أثار قطع رئيس الوزراء
السوداني عبد الله حمدوك، زيارته لإثيوبيا المفاجأة يوم 13 كانون أول/ديسمبر، جدلا
كبيرا في وسائل إعلامية عالمية، حيث أنهيت الزيارة بعد ساعتين فقط، رغم أنها كان من
المفترض أن تستمر ليومين حسب ما كان معلنا سابقا.
وكان الإعلام السوداني
الرسمي أعلن أن الزيارة ستستمر ليومين، وأنها ستناقش القضايا المشتركة بين
البلدين، واستئناف عمل اللجنة المشتركة لترسيم الحدود، ومفاوضات سد
النهضة، إضافة إلى الأمن الإقليمي في البحر الأحمر.
وجاءت الزيارة وسط
توتر كشفته اتهامات جهات رسمية إثيوبية، لفئات من الجيش السوداني بالسماح لمسلحين
تابعين لجبهة "تحرير تيغراي" بالتسلل عبر الأراضي السودانية، والمشاركة
في بعض الجرائم في الإقليم.
وأثار قطع الزيارة فجأة وقبل انتهائها جدلا في وسائل الإعلام العالمية، وردا على هذا الجدل قال
مصدر سوداني مسؤول لـصحيفة السوداني، إن الزيارة حققت غرضها لذلك اختصرت لمدة
ساعتين بدلا من يومين، وهي تصريحات قال مراقبون إنها لم تبدد الشكوك حول العلاقة
بين البلدين.
يذكر أن شكوكا أثيرت
عن العلاقة بين الطرفين بعد تصريحات آبي أحمد في البرلمان خلال تشرين ثاني/نوفمبر
الماضي، والتي قال فيها إن جبهة "تحرير تيغراي" ساهمت في التوتر بين
الخرطوم وأديس أبابا، لأنها "دفعت الجيش السوداني لاستعادة أراض حدودية مع إثيوبيا".
اقرأ أيضا: الجيش السوداني يتحدث عن اعتداء "مليشيات" إثيوبية على قواته
وجاءت زيارة الوفد
السوداني لإثيوبيا دون تنسيق مسبق وبشكل مفاجئ وسريع، ودون الاتفاق على أجندتها، وقد تمت بحسب وسائل إعلام دولية بعدما طلب حمدوك لقاء رئيس الوزراء
الإثيوبي للتباحث حول أمر هام، وقالت وكالة رويترز إن حمدوك هدف من الزيارة إلى تقديم
عرض للوساطة بين أطراف النزاع الإثيوبي في إقليم تيغراي، فيما أكدت وسائل الإعلام
السودانية أنها جاءت بطلب من إثيوبيا.
وقالت مصادر دبلوماسية
لـ"عربي21" إن هناك عدة أسباب دفعت حمدوك لقطع زيارته، أولها أن
الزيارة "جاءت بأجندة غير متوافق عليها مع الجانب الإثيوبي، وهو ما جعل آبي
أحمد ينهي الزيارة سريعا بذريعة وجود طارئ أمني، استدعى زيارته لمدينة مكلي عاصمة
إقليم تيغراي، مع العلم أن هذه كانت أول زيارة للمدينة منذ دخول القوات الإثيوبية
لها قبل أسبوعين".
وأضافت المصادر التي
طلبت عدم ذكر هويتها أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، "غضب واستغرب من عرض
الوفد السوداني القيام بوساطة بين الحكومة الفيدرالية وقوات إقليم تيغراي، فيما كان القتال
متوقفا، والأزمة منتهية بالنسبة لأديس أبابا".
ويبدو أن الزيارة
اتسمت بعدم الوضوح، "بسبب حديث حمدوك خلالها بصفتين مختلفتين الأولى باعتباره
رئيسا لوزراء السودان، والثانية باعتباره رئيسا للهيئة الحكومية للتنمية الدولية (إيغاد)،
وقد أدى عدم الفصل بين الصفتين في الزيارة إلى عدم ارتياح إثيوبي خصوصا فيما يتعلق ببالنقاش حول النزاع مع جبهة تحرير تيغراي".
وبحسب المصادر
الدبلوماسية التي تحدثت لـ"عربي21"، فإنه من المحتمل أن يكون الوفد
السوداني قد أثار موضوع ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا خصوصا في منطقة الفشقة
التابعة لولاية القضاريف السودانية، وهي منطقة كانت تستوطن فيها مليشيات من إقليم
"الأمهرا" لأنها تعتبرها منطقة تابعة للإقليم، وعلى الرغم من أن الحكومة
الإثيوبية الفيدرالية تعترف بأن المنطقة سودانية، إلا أنها لم تحسم نهائيا ويتم
مناقشتها دوريا، ضمن اجتماعات اللجنة السياسية المشتركة لترسيم الحدود.
ويعتبر موضوع
"الفشقة" حساسا جدا بالنسبة لآبي أحمد، بسبب التوازنات والتحالفات
الداخلية، لأنه يخشى أن يؤثر نقاش الموضوع مع الوفد السوداني على تحالفه مع قوات
وسياسيي "الأمهرا"، خصوصا أن الجيش السوداني انتشر مؤخرا في بعض
مناطق الإقليم التي كانت تحت سيطرة مليشيات "الأمهرا".
وقالت المصادر
الدبلوماسية لـ"عربي21" إن الأمر ازداد حساسية خلال الصراع الذي نشأ بين
الحكومة الفيدرالية وإقليم تيغراي، لأن قوات أمهرا لعبت دورا محوريا في العملية
العسكرية لصالح الحكومة الإثيوبية، واستطاعت تطوير قواتها وتسليحها خلال النزاع
الأخير، وهو الأمر الذي زاد من طموحاتها لاستعادة الأراضي السودانية التي يسيطر
عليها الجيش، بزعم أنها تابعة لإقليم أمهرا.
هل تستغل مصر توتر السودان وإثيوبيا في أزمة سد النهضة؟
سخط واسع عقب تبرئة المتهمين بقضية تعرية "سيدة الكرم"
عقد كامل على الربيع العربي.. هل يثور العرب مجددا؟