ملفات وتقارير

هل تنسحب القوات الأمريكية من العراق بعد الحوار الاستراتيجي؟

جدد الطرفان تأكيدهما خلال الحوار أهمية العلاقة الاستراتيجية وعزمهما اتخاذ خطوات مناسبة تعمل على تعزيز مصالح كلا البلدين- جيتي
بعد انتهاء الجلسة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، الخميس، أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أن القوات الأمريكية ستنسحب من البلد وتغلق جميع قواعدها وفق جدول زمني محدد.

لكن البيان المشترك الصادر عن الحكومتين الأمريكية والعراقية، أكد أن الولايات المتحدة ستواصل خلال الأشهر المقبلة "تقليص" عدد القوات الموجودة في العراق، والحوار مع الحكومة العراقية حول وضع القوات المتبقية.

ضبابية الروايتين، أثار تساؤلا ملحا مفاده: هل بالفعل حققت حكومة الكاظمي مكسبا في الحوار الاستراتيجي يقضي بإجلاء القوات الأجنبية؟ أم إن الولايات المتحدة ماضية بما بدأته في آذار/ مارس الماضي، من تقليص لوجودها بالعراق دون انسحاب كامل من العراق؟

ارتياح شيعي

تعليقا على ذلك، قال النائب عباس شعيل الزاملي عن تحالف "الفتح" الذي يمثل أغلب فصائل الحشد الشعبي في البرلمان، إن "المفاوضات تسير بالاتجاه الصحيح، وهناك جدولة لخروج القوات الأجنبية من العراق، وتفاهم بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية برئاسة الكاظمي حول هذا الموضوع".

وأكد الزاملي لـ"عربي21" أن تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري داعم للكاظمي وإجراءاته الأخيرة، لأنها حتى الآن ذاهبة بالاتجاه الصحيح، وأن رئيس الحكومة مدعوم من باقي القوى السياسية، وضاغط باتجاه السيادة وإخراج كامل القوات الأجنبية".

وأشار إلى أن "الكاظمي أكد في أكثر من مرة موضوع سيادة العراق وإخراج كامل القوات الأجنبية، وسبق أن أصدر البرلمان العراقي قرارا يقضي بإجلائها من البلد".

وبيّن الزاملي أن "قوات التحالف الدولي مع قرار البرلمان العراقي، إذ غادرت البلاد القوات الفرنسية والبلجيكية وغيرها من القوات، إضافة إلى مغادرة القوات الأمريكية لقواعد عدة بالعراق، وانحسار وجودها بقاعدتي عين الأسد في الأنبار والتاجي ببغداد".

وأعرب عن اعتقاده بأن "دعم الولايات المتحدة للكاظمي سيكون من خلال الجانب الاقتصادي أكثر من الجانب الأمني، إذا كانت صادقة بالوقوف مع العراق بالمرحلة الحالية"، لافتا إلى أن "البلد لديه قدرات عسكرية عالية وحقق انتصارات ضد تنظيم الدولة".

"ذهاب للتهدئة"

من جهته، رأى الخبير السياسي العراقي نجم القصاب في حديث لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة تواجه حاليا ظروفا صعبة على المستوى الاقتصادي، إضافة إلى المظاهرات مع قرب انتخابات الرئاسية، وربما يكون بقاء القوات في العراق أو بلد آخر، له تأثير سلبي على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".

الأمر الآخر، يضيف القصاب، أن "العراق لا يزال بحاجة إلى قوات التحالف الدولي للتدريب والتأهيل والتسليح للجيش والشرطة، لكن في الوقت ذاته فإن موضوع الانسحاب أو تقليص القوات، خطوة إيجابية تحسب لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".

ورأى أن "نتائج الحوار تحرج من أراد إخراج القوات الأمريكية حتى لا تكون لديهم حجة لاستهداف سفارة واشنطن أو الأماكن التي يوجد فيها الأمريكان، وهذا يعني أن الحكومة العراقية نجحت في الخطوة الأولى والحوار الأول مع الجانب الأمريكي".

واستبعد القصاب حصول هجمات في المرحلة المقبلة على الوجود الأمريكي، لأنه كما يبدو أن "الفصائل وإيران من خلفهم لا ترغب بتصعيد مع الجانب الأمريكي؛ لأنها تعاني من أزمات اقتصادية وسياسية وحتى خارجية مع دول العالم".

وأفاد بأن جميع المعطيات تشير إلى أن العراق "ماض نحو التهدئة"، إضافة إلى أن الجيل الأول والثاني من السياسيين العراقيين، استشعروا بالخطر الذي يواجه البلد بعد انخفاض أسعار النفط وانتشار فيروس كورونا، وهذه كلها ربما لها تداعيات ليس فقط على الفصائل التي تستهدف القوات الأمريكية، وإنما على النظام السياسي أجمع بالعراق"، يقول القصاب.

وبحسب القصاب، فإن "الفصائل والأحزاب القريبة من إيران لن تصعد ضد الولايات المتحدة، لأن العراق اليوم يحتاج الجميع من مساعدات واستثمارات والاقتصاد والمصارف النقدية".

"تطبيل وتضليل"

لكن الباحث السياسي العراقي الدكتور باسل حسين، اعتبر في تغريدة على حسابه في "تويتر"، أن الحديث عن نجاح المفاوض العراقي بجدولة انسحاب القوات الأمريكية مجرد "تطبيل وتضليل"، مبديا امتعاضه الشديد من الترويج لذلك بين بين العراقيين.

ودعا حسين العراقيين إلى عدم التصديق بهذا الكلام الذي وصفه بـ"الأجوف"، مشددا على أن واشنطن لها قرارها المسبق قبل بدء المباحثات بتخفيض عدد قواتها إلى النصف، ثم ترك الانسحاب النهائي إلى تقدير القادة العسكريين. وبالتأكيد القرار النهائي سيكون للإدارة الأمريكية.


وفي هذه النقطة تحديدا، قال النائب العراقي عباس الزاملي لـ"عربي21"، إنه "حتى الآن لا يوجد جدول زمني معلوم يقضي بإخراج كامل القوات الأجنبية من العراق، لكن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، حتى وإن طالت مدة خروج كامل القوات الأجنبية".

وجدد الطرفان الأمريكي والعراقي تأكيدهما خلال الحوار أهمية العلاقة الاستراتيجية، وعزمهما اتخاذ خطوات مناسبة تعمل على تعزيز مصالح كلا البلدين، ولتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.

ورحبت حكومة الولايات المتحدة بفرصة إعادة تأكيد شراكتها وتقويتها مع العراق مع شروع رئيس الوزراء العراقي باستلام مهامه الحكومية.

 وتتطلع كلا الحكومتين إلى مباحثات معمقة في اجتماع لجنة التنسيق العالي للحوار الاستراتيجي في العاصمة واشنطن، المزمع عقده في تموز/ يوليو المقبل.

 

اقرأ أيضا: الحكومة العراقية تؤكد التزام واشنطن بسحب قواتها