ملفات وتقارير

هل انتهى وجود "بي كاكا" في سنجار بعد دخول القوات العراقية؟

انتشرت الخميس الماضي القوات العراقية في قضاء سنجار- الأناضول

مع دخول "اتفاق سنجار" بين بغداد وأربيل حيز التنفيذ والإعلان عن مغادرة جميع الكيانات المسلحة في المدينة الواقعة شمالي العراق، كشف مسؤولون عراقيون عن حقيقة تطبيع الأوضاع في المنطقة، والخطوات الأولى التي جرى تطبيقها من الاتفاق.

وانتشرت الخميس، القوات العراقية في قضاء سنجار، حيث انتشرت الشرطة المحلية داخل المدينة، بينما فرضت قوات الشرطة الاتحادية وحرس الحدود سيطرتها على الحدود العراقية السورية، حسبما أوضح المتحدث باسم قيادة العمليات اللواء تحسين الخفاجي.

انسحاب شكلي

من جهته، رحب قائمقام قضاء سنجار محما خليل، بتطبيق الاتفاق "بغية ترجمته على أرض الواقع بفقراته الأمنية والخدمية والسياسية لتطبيع الأوضاع والاستقرار، وإعادة النازحين إلى مدينة سنجار".

لكن خليل أكد في حديث لـ"عربي21" أن "انسحاب حزب العمال الكردستاني كان شكليا ولم يكن كليا، لأنهم انسحبوا من مركز المدينة واتجهوا نحو جبل سنجار، وأن من يمسك الجبل فإنه يسيطر على جميع جغرافية القضاء".

وأضاف: "بما أن الانسحاب لم يشمل الجبل، إضافة إلى أن الحدود منفلتة، لذلك نقول إنه انسحاب شكلي "، مشيرا إلى أن "العمال الكردستاني" لا يستطيع مضايقة القوات العراقية إذا أرادت الحكومة تطبيق الاتفاق بصورة صحيحة، وباستطاعتها مسك الحدود ومنع وجود أي عنصر.

 

اقرأ أيضا: هل تنسحب "بي كاكا" بالكامل من سنجار.. ما مصلحة تركيا؟

وأكد خليل قائلا: "نحن نراقب الواقع عن كثب وسنصدر بيانا إذا لم ينفذ الاتفاق كاملا كما هو مكتوب؛ لأن أهم ما فيه هو عودة النازحين وخروج مليشيات حزب العمال الكردستاني من جميع المنطقة؛ لأن الاتفاقية نصت أنه لا مكان للغرباء في سنجار".

خطوات أولى

وفي السياق ذاته، قال جبار ياور أمين عام وزارة "البيشمركة" الكردية في حديث لـ"عربي21"؛ إن "المعلومات تفيد بأن قوات من قوات الشرطة الاتحادية دخلت إلى مدينة سنجار، وكانت أولى الخطوات التي اتخذتها هي إنزال أعلام جميع الأحزاب والجهات المسلحة الموجودة في سنجار، ورفع العلم العراقي فقط فوق المؤسسات الحكومية".

أما الخطوة الثانية، يضيف ياور، فإنه "جرى انسحاب جميع الوحدات المسلحة التابعة للحشد الشعبي، وأخرى تعمل تحت جناح حزب العمال الكردستاني، من مركز قضاء سنجار حاليا، وليس النواحي".

وبحسب ياور، فإنه لم تكن هناك ردة فعل أو عنف قد صدر من جهات محددة على خلفية الانسحاب، سوى خروج بعض المظاهرات من مؤيدي المسلحين في المنطقة، وكانوا يطالبون بأن يكون أهالي سنجار والأيزيديون الموجودون في القضاء طرفا في الاتفاقية.

وتابع: "أيضا هناك مطالبات بأن من يحفظ أمن المنطقة يكون من الأيزيديين، من خلال تعيين مجموعة من هذا المكون في قوات الشرطة، وذلك حسب الوعود الصادرة من الحكومة الاتحادية في بغداد".

معارضة قوية

وفي المقابل، توقع الخبير الأمني والعسكري معن الجبوري في حديث لـ"عربي21" أن تكون معارضة قوية، وخصوصا من الفصائل المسلحة التي تعدّ نفسها أنها صاحبة الأولوية في استعادة سنجار من تنظيم الدولة، ولها دور أساسي في السيطرة على المنطقة.

ولفت إلى أن "سنجار تعدّ من الناحية الجيوسياسية ذات أبعاد إستراتيجية مهمة؛ كونها تدخل ضمن الممر المخطط له ما بين إيران وسوريا والبحر المتوسط، لذلك فإن المعارضة ستكون قوية وليس من السهولة أن تقتنع هذه الفصائل بالاتفاق، خصوصا أنها تتمتع من بعض الأحزاب الحاكمة وتحديدا القريبة من إيران".

 

اقرأ أيضا: خروج الفصائل المسلحة من سنجار بعد اتفاق بين بغداد وكردستان

أما بخصوص حزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب في تركيا، فقد رأى الجبوري، أن "هذا الحزب يعدّ منطقة سنجار قريبة من ملاذاته الآمنة وتدخل ضمن مسرح العمليات الخاصة به، التي ينطلق منها باتجاه تركيا"، منوها إلى أن "سنجار تعدّ منطقة صراع بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان وفرض إرادة بين كل هذه الأطراف".

ولفت إلى أن "المنطقة تحظى بدعم دولي؛ كون سكانها الأيزيديين يعدّون أقلية في العالم، وتعرضوا إلى الكثير من عمليات القتل والاغتصاب والتهجير، والاستيلاء على أراضيهم بقوة السلاح".

محدود الفعالية

وحول مدى تطبيق الاتفاق بشكل كامل، رأى الجبوري أن "الاتفاق يبقى محدود الفعالية، وأن تطبيقه على الأرض يحتاج إلى إرادة دولية تفرض وجودها على جميع الأطراف آنفة الذكر كي يتحقق الجزء المطلوب منها، أما أن تكون بيانات وقرارات فقط، فإن ترجمتها على أرض الواقع أمر معقد نوعا ما".

واستبعد الجبوري وقوع صدامات بين حزب العمال الكردستاني وقوات إقليم كردستان العراق، لأن الخلاف بين الطرفين يعود إلى زمن طويل، وأن حكومة إقليم كردستان تتجنب دائما الصدام مع "بي كاكا"، رغم لجوء الأخير إلى لغة السلاح.

وأضاف: "هناك حذر من وصول الأمور إلى الصدام، لكن ربما تصل إلى مناوشات بين الطرفين، لكن حكومة الإقليم أكثر عقلانية من أن توصل الأمور إلى هذا الحد، لأن الوضع في المنطقة لا يسمح إلى صدام من هذا النوع؛ كونه سيأخذ المنطقة (سنجار) إلى حملة تهجير وقتل ودمار من جديد".

من جانبه، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأربعاء؛ إن "هناك ترحيبا شعبيا كبيرا بما تم تحقيقه في قضاء سنجار". جاء ذلك خلال اجتماع لمجلس الأمن الوطني العراقي، وفقا لبيان صدر عن الحكومة.

وشدد الكاظمي على "حماية المواطن وتوفير الأمن والاستقرار، وفرض هيبة الدولة، والتعامل بحزم مع كل من يحاول العبث بالأمن، الذي يعدّ من أولويات عمل الأجهزة الأمنية وواجباتها".

وفي 9 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، توصلت الحكومة العراقية إلى اتفاق مع أربيل حول إدارة مدينة سنجار، وصفه الطرفان بـ"التاريخي"، لحل المشكلات القائمة بقضاء سنجار (غربي نينوى) الذي يعد أحد المناطق المختلف عليها بين الجانبين.