قضايا وآراء

ليبيا والخطر القادم

1300x600
على بعد أمتار من نهاية نموذج حفتر، غطاء الوجه القبيح للمشروع الصهيو-خليجي المصري، يظهر في الأفق ما هو أهم وأخطر: وحدة الشعب الليبي بعد صدام مسلح ستبقى تداعياته لسنوات طوال.

هل تستطيع النخبة السياسية وزعماء القبائل والعائلات تجاوز الفترة الماضية وفتح صفحة ليبية جديدة؟ ليس سهلا، خاصة أن المربع الصهيو-خليجي لم ولن يتوقف عن استكمال أهدافه في هدم ليبيا، حتى لا يتكرر النجاح النسبي في تونس وبذلك تنتقل عدوى النجاح، نجاح الشعوب، إلى باقي العالم العربي وفي المقدمة بلدان الربيع المتعثر.

فالغاية الكبرى لمشروع ابن زايد وابن سلمان وابن سيسي وبني صهيون هي كسر إرادة الشعوب، وكبح مشاعر النجاح والإنجاز، وترسيخ مشاعر الفشل وعدم القدرة. هنا تهدر كل الموارد والإمكانات والطاقات، وتتحول الشعوب لجسد هامد أو شبه ميت، يصعّب مهمة قاطرة التغيير وذاكرة الشعوب، المعارضة الوطنية، ويجعلها تبدأ ليس من الصفر بل من الجليد، حين يتوجب عليها إيقاظ النائم وإنعاش الميت، ثم بداية الحركة معه.

هكذا يريد مربع الإثم والعدوان السابق. بالفعل المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة، شرط أن تحسن حكومة الوفاق تقدير الموقف بمشاركة كل قوى المجتمع الليبي؛ لإنهاء الانقسام المجتمعي، والاتفاق على خريطة عمل ممكنة، والالتزام بها، وأن تعيد النظر في الدور التركي بما يحقق مصالح الشعب الليبي وحفظ مصالح تركيا، وفقا للاتفاقات الاقتصادية المبرمة والمعلنة، وأن تكون ذكية وحساسة في هذا الملف؛ لأنه سيكون مكمن الشيطان الرابض في الخليج العربي.

على حكومة الوفاق أن تتعلم من تجاربها أولا، ثم تجارب دول الجوار في ما يخص الخريطة القادمة، المرحلة الانتقالية، كما ينبغي على النخبة السياسية أن تكون يقظة؛ حتى لا تتورط في وحل الخلاف والانقسام المتكرر في بلدان المنطقة.

وعلى الإعلام الليبي مع اختلاف توجهاته أن يمارس الحرية المسؤولة، خاصة بعد معارك الدماء التي استمرت لسنوات. وأمامه تجارب الإعلاميين في مصر والجزائر واليمن بين قتيل وجريح وأسير، يدفعون ثمنا باهظا لمواقف وممارسات سابقة.

هل يقدم الليبيون نموذجا مضافا للنموذج التونسي يبعث الأمل في نفوس باقي شعوب المنطقة التي تتلمس أي بوادر للنجاح والإفلات من مثلث الشيطان القائم في الخليج العربي؟ نتمنى لهم ذلك.