نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على تصاعد حدة المحادثات غير المباشرة بين الإيرانيين والأمريكيين منذ انتخاب الرئيس رئيسي.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد بذل جهود للتوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني، الذي انسحب منه دونالد ترامب في 2018، كان الأوروبيون يأملون في عودة الولايات المتحدة إليه، وإقناع إيران باحترام التزاماتها الدولية مجددا.
منذ نيسان / أبريل، سجلت المفاوضات غير المباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين في فيينا "تقدما". لكن فرصة الانفتاح التي أتاحها انتحاب بايدن بصدد التضاؤل.
أعلن الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، الذي انتخب في 18 حزيران/ يونيو، عن نواياه حين أكد أن طهران لن تتفاوض "من أجل التسلية". منذ ذلك الحين، تضاعفت الإشارات السلبية، على الرغم من أن رئيس الدولة الجديد لم يتسلم منصبه بعد.
انتهى يوم الجمعة أجل الاتفاق المؤقت بشأن عمليات التفتيش النووي بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران، دون أن يمدده النظام الإيراني. قال البرلمان الإيراني إنه لن ينقل بعد الآن لقطات مراقبة لمنشآته النووية، كما يعتبر أن التقدم الذي أحرزته مفاوضات فيينا "غير كاف".
على الرغم من أن اللهجة التصالحية الجديدة لواشنطن مكّنت من استئناف المحادثات، إلا أنها لم تؤد إلى تغيير المواقف الإيرانية. تطالب طهران برفع جميع العقوبات مسبقا، وهو شرط من المستحيل على البيت الأبيض قبوله، الذي يجب أن ينسق مع الكونجرس. ويطالب النظام الإيراني أيضا بوثيقة رسمية تضمن عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية مرة أخرى، وهو أمر مستحيل قانونيا.
كما حذر الرئيس رئيسي الجديد من أنه سيرفض أي تمديد للحوار حول الأمن الإقليمي وبرنامج الباليستي. وقال أيضا إن دعمه لمحادثات فيينا كان "مشروطا"، ويعتمد على تلبية المطالب الإيرانية.
كما يرفض النظام تدمير أجهزة الطرد المركزي المتطورة ومخزونات اليورانيوم عالي التخصيب، التي وقع تطويرها في انتهاك لخطة العمل الشاملة المشتركة منذ عام 2019.
سباق ضد الزمن
تساءلت الصحيفة عما إذا كانت المحادثات التي كان من المقرر أن تستأنف مطلع تموز/ يوليو ستصمد أمام هذه المستجدات، فحتى الأمريكيون، المتفائلون إلى حد ما حتى الآن، يطرحون تساؤلات حول ذلك. حذر أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، من أنه إذا استمرت المفاوضات، فسيكون من "الصعب للغاية" على الولايات المتحدة العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
منذ بدء المفاوضات مع إيران في عام 2003، لم تتوقف المسيرة نحو صنع القنبلة النووية أبدا، وبالكاد تم تأجيلها بسبب الاتفاقات والتسويات. وقال أحد الدبلوماسيين: "أثناء التفاوض في فيينا، والنقاش حول التفاصيل الفنية، يمضي البرنامج قدما في إيران". هل سيقع الاستفادة من السباق مع الزمن الذي بدأ منذ وصول جو بايدن، في الوقت الذي لم يعد ضغط الأوروبيين والأمريكيين مجديا حقا؟ يخشى البعض من أن يستغل الإيرانيون الصيف للارتقاء بالبرنامج النووي إلى مستوى جديد.
دفع هذا الأمر بإسرائيل ودول الخليج للتأكيد على تحفظاتها الشديدة على مفاوضات فيينا. في الوقت الذي ربما يكون فيه جو بايدن قد طمأن حلفاءه في المنطقة بأنه، طالما كان في السلطة، لن تكون هناك قنبلة إيرانية، يرى الإسرائيليون أن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة سيؤدي مباشرة إلى صنع القنبلة، لأنه من خلال رفع العقوبات فإن المجتمع الدولي سيحرم المجتمع نفسه من سبل الضغط الوحيدة التي يمارسها على النظام.
ونقلت الصحيفة عن جوشوا زرقا، مدير الشؤون الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإسرائيلية، الذي يزور باريس، شرحه أن "الأمريكيين مثلنا يعارضون صنع القنبلة، لكن الولايات المتحدة يمكن أن تتعايش مع إيران على العتبة النووية. بالنسبة لنا، هذا ليس خيارا قابلا للتطبيق. سنبذل قصارى جهدنا لتجنب ذلك". مع الاعتراف بحدود الأسلوب الأمريكي الأوروبي، اقترح مقاربة جديدة لهذه القضية.
وأضاف: "في حال لم تضف المفاوضات إلى النتائج المتوقعة، سنحتاج إلى استراتيجية مشتركة تشمل جميع المجالات في الآن ذاته، الاقتصادية والعسكرية والسياسية... لفرض تغيير في سلوك الإيرانيين".
من أجل معرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سيستأنف سياسات سلفه أو يغلق الباب أمام المفاوضات الدولية، فمن المؤكد أنه سيكون من الضروري الانتظار لمعرفة هوية المفاوض النووي الإيراني التالي.
لكن على أي حال، فإن وصول رئيس محافظ متشدد، يُنظر إليه على أنه خليفة محتمل للمرشد الأعلى الحالي، لا يصب في الواقع لصالح تقييد طموحات إيران النووية.
NYT: بايدن يواجه معضلة في سياسته مع إيران
تقرير: السعودية قد تطبّع العلاقات مع إيران بدل إسرائيل
موقع: بايدن سيتراجع عن الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان