صحافة إسرائيلية

سفير إسرائيلي: تصريحات انسحاب إيران من سوريا "متسرعة"

رأى شوفال أن "الحكومة برئاسة نتنياهو قرأت على نحو صحيح النوايا الإيرانية قبل ثلاث سنوات"- إرنا

تحدث دبلوماسي إسرائيلي، عن الطريقة التي تعاملت بها تل أبيب لتحقيق أهدافها الأمنية الحيوية في سوريا، في ظل حفاظها على حالة من التوازن العملي بين المصالح الاستراتيجية المشتركة مع روسيا، والمصالح الاستراتيجية الدائمة مع الولايات المتحدة.


ورأى السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة، زلمان شوفال، بمقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، أن تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي السابق نفتالي بينت، بأن إيران بدأت بالانسحاب من سوريا، "كانت متسرعة بعض الشيء، وزائدة من ناحية دبلوماسية، ولكنها ليست مغلوطة تماما".


وتابع: "مثلما أكد هذا الأسبوع رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، فإن أعمال الجيش منعت نية طهران للتموضع في سوريا وفتح جبهة ضد إسرائيل من هناك"، موضحا أن "فتح جبهة ضد إسرائيل في الحدود الشمالية، يتطابق واستراتيجية طهران لتقريب الحرب بأكبر مسافة ممكنة من إسرائيل، كجزء من خطة أوسع للجنرال قاسم سليماني، الذي اغتالته أمريكا، اعتمادا على إحاطة إسرائيل بسوار خنق يؤدي لخرابها".


ونوه شوفال إلى أن "الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، قرأت على نحو صحيح النوايا الإيرانية قبل ثلاث سنوات، وبتعاون كامل مع القيادة العسكرية، اتخذت "قرارا كبيرا" على حد قول آيزنكوت، للعمل هجوميا ضد المبادرات الإيرانية؛ وهي الأعمال التي تتواصل لهذا اليوم أيضا".


وبحسب مجلة "إيكونوميست" البريطانية، فإنها "تصعب الغارات الاسرائيلية الجوية على إيران تثبيت مكانتها في سوريا".


وعلى أي حال، إذا "كانت الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، فلا يمكنها أن تكون منقطعة عن الجوانب السياسية التي تنطوي على إدارتها، وفي حالة إيران، فإن مصالح روسيا وطهران في سوريا، أما واشنطن فمنذ إدارة باراك أوباما السابقة، وفي إدارة دونالد ترامب الحالية، أصبحت لاعبة ثانوية نسبيا".

 

اقرأ أيضا: هآرتس: إيران تتمتع بصبر لا ينتهي.. هذه مراحل دخولها سوريا


وأوضح السفير أنه "في البداية كانت روسيا وإيران حليفتين شبه كاملتين في سوريا، ولا سيما حين كان يخيل أن الحرب الأهلية هناك ستضع حدا لحكم بشار الأسد، الذي رغبت الدولتان في بقائه، وتخوفتا من أن تعيد هزيمته النفوذ الأمريكي لسوريا، ولا سيما في المجال الاقتصادي".


وأشار إلى أن "الأدوار توزعت بين موسكو وطهران؛ ووفرت الأخيرة القوى البشرية؛ ما رجح الكفة في المعارك، وروسيا بسطت المظلة الجوية التي ضمنت لقوات الأسد وحلفائها التفوق".


أما الآن، وكما كتب في تحقيق سياسي نشر حديثا، "فثمة أسباب وجيهة للتوقع بأن تكون الأهداف مختلفة لموسكو وطهران، وتتسع الفوارق الاستراتيجية والمصلحية بينهما، ما سيؤدي إلى دينامية جغرافية سياسية جديدة".


وذكر السفير الإسرائيلي أن "موسكو ترى في الأسد جزءا من مهمة شاملة لضمان مكانها كقوة عظمى عالمية، وأحد الشروط لذلك؛ هو التواجد والنفوذ السياسي في الشرق الأوسط على كل الجهات العاملة فيه؛ بما فيها إيران"، مشيرا إلى أن موسكو تعتبر إسرائيل والسعودية ومصر، عناصر مهمة لتحقيق أهدافها بالشرق الأوسط.


ومنذ كانون الثاني/ يناير، ذكر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه "لا يوجد حقا حلف بين روسيا وإيران على المستوى السوري".


وقال شوفال: "إضافة للمسائل السياسية والعسكرية، توجد بالطبع مصالح اقتصادية متضاربة، حيث تسعى لها كل من موسكو وطهران كي تضمن لنفسها النصيب الأكبر في إعادة الإعمار الاقتصادي لسوريا بعد الحرب".


وأوضح أن هناك "موضوعا آخر ينطوي على احتمال المواجهة؛ يتمثل في تشكيك موسكو في فضائل استمرار حكم الأسد، بينما ترى فيه طهران حليفا مريحا لانتمائه العلوي ولتثبيت مكانتها في المنطقة، والحديث لا يدور عن شرخ أو قطيعة مطلقة، فلا تزال هناك مصالح مشتركة".


ورأى أن "الحكمة السياسية تتمثل ليس فقط في المبادرة لخطوات دبلوماسية، بل في استغلال أوضاع أصلها في اعتبارات ومصالح الجهات المختلفة، والإنجاز السياسي والأمني لنتنياهو في هذه الفترة، كان في فهم الجوانب المختلفة للواقع الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط، وفي استنفاد الخطوات السياسية والأمنية الصحيحة النابعة عن ذلك، وهي خطوات سمحت بإجراءات كبرى تحدث عنها رئيس الأركان السابق، وأثارت حفيظة من كان حتى وقت أخير مضى رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني، الذي قال: يبدو أن هناك تنسيقا بين إسرائيل ووحدات الدفاع الجوي الروسية في سوريا".


ونبه الدبلوماسي الإسرائيلي، إلى أنه "لا يمكننا أن نعارض أو نؤكد ادعاءاته، ولكن يمكن القول بالتأكيد، أن تحقيق الأهداف الأمنية الحيوية لإسرائيل، في ظل التوازن العملي بين المصالح الاستراتيجية العملية المشتركة مع روسيا وبين المصالح الاستراتيجية الدائمة مع الولايات المتحدة، هو الإنجاز الذي سيدرسه طلاب التاريخ والسياسة في المستقبل".