قضايا وآراء

انتصار فلسطيني في خضم المعركة

1300x600
ليس من السهل أو الحكمة أن تتحدث عن نتائج أي معركة قبل أن تنتهي، وتضع الحرب أوزارها، ولكني على قناعة تامة أن المعركة الجارية بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني حققت الانتصار المطلوب منذ اللحظة الأولى التي أرغمت فيها المقاومة غلاة المتطرفين اليهود الذين كانوا يتجهزون لاقتحام المسجد الأقصى في 28 رمضان، على مغادرة المسجد، رغم شعاراتهم المرفوعة من أن الاقتحام يشكل يوماً فارقاً لهم.

الانتصار تحقق حينما قرر القائد القسامي محمد الضيف في ذكرى النكبة الفلسطينية الثالثة والسبعين، وهو اللاجئ الفلسطيني من قرية القبيبة، أن يحدد للصهاينة في قلب تل أبيب متى يخرجون من الملاجئ، ومتى يعودون إليها، الأمر الذي دفع نتنياهو لاستغلال فترة التهدئة، ومدتها ساعتان، للظهور بمؤتمر صحفي يتحدث فيه عن مستجدات المعركة.

من يحقق الانتصار في المعركة هو صاحب المبادرة، ومن يعطي الأوامر، والمقاومة اليوم - لأول مرة - تنتقل من مربع الدفاع إلى مربع الهجوم، وهي من يهدد الاحتلال في حال قصَفَ المباني السكنية في غزة؛ بقصف تل أبيب، وبعد مرور أيام على بدء معركة "سيف القدس"، يقف الاحتلال عاجزاً مشدوهاً من هول ما يجري، فيسارع لقصف البيوت، واستهداف المدنيين في صورة من صور التخبط والارتباك.

قطاع غزة الذي يشكل 1 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، كان يراد له أن يبقى محصوراً مكسوراً نتيجة حصار استمر على مدار 15 عاماً، لكن هذا القطاع بات اليوم المدافع الأول والوحيد عن كامل التراب الفلسطيني، فنجده يبادر بقصف البلدات والمدن الإسرائيلية شمالاً وجنوباً، وفق خطة استراتيجية عسكرية مدروسة، تقوم على إدارة دفة المعركة باقتدار، والعمل على استمراريتها بشكلٍ يومي، بوتيرةٍ واحدة، ولأشهر طويلة.

الانتصار المقاوم أرغم آلاف المستوطنين على الإقامة في الملاجئ، وتحويل كل جغرافيا الداخل "الآمن" إلى أهداف مكشوفة تحت لهيب المقاومة، بمعنى أننا نستطيع القول بأن نظرية الأمن التي تمثل عنوان رحيل اليهود نحو فلسطين قد سقطت إلى الأبد.

فضلاً عن كل هذا وذاك، فإن اتساع ساحات المواجهة لتشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها أراضي 48، يمثل عاملاً نوعياً وفارقاً يصب لمصلحة المقاومة في الوقت الذي عمل فيه الاحتلال على تجريد الفلسطيني من هويته وقضيته ليعمل لصالح المحتل، وهذه النظرية أيضاً سقطت إلى الأبد.

رابين فيما مضى كان يتمنى أنه لو يستيقظ فيجد غزة وقد ابتلعها البحر، هذا الحلم الصهيوني تحول إلى كابوس يعشيه الصهاينة في كل يوم، فالبحر بات شاهداً على إبداعات المقاومة؛ لو أنه يتحدث لقال الكثير.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع