صحافة دولية

MEE: "بن آند جيري" تقاطع "المناطق المحتلة" وليس المحتل

تستمر الشركة في العمل بإسرائيل رغم وقف نشاطها على "الأراضي المحتلة" - جيتي

قال رئيس مجلس إدارة الشركة الأمريكية المتميزة في تصنيع المثلجات (الآيسكريم)، واسمها "بن آند جيريز"، إن الشركة لم تفكر يوماً ولم تتطلع إلى مقاطعة إسرائيل أو سحب الاستثمارات منها.

وفي ندوة خاصة عبر الإنترنت عقدتها في وقت مبكر هذا الأسبوع منظمة "أمريكيون من أجل السلام الآن"، تحدث أنورادا ميتال، رئيس المجلس، وبين كوهين، المشارك في تأسيس شركة الآيسكريم، وسعيا إلى توضيح المسألة وتصحيح المعلومة ووضع حد للتقارير الباطلة التي زعمت أن الشركة تبنت حركة بي دي إس التي يقودها فلسطينيون لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.

وبحسب تقرير "ميدل إيست آي" الذي عمل عليه آزاد عيسى، قال ميتال، الذي يشغل أيضاً منصب مدير معهد أوكلاند للبحث والتفكير: "ما قامت به الشركة ليس مقاطعة لإسرائيل، رغم انتشار هذه الأكاذيب. لم يحدث أن طرح موضوع الانسحاب التام من إسرائيل للنقاش ولا حتى مسألة سحب الاستثمارات منها أو مقاطعتها".

وأضاف: "ما اجتمعنا حوله واتفقنا عليه هو أنه ليس من المناسب أن يباع منتجنا داخل المناطق المحتلة، وهو قرار تم التوصل إليه بعد سنين من الدراسة المتأنية والنظر العميق في ما ينبغي علينا فعله انسجاماً مع القيم التي نؤمن بها".

ووجدت الشركة التي تأسست في فيرمونت، وعرفت بمواقفها المذكرة بالعدالة الاجتماعية، سواء في ما يتعلق بالتغير المناخي أو نظام العدالة الجنائية، نفسها في وسط عاصفة بمجرد أن أعلنت عن أنها سوف توقف عملياتها في المناطق المحتلة وداخل المستوطنات المخصصة حصرياً لليهود.

 

اقرأ أيضا: مؤتمر لمواجهة حركة مقاطعة إسرائيل ووقف تمويلها

إلا أن التصريح كان غامضاً ومربكاً جداً، حيث جاء فيه أن الشركة سوف تتوقف عن العمل مع وكالتها الحالية التي ما لبثت توزع الآيسكريم منذ عام 1987، ولكنها سوف تستمر في العمل داخل إسرائيل.

وما زال مطلوباً منها تفسير هذا الموقف بإعطاء مزيد من التفاصيل.

وانتقد قرار بين آند جيري من قبل كبار المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء الحالي وكذلك الرئيس المنتخب حديثاً إضافة إلى السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة.

في نفس الوقت رحبت المنظمات الفلسطينية بالبيان الأولي، كما رحبت به حملة بي دي إس وكذلك جمعية مواطني فيرمونت من أجل العدالة في فلسطين، الذين تصدروا الجهود التي بذلت لدفع بين آند جيري نحو الانسحاب من إسرائيل منذ ما يقرب من عقد من الزمن. 

مطالبة بالمزيد

طالبت حملة بي دي إس ومعها جمعية مواطني فيرمونت من أجل العدالة في فلسطين الشركة بالمزيد.

وقالت حملة بي دي إس في بيان صادر عنها: "ترحب حملة بي دي إس بحرارة بقرارهم ذلك ولكنها تدعو ’بن آند جيري‘ لإنهاء جميع العمليات في إسرائيل الفصل العنصري".

ولكن الهستيريا التي تبعت الإعلان وصلت حد شن حملة تضليل ضخمة، حيث عزم اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة على استغلال قرار شركة الآيسكريم إلى أقصى حد.

بينما أشادت العديد من المنظمات الفلسطينية في الولايات المتحدة بقرار ’بن آند جيري‘ واعتبرته انتصاراً لحركة ’بي دي إس‘، مشيرة إلى أنه دليل إضافي على أن التيار يتحول في اتجاه مضاد للتطبيع مع الظلم الإسرائيلي، إلا أن الحكومة الإسرائيلية واللوبي المناصر لها في الولايات المتحدة استغلا الفرصة للزعم أن ذلك مثال آخر على معاداة السامية والكراهية لليهود، حتى وصل الأمر إلى صدور تهديدات بالقتل وشتائم بحق مجلس إدارة ’بن آند جيريز‘.

وقال بين كوهين، أحد مؤسسي ’بن آند جيريز‘، إن تهمة معاداة السامية لا تدعو إلى السخرية فقط بل إنها "خاطئة ومخادعة".

وقال كوهين: "من المؤكد قطعاً أن إسرائيل من حقها أن توجد، وأنا أدعم دولة إسرائيل بشكل عام ولكنني ضد بعض من أفعالها".

وأضاف: "ومن أفعالها اضطهاد مجموعة كاملة من الناس في المناطق المحتلة... إن إفقار مجموعة كاملة من الناس والتسبب في ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت الآن الأربعين بالمائة عمل غير إنساني ويشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان".

ورداً على قرار ’بن آند جيري‘ الانسحاب من المناطق المحتلة – وهو قرار لا يسري إلا بنهاية عام 2022، فقد استنفرت وزارة الخارجية الإسرائيلية دبلوماسييها لدفع الولايات في أمريكا نحو تطبيق القوانين المناهضة لحركة ’بي دي إس‘ ضد الشركة الأم لشركة ’بن آند جيريز‘، واسمها ’يونيليفر‘.

ذهب الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرزوغ إلى حد وصف مقاطعات إسرائيل بأنها "نمط جديد من الإرهاب".

استجابة للضغوط التي طالبت الشركة بمزيد من الوضوح، كانت الندوة عبر الإنترنت في السادس عشر من آب/ أغسطس محاولة لتفسير ذلك الموقف، إلا أنه في حين أن ’بن آند جيري‘ لم تخضع ولم تتراجع عن قرارها الخروج من المناطق المحتلة، فقد أعلنت أنها لن تتوقف عن الاستثمار في إسرائيل ولن تقدم على مقاطعتها.

معركة السرديات

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت نردين كسواني، رئيسة مجموعة اسمها "في زمن حياتنا" إن الهوس بشأن إعلان ’بن آند جيري‘ ما هو في النهاية سوى صراع بين سرديتين متنافستين.

وقالت كسواني إنه كان واضحاً من مجريات الأمور أن ’بن آند جيري‘ لم تكن جادة إطلاقاً بشأن مقاطعة إسرائيل، بل كانت الشركة تسعى ببساطة إلى حفظ ماء وجهها إزاء انتقادات وجهت لها بأنها تلتزم الصمت تجاه الاحتلال الإسرائيلي وكذلك بشأن بيعها الآيسكريم داخل المستوطنات غير القانونية في المناطق المحتلة.

وقالت كسواني إنه من خلال اختزال إسرائيل في الاحتلال فقط فإن ’بن آند جيري‘ تقر بفكرة أن "بعض الفلسطينيين في مناطق محددة ينبغي أن تكون لهم بعض الحقوق، ولكنها لا تعتقد بأن جميع الفلسطينيين في كل فلسطين ينبغي أن يتمتعوا بجميع الحقوق وبالتحرير".

ولطالما اتهم الفلسطينيون إسرائيل بالتصرف كدولة فصل عنصري (أبارتايد)، وهو توصيف أكدته منظمة هيومان رايتس واتش في تقرير نشرته في نيسان/ أبريل 2021. وخلصت ’هيومان رايتس واتش‘ في تقريرها التاريخي إلى أن هدف الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية اليهودية على الوضع السكاني والنفوذ السياسي وعلى الأرض لطالما وجه سياسة الحكومة في كافة أرجاء إسرائيل وفلسطين المحتلة.

وقالت كسواني: "لن يمكنك الاحتفاظ بدولة صهيونية بدون سياسات صهيونية، ولذلك ينبغي أن ترفض الدولة الصهيونية جملة وتفصيلاً ويجب أن تقاطعها إذا كنت تؤمن بالتحرير الفلسطيني".

وأضافت: "كانت ’بن آند جيري‘ تريد استعادة سمعتها كنصير للعدالة الاجتماعية لأنها كانت تتعرض للضغط حتى يكون لها موقف تجاه فلسطين. ولكن الذي حدث أن الفلسطينيين كانوا يرغبون بإلحاح في أن يغدو ذلك نصراً لحركة بي دي إس، فبدأوا يشترون منتجاتها رغم أنها كانت لا تزال مستحقة للمقاطعة. في تلك الأثناء، تقمس الصهاينة شخصية الضحايا هنا سعياً منهم للحيلولة دون أن تعمد شركات أخرى إلى أخذ الفلسطينيين بالاعتبار في استراتيجيات العلاقات العامة الخاصة بها. كان الأمر باستمرار يتعلق بمحاولة التحكم بالسردية".

ومضت تقول: "كان قرار ’بن آند جيري‘ التركيز ببساطة على المناطق المحتلة وعلى المستوطنات محاولة لنفض شبهة النفاق عنها وإظهار الشركة كما لو كانت تهتم بقضايا حقوق الإنسان".

يوافق إيان ستوكس، من جمعية مواطني فيرمونت من أجل العدالة لفلسطين، على أن التركيز فقط على المستوطنات أو المناطق المحتلة كان يعني تعمد تجاهل حكاية استيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية.

وقال ستوكس متحدثاً لموقع ميدل إيست آي، إنه سواء اشتغلت ’بن آند جيري‘ في المستوطنات أم لم تشتغل، فإنه لا يمكنها الهرب من حقيقة أن مصنع الشركة داخل إسرائيل مقام على أراضي قرية قسطينة الفلسطينية التي تعرضت لتطهير عرقي في عام 1948.

وأضاف ستوكس: "ولذلك فإن التاريخ سيظل حاضراً... فالفلسطينيون طردوا من هذه القرية في عام 1948".

توجه موقع ميدل إيست آي، أثناء الندوة التي كانت تبث عبر الإنترنت، بطلب التعليق والتوضيح في مسألة ’لماذا تركز سياسة الشركة فقط على المناطق المحتلة ولا تشمل كل إسرائيل؟‘، ولكنه لم يتلق إجابة عن ذلك.