ملفات وتقارير

تواصل احتجاجات الأكراد بالعراق.. هل هناك من يحرك الشارع؟

رجح نائب عراقي "استمرار الاحتجاجات لكن دون توسعها كونها تواجه قمعا شديدا من السلطات"- جيتي

تتواصل الاحتجاجات في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة، وسط اتهامات للسلطات الأمنية بقمعها من خلال إطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، إضافة إلى اعتقال عدد من الناشطين وعضوين سابقين ببرلمان الإقليم.


وأعلنت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق، الخميس، مقتل 8 أشخاص وإصابة 54 في احتجاجات محافظة السليمانية، التي اندلعت منذ 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.


مظاهرات عفوية


من جهته، قال مثنى أمين عضو البرلمان العراقي عن "الاتحاد الإسلامي الكردستاني" في حديث لـ"عربي21"؛ إن "المظاهرات عفوية، لكن لا يستبعد أن بعض الأطراف ربما تستفيد من هذه المظاهرات لتمرير رسائل معينة".


وتابع أمين: "الحقيقة المرة أن مواطني الإقليم لم يستلموا خلال عام كامل سوى خمسة رواتب؛ واحد منها مكتمل وأربعة مقتطع منها، والبقية لا شيء، فهل هذا غير كاف لكي يخرج الآلاف من الناس مطالبين بقوتهم ووضع حد للفساد المستشري".


وأوضح النائب عن السليمانية أن "حكومة الإقليم تدعي أنها لا تستطيع إدارة الإقليم بالموارد الخاصة بكردستان، ولا تستطيع التوصل إلى اتفاقية دائمة مع الحكومة في بغداد من أجل تأمين معاشات الناس، علما أن القاصي والداني يعلم حجم الثروات التي تبدد في الإقليم".

 

اقرأ أيضا: قتيلان باحتجاجات بالسليمانية العراقية.. وحرق مكاتب أحزاب


واتهم أمين حكومة الإقليم بأن "أياديها ليست نظيفة من المال العام، وخصوصا في الواردات الداخلية، والمنافذ الحدودية، إضافة إلى واردات النفط. إذن؛ فالناس من حقها أن تتظاهر وتعبر عن غضبها تجاه هذه السياسات".


النائب الكردي أكد أن "المظاهرات ما تزال في أكثر من مكان بالسليمانية رغم قمعها والتعامل معها بعنف، لأن الحكومة لا تستطيع الاستماع لمطالب الناس وهي محرجة أمام مطالبهم، فهي سوقت الأكاذيب بما يكفي، ومن ثم لم يعد أمامها سوى القمع، وهذه ليست وسيلة صحيحة لمعالجة الأوضاع".


ورجح النائب "استمرار الاحتجاجات لكن دون توسعها كونها تواجه قمعا شديدا من السلطات، التي لا تحترم الحق الدستوري للناس في التعبير عن غضبها، إضافة إلى وجود عدم تورع عن إراقة دماء المتظاهرين".


اتهامات لـ"بي كاكا"


وبخصوص الحديث عن جهات خارجية تحرك الاحتجاجات، قال النائب الكردي؛ إن "هناك أقاويل باشتراك بعض عناصر حزب العمال الكردستاني بسبب الضغوط عليهم، لكن الحقيقة هؤلاء لا يستطيعون تحريك الشارع الكردستاني".


وتابع: "الشارع الكردستاني محرّك منذ مدة لكنه مقموع وكان ينتظر الفرصة، إذ لا زالت جذور المشكلات التي خرجت بسببها احتجاجات أكبر قبل سنوات، وأنها لن تنتهي طالما أن الحكومة ليست قادرة على إصلاح نفسها وسياساتها، ولا تجيد سوى الكذب ونهب المال العام".


بالمقابل، شكك الكاتب والباحث السياسي من إقليم كردستان كفاح محمود في الحديث عن عفوية ما يجري في السليمانية، بالقول: أشك في مسألة العفوية، ففي الدول النامية من النادر أن ترى مظاهرة كالتي تجري في الدول المتقدمة وذات الديمقراطيات العريقة، فدائما وراء كل تظاهرة هناك "مايسترو" يحركها.

 

اقرأ أيضا: مقتل متظاهر بكردستان العراق وتصاعد باحتجاجات الإقليم


وأكد محمود في حديث لـ"عربي21" أن "حزب العمال الكردستاني متورط بشكل واضح فيما يحري، وأن هذه المنطقة بالذات مكان نشاط هذا الحزب؛ كونه لا يستطيع أن ينشط في أربيل ودهوك".


ولفت إلى أن الضغط الذي واجهه هذا الحزب مؤخرا في اتفاقية سنجار ضغطت عليه، لأنه سيخلي كل مواقعه هناك مع فصائل من الحشد الشعبي، وأن هناك تعاونا بين الطرفين، لذلك حاول "بي كاكا" الضغط على حكومتي أربيل وبغداد في الوقت نفسه من خلال إشعال مثل هذا الأمر.


وأوضح محمود أن "العشرات من عناصر العمال الكردستاني التركي شارك في المظاهرات بالسلمانية، وأن رئيس الوزراء في الإقليم مسرور البارزاني أكد أن هناك جهات قدمت من سوريا شاركت في عمليات الفوضى والحرق".


بوادر انفراجة


واستبعد الكاتب الكردي، اتساع هذه الأحداث، بالقول: "الشارع الكردي يرفض مثل هذه التصرفات التي لا تليق به، فهو حول الإقليم إلى واحة للازدهار حتى أصبح قبلة لكل العراقيين، كونه يمتلك امتيازات السلام والأمن والعمل والاستثمار".


وأشار إلى أن "البيان الأخير الذي صدر من اللجنة الأمنية العليا في الإقليم، والذي حضر فيه أي تجمع أو تظاهر بدون الحصول على ترخيص، قد وضع حدا للمظاهرات".


ولفت محمود إلى "وجود تسريبات تفيد بأن الوفد الكردي الذي ذهب إلى بغداد منذ يومين، قد حقق تقدما بخصوص حل موضوع تأخر رواتب موظفي إقليم كردستان".

 

اقرأ أيضا: "ربع الله".. فصيل شيعي يثير الرعب ويمارس الابتزاز بالعراق


ونوه إلى أن "الإقليم يعاني من أزمة اقتصادية موجهة ومنظمة منذ عام 2014، حينما قررت حكومة نوري المالكي في نهاية دورتها بالتعاون مع حكومة خلفه حيدر العبادي بقطع حصة الإقليم من الموازنة العامة لمدة 5 سنوات، قيمتها كانت 40 إلى 50 مليار دولار".


وأكد محمود أنه "خلال هذه السنوات خاض الإقليم حربا ضد تنظيم الدولة أنهكت إيراداته المالية، وبعدها بعام جاءت قضية الاستفتاء في 2017، وفرض الحصار على الإقليم. لكن أربيل ستتجاوز هذه المحنة ورب ضارة نافعة"، بحسب تعبيره.


والأحد الماضي، أضرم المئات من المتظاهرين النار في مقري الحزبين "الديمقراطي" و"الاتحاد الوطني" الكردستانيين، اللذين يحكمان إقليم كردستان العراق منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.