي21": "منذ
8 سنوات ننادي بحقوق السجناء كافة والمعتقلين خاصة في ظل عدم تنفيذ اللوائح الخاصة
بحقوق الإنسان في قوانين النيابة العامة ولوائح السجون التي كفلت أكثر من 20 حقا
من حقوق السجناء، على غرار حق المراسلة، حق الزيارات، حق العلاج، حق الدراسة
والمطالعة وحق ممارسة الرياضة، لا يطبق أي منها".
وتابع المحامي والحقوقي المصري: "أذكر أنه أثناء
احتجازي عام 2013 داخل قسم الجيزة وكنت أعاني من جرح وقطع في عضلات البطن نتيجة
لعملية جراحية، رفضت الجهات المعنية توفير المضادات الحيوية أو المسكنات، كذلك
عام 2015 بسجن مدينة 6 أكتوبر المركزي رفضت بشكل تام نقلي للمستشفى رغم انهيار
حالتي الصحية بشكل سيء للغاية، كما أنني كنت شاهدا على العديد من الحالات التي
رفضت الأجهزة الأمنية توفير العلاج لها أو نقلها للمشفى".
وقال عاطف نقلا عن مأمور قسم الجيزة بأن: "هناك
تعليمات واضحة ومشددة بأن السجين الجنائي المريض ينقل إلى المستشفى، أما السياسي فممنوع
من التداوي والنقل للمستشفى حتى لو يتألم بشدة لدرجة الموت".
وأوضح المأمور بالقول: "وما رويته هو قليل من
كثير، فهناك آلاف القصص المروعة في سجون الموت مثل العقرب والمنيا وغيرهما".
وحول دلالة هذا النهج، أكد عاطف أن تزايد تلك
الحالات بين صفوف المعتقلين يؤكد أن هناك تعليمات من أعلى هرم السلطة في البلاد
بالتنكيل بالمعارضين المعتقلين حتى بعد موتهم.
كما أشار الحقوقي المصري إلى أن "سياسة
النظام واضحة وصريحة وهي رسالة "إرهاب وترويع" لمن يظن أنه سيحتجز ويخلى سبيله فإنه معرض للموت نتيجة الإهمال المتعمد، وما يجري تتحمل الحكومة
والرئاسة ووزارة الداخلية مسؤوليته أمام الناس والله".
اقرأ أيضا: MEE: ما السر وراء استمرار حكم العسكر في مصر لسبعة عقود؟
التشدد بالانتهاكات.. سياسة نظام
من جانبه، قال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف
بيومي إنها "ليست المرة الأولى التي يسجل فيها تقاعس إدارة السجون عن إبلاغ أهالي
المعتقلين بوفاة ذويهم، فقد سبق وأهملت مصلحة السجون أن تبلغ أسرة معتقل سياسي
بسجن وادي النطرون بوفاته لمدة تخطت الأربعين يوما.. وهو تصرف يعبر على نظرة
الداخلية وتعاملها مع المواطن حيا وميتا".
وأكد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان لـ "عربي21"
بالقول: "للأسف لا يوجد مبرر على الإطلاق لمثل ذلك التقاعس وقد انتشرت وسائل
الاتصال السريع جدا بين الداخلية وكل مؤسساتها والتي تسمح بوصول المعلومة إن أرادت
ذلك، ولكنها الرغبة في التنكيل بالمعارض وذويه".
ورأى خلف أن سياسة النظام الأمنية لن تتغير مهما جرى
تجميله، قائلا: "القبض العشوائي المستمر والإخفاء القسري وأحكام الإعدام التي
لم تتوقف بصورة مبالغ فيها، كل ذلك يؤكد أن النظام المصري لم يتراجع عن ممارساته
تجاه معارضيه، وأفعاله مغايرة تماما لما يروجه على فترات من محاولات لتحسين صورته
أمام العالم".
— Dr. Mohamed (@Mohemara4) February 21, 2022
ما دلالة الاحتفاء الكبير بالسيسي في عاصمة الاتحاد الأوروبي؟
ما مدى تأثير قرار بايدن حجب مساعدات عسكرية عن مصر؟
ماذا تعني قرارات إدارة بايدن المتناقضة تجاه نظام السيسي؟