قضايا وآراء

"نادل" في وزارة الحرب الإسرائيلية

1300x600

نقلت وكالة رويترز للأبناء تصريحاً مثيراً لوزير الحرب الإسرائيلي "نفتالي بينيت"، ربط فيه "أي مساعدة قد تقدّمها إسرائيل لدعم جهود قطاع غزة في مكافحة فيروس كورونا، بمدى التقدّم الذي تحرزه في محاولتها استعادة جندييْن إسرائيلييْن فقدا أثناء الحرب التي جرت في القطاع عام 2014"، وهذه الصيغة لرويترز.

ونقلت الوكالة عن "بينيت" قوله للصحفيين: "عندما يكون هناك نقاش حول المجال الإنساني في غزة، فإن إسرائيل لها أيضاً احتياجات إنسانية تتمثل أساساً في استعادة من سقطوا في الحرب".

انتهى حديث الوزير اليميني الإسرائيلي، الذي عمل مديراً لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال الفترة من 2006 إلى 2008، ثمّ مديراً عاماً لمجلس المستوطنات في الضفة المحتلة. ويعمل حالياً على تقديم نفسه بأنه الوريث القوي لنتنياهو في قيادة اليمين الصهيوني.

كان التصريح مفاجئاً في توقيته الذي يعاني فيه الجميع من خطر كورونا، وخصوصاً الاحتلال الإسرائيلي الذي تجاوزت فيه أعداد المصابين بالفيروس حاجز السبعة آلاف مصاب، بينهم أكثر من 115 بحالة خطيرة، وما يزيد عن 40 وفاة، لكنه ليس مفاجئاً أن يجري على لسان الوزير "بينيت"، الذي اعترف في عام 2013 بـ"قتله الكثير من العرب".

يحمل التصريح الكثير من المعاني حين يتطوّر الأمر في هذا الوقت إلى ربط إدخال المستلزمات الطبية لمواجهة كورونا إلى غزة بقضية الجنود الإسرائيليين الأسرى، وهي على النحو التالي:

أولاً: يجب عدم تداول المصطلح الذي استخدمته وكالة رويترز، فهذه ليست مساعدات من "إسرائيل" بل إجراء تفرضه المسؤولية المباشرة عن حصار غزة.

ثانياً: يثبت أن الاحتلال الإسرائيلي كيان عديم الأخلاق واحتلال قهري، وليس أسلوباً جديداً عليه، فهو ابتزاز تتم ممارسته يومياً ضد مرضى غزة على حاجز بيت حانون شمال القطاع، فقد سجّل تقرير صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الاحتلال منع 51 ألف مريض من السفر خارج غزة للعلاج منذ عام 2008، بينما شهد العام 2018 وفاة 56 حالة لم يسمح لها الاحتلال بالعلاج خارج القطاع.

ثالثاً: تأكيد للمؤكد بمسؤولية الاحتلال الإسرائيلي عن حصار قطاع غزة أمام المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان، في هذا الوضع الخطير الذي تعانيه كل دول العالم، وسبق أن أوردت كاتبة إسرائيلية أن "المجتمع الدولي قد لا يقبل سماع روايتنا بالتنصل من هذا العبء".

رابعاً: استعمل وزير الحرب الإسرائيلي في تسميته للجنود الأسرى مصطلح "من سقطوا في الحرب"؛ لأن تسميتهم بحقيقتهم جنوداً وضباطاً سيضطره لتقديم تبرير لوجودهم في غزة، المكان الذي أسروا منه أثناء عدوان 2014، والتخلّي عن اعتبار استعادتهم "احتياجات إنسانية" كما وصف. وإلا فإن مطلب المقاومة الفلسطينية بتحرير أسرانا الفلسطينيين هو بالمثل، وبالتالي لن يكون أمامه إلا التفاوض. لكنه تجاهل معاناة أسرانا في ظل كورونا؛ لأن إطلاق سراحهم هو الاحتياج الانساني الحقيقي في ظل الأخبار الواردة بإصابة عدد منهم.

خامساً: التصريح منح غزة سبباً كافياً أمام المجتمع الدولي والإقليم ووساطات التهدئة للانفجار في وجه الاحتلال، وإنهاء الهدوء القائم، إذا لم يلتزم بإدخال المستلزمات الطبية، خاصة أن الذهاب نحو هذا الخيار قبل هذا التصريح (وإن كانت احتمالاته واردة جداً عند الوصول لنقطة الصفر) قد يكون صعباً في ظل هدوء الجبهات وفوهات البنادق؛ لصالح المعركة ضد كورونا. لكن التصريح أزال التردد، وجعل المهمة أسهل، لو قرر وزير الحرب الإسرائيلي العناد. لكن ما أعلمه أنه حالياً وكل المؤسسة الإسرائيلية في موقف من غزة، لا يملكوا فيه المقدرة على قول "لا".

انتهز قائد حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار فرصة الحوار التفاعلي الأوّل من نوعه مع أسئلة الناس وروّاد التواصل الاجتماعي، عبر قناة الأقصى الفضائية ومنصاتها الرقمية الأسبوع الماضي؛ ليوجّه ردّاً إلى وزير الحرب الإسرائيلي في اليوم نفسه، قال فيه: "إذا منعتم عنّا أجهزة التنفس، فسنقطع النفس عن ستة ملايين مستوطن صهيوني"، ثم قال بنبّرة حادّة: "إذا احتجنا ما يلزم فسنأخذه منكم خاوة".

ولم تمرّ دقائق حتى أصبحت هذه الكلمة العاميّة (خاوة) الوسم الأوّل فلسطينياً والأكثر تداولاً عبر منصات التواصل، وعنواناً لتوازن ردع تحوّل فيه "نفتالي بينيت" من وزير حرب إلى نادل!