صحافة دولية

MEE: هؤلاء ضحايا الزلزال السياسي بعقد الثورة في الشرق الأوسط

2010 - 2019 هو عقد الثورات في الشرق الأوسط- ميدل إيست آي

نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للصحافي جو غيل، يقول فيه إنه مع حلول عام 2010 بدت الأمور في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الجزائر وحتى دمشق وكأنها عادية جدا ومستمرة في المسار ذاته.

 

ويقول غيل في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومشكلة الإرهاب، التي أصبحت أسوأ بسبب الركود الاقتصادي، يبقيان مستعصيين، ومع ذلك فإن الحكومات، وغالبيتها ديكتاتورية وتحكم منذ زمن طويل، لا تزال تبدو أنها مسيطرة تماما، ويبدو أن النظام السياسي القديم غير قابل للتغيير، وحتى الحرب في العراق انتهت، وتتطلع الحكومة المدعومة من أمريكا للانتخابات في وقت لاحق من العام". 

 

ويشير الكاتب إلى أنه "كان أبعد ما يكون عن خيال معظم المراقبين أن تؤدي الاحتجاجات في تونس في كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام إلى إشعال المنطقة، ففي هذا الشرق الأوسط تتغير السنوات، لكن تبقى صور الحكام ذاتها يتم تمجيدها في الشوارع".

 

ويلفت غيل إلى أن "ذلك كان بداية عقد من الثورة والحروب الأهلية والصراع الإقليمي يأبى أن يهدأ إلى حال طبيعي جديد، وبدلا من ذلك يشتعل ثانية في نهاية العقد ليشمل عدة دول نجت منه في بداية العقد".


ويجد الكاتب أنه "مع أن قليلا من الدول لم تتأثر بظهور حركات في الشارع تطالب بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمساءلة، إلا أن معظم دول الخليج والمغرب والأردن تجنبت انتفاضات تطيح بالأنظمة القديمة أو تؤدي إلى نتائج دموية غير مثمرة".

 

ويبين غيل أنه "مع ذلك فإن القصور في تلك البلدان، من الرياض إلى أبو ظبي أصبحت أكثر وعيا بالتهديد المحتمل لتلك الموجات السريعة من المعارضة التي تخرج وكأنها من لامكان، وتقوم السعودية والإمارات بقيادة الثورة المضادة على مستوى المنطقة، متدخلة في مصر واليمن وليبيا وغيرها".

 

ويقول الكاتب إن ثورات العقد تكشفت على النحو الآتي: 

 

تونس – زين العابدين بن علي، كانون الثاني/ يناير 2011

 

بدأ العقد بانتفاضة بدأت في كانون الأول/ ديسمبر 2010 في سيدي بوزيد، حيث قام بائع العربة محمد بوعزيزي بحرق نفسه احتجاجا على الفقر والظلم.

 

ومع حلول كانون الثاني/ يناير فر الرئيس زين العابدين بن علي إلى السعودية، وهو أول رئيس يفاجأ بانفجار الاحتجاجات الشعبية، وتوفي في السعودية في عام 2019.

 

وبقيت الثورة التونسية هي الوحيدة التي نجحت في التحول إلى الديمقراطية، لكن الحرمان الاقتصادي الذي أشعل تلك الثورة بقي قائما، حيث كان هناك صدى لوفاة البوعزيزي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، حيث قام عبد الوهاب الحبلاني بحرق نفسه في مدينة جلمة، ما أشعل الاحتجاجات.

 

وكان انتخاب قيس سعيد، الذي جاء من خارج الطبقة السياسية، في تشرين الأول/ أكتوبر، مع برلمان جديد لا يحظى فيه حزب بأغلبية مطلقة، يجعل هناك صعوبة في تشكيل حكومة، وسط بطالة تصل نسبتها إلى 15%. 

 

مصر – حسني مبارك، شباط/ فبراير 2011

 

كان حسني مبارك مقربا من الغرب وإسرائيل، وحافظ على النظام بعد اغتيال سلفه أنور السادات في عام 1981، لكن ثورة شعبية بدأت في 25 كانون الثاني/ يناير 2011 أنهت حكمه، الذي استمر 30 عاما في 11 شباط/ فبراير.

 

وحكم محمد مرسي، الرئيس الأول الذي تم انتخابه بحرية، لفترة قصيرة، قبل أن يقوم وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي بالانقلاب عليه والسيطرة على السلطة في تموز/ يوليو 2013، وقام بقمع المعارضة كلها، ومات مرسي بسبب الإهمال الطبي في حزيران/ يونيو 2019، بعد ست سنوات في السجن الانفرادي.

 

وفي أيلول/ سبتمبر 2019، بعد أن تم قمع التفكير بالاحتجاج من خلال القمع وصعوبة الحياة، استجاب آلاف الناس لدعوات محمد علي للخروج إلى الشارع والاحتجاج على الفساد الذي فضحه، وتم اعتقال الكثير ممن شاركوا في هذه الاحتجاجات.

 

البحرين – الملك حمد، آذار/ مارس 2011

 

دون مساعدة الإخوة الأكبر في الخليج في السعودية والإمارات فإنه لم يكن من المؤكد إن كان بإمكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الحليف لبريطانيا وأمريكا، تجاوز احتجاجات عام 2011 سالما.

 

ولكن تم سحق مطالب الأكثرية الشيعية بإصلاح الحكم الملكي السني، من القوات السعودية والإماراتية، التي دخلت إلى المنامة عبر الطريق التي تربط البحرين بالسعودية، وتضررت سمعة البحرين، لكنه حلفاءها الغربيين أصبحوا أكثر دعما، وفي نيسان/ أبريل 2018 فتحت بريطانيا أول قاعدة لها منذ أربعين عاما في المنامة. 

 

ليبيا – معمر القذافي، تشرين الأول/ أكتوبر 2011

 

سقط معمر القذافي، الذي نصب نفسه ثوريا لأفريقيا، بعد 42 عاما من الحكم من خلال انتفاضة أعقبت ثورتي تونس ومصر، وكانت نقطة التحول في الثورة الليبية قرار حلف الناتو فرض منطقة حظر طيران، تحولت بعدها إلى حربة جوية دعما للثوار.

 

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2011 قتل القذافي بينما كان هاربا، لكن قتله لم يؤد إلى مستقبل أفضل، فانقسمت ليبيا على خطوط قبلية إلى شرق وغرب، وفي 2014 وجد تنظيم الدولة لنفسه قدما فيها، وبدأت القوى الأجنبية تتسلل إلى مناطق ليبيا الغنية بالنفط.

 

والآن يقوم خليفة حفتر، الذي يقود جيشا في شرق ليبيا، بهجوم قوي ضد الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة في طرابلس، ويحصل الطرفان على الدعم من تركيا والإمارات والسودان والأردن وتشاد وروسيا، مما يزيد في تعقيد الصراع في ليبيا.

 

اليمن – علي عبدالله صالح، شباط/ فبراير 2012

 

خلال حكمه الذي دام 33 عاما أنشأ علي عبدالله صالح شبكة من التحالفات، سمحت له بأن يقمع التهديدات والبقاء في السلطة، وفي 2011 سادت الاضطرابات التي كانت تجتاح المنطقة اليمن، وفي شباط / فبراير 2012 تنازل مترددا عن السلطة، وبالنسبة لكثير من الحكام كان ذلك سيشكل النهاية، لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لصالح.

 

واقتحم الحوثيون، أعداؤه السابقون من جبال صعدة، صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014، وأطاحوا بخليفته المدعوم من السعودية، عبد ربه منصور هادي.

 

وقام صالح بالتحالف مع الحوثيين على مدى الأعوام الثلاثة اللاحقة، وقامت قواته بالوقوف ضد الحملة العسكرية السعودية الإماراتية لإعادة هادي، لكنه في أواخر عام 2017 مال نحو السعودية، ودفع حياته ثمنا لذلك، فقتل في 4 كانون الأول/ ديسمبر على أيدي الحوثيين على شارع بالقرب من صنعاء، ولا تزال الحرب مشتعلة تقسم البلد وتتسبب بأسوأ أزمة إنسانية.

 

سوريا – بشار الأسد، الحرب السورية 2011

 

كان بشار الأسد قد قضى في الحكم أقل من عقد بعد أن خلف أبيه حافظ الأسد عندما بدأت المظاهرات في درعا في آذار/ مارس 2011، ومع انتشار وتزايد الاحتجاجات أعلن الأسد بأن هناك مؤامرة أجنبية، وقام نظامه بحملة ضد المتظاهرين، التي تحولت إلى حرب أهلية بشعة.

 

ولم يتوقع أحد أنه سيبقى بعد تصعيد العنف، لكن التدخل الروسي عام 2015 أدى إلى تحول الحرب ضد الثوار الذين كانت تدعمهم تركيا والغرب ودول الخليج.

 

وآخر المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة سقطت في بدايات 2019، ولم تبق سوى إدلب، التي تعد آخر معقل للثوار بعد حوالي 9 سنوات من الحرب، وحوالي نصف مليون قتيل، حيث تزايد قصف النظام في كانون الأول/ ديسمبر.

 

ومع نهاية العقد كان الأسد هو الحاكم العربي الوحيد خارج ملكيات الخليج والأردن والمغرب الذي استطاع البقاء وتجاوز مظاهرات 2011.

 

إيران – احتجاجات شعبية، 2017 - 2019

 

بعد معاناة العزلة خلال رئاسة الرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد، قام الإيرانيون بانتخاب حسن روحاني المحسوب على تيار الوسط عام 2013.

 

وقام بتوقيع اتفاقية نووية مع الغرب وقوى عالمية أخرى؛ أملا بأن تستفيد إيران من النمو الاقتصادي والتجارة، لكن ترامب رفض الاتفاقية بعد انتخابه في 2016، ما أدى إلى عقوبات جديدة.

 

وأدت حملة "أقصى ضغط" التي تشنها أمريكا ضد إيران إلى أوضاع سيئة في إيران، تسببت بمظاهرات في 2017، ومرة أخرى وعلى نطاق أوسع في أواخر عام 2019، وقامت قوات الأمن الإيرانية بقتل مئات المشاركين، وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تبقى الظروف في إيران كئيبة، إلا أن النخبة تبدو مستعدة لاتخاذ إجراءات لمنع المعارضة الداخلية والخارجية.

 

الجزائر – عبد العزيز بوتفليقة، نيسان/ أبريل 2019

 

بعد عشرين عاما في السلطة كان ينوي رئيس الجزائر المسن عبد العزيز بوتفليقة، وعمره 81 عاما، أن يترشح لفترة رئاسية خامسة، لكن في شباط/ فبراير 2019 انفجرت مظاهرات تطالب بعدم ترشحه. 

 

وتنازل بوتفليقة أخيرا في نيسان/ أبريل، وقدم استقالته، لكن الحراك لأجل التغيير لم يقبل بذلك فقط، فتمت إقالة أو سجن أعضاء النظام واحدا تلو الآخر، في الوقت الذي حاول فيه الجيش أن يدير التحول السياسي بإزالة الشخصيات المكروهة، وتصفية الحسابات، ومحاولة إثبات أن هناك تقدما.

 

وتم عقد انتخابات رئاسية في كانون الأول/ ديسمبر لإنهاء الثورة، لكن الاحتجاجات استمرت، وكان عدد المصوتين قليلا، ورفض الجزائريون الانتخابات. 

 

وبعد الوفاة المفاجئة لرئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، الذي يعد حارسا للنظام السياسي الذي يسيطر عليه الجيش، قام الرئيس المنتخب، عبد المجيد تبون، بفتح المفاوضات مع الحراك، الذي يطالب بدستور جديد وتحسين في ظروف الحياة.

 

السودان – عمر البشير، نيسان/ أبريل 2019

 

كان عمر البشير واحدا من أشرس وأحذر الناجين في المنطقة، وكان قد جاء إلى الحكم عبر انقلاب دعمه الإسلاميون في عام 1989، وأصبح مارقا دوليا بعد استضافته لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن خلال تسعينيات القرن الماضي، وشن حملة وحشية ضد الثوار في دارفور، أدت إلى أن توجه إليه محكمة الجنايات الدولية تهما بارتكاب جرائم إبادة جماعية عام 2008.

 

وخرج البشير من عزلته في عام 2017، بعد أن تصالح مع ملكيات الخليج وسعى لقبول الغرب، لكن انتفاضة مصممة بدأت في كانون الأول/ ديسمبر 2018، أطاحت به في نيسان/ أبريل، وتم استبداله بمجلس انتقالي.
وتم الحكم عليه بالسجن لمدة سنتين بتهم فساد في كانون الأول/ ديسمبر، وهناك محاكم أخرى ستقام له.

 

العراق – ثورة تشرين الأول/ أكتوبر 2019

 

مع حلول عام 2010، توقفت الحرب التي أثارها الغزو الأمريكي، فقام رئيس الوزراء نوري المالكي ببناء قاعدة للسلطة في ظل المحاصصة الطائفية، وفي داخلها الغالبية الشيعية المدعومة من إيران، لكن مع سقوط الموصل في يد تنظيم الدولة في 2014، خسر المالكي سلطته لصالح نائبه حيدر العبادي.

 

وتمت هزيمة تنظيم الدولة بعد حملة عسكرية دامت أربع سنوات، لكن خلال عام واحد ظهر تهديد جديد للطبقة السياسية: ثورة تشرين الأول/ أكتوبر ضد الفساد المستشري والبطالة وفقدان الأمل لدى الملايين.

 

ولا يظهر أن المظاهرات ستتراجع بالرغم من قتل قوات الأمن للمئات، واستقالة رئيس الوزراء الذي كان في السلطة لمدة عام، لكن مطالب المتظاهرين هي التغيير الجوهري.

 

لبنان – تظاهرات حاشدة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019

منذ نهاية الحرب الأهلية ما بين 1975- 1990 اتبع قادته السياسيون نوعا من الأوليغارشية في السلطة، ونجوا من الأزمة تلو الأخرى وتداعيات الحرب الأهلية السورية، في الوقت الذي فشلوا فيه في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2019 حصل شيء لم يكن متوقعا، وجاء نتيجة رفع الضريبة على مكالمات "واتساب" عبر الهواتف النقالة، وسط أزمة اقتصادية، وزيادة نسب البطالة، واحتجاجات واسعة غير مسبوقة في أنحاء البلد كلها، مطالبة بنهاية النخبة الفاسدة، التي أجبرت رئيس الوزراء المخضرم سعد الحريري على الاستقالة. 

 

والمواجهة غير المريحة لا تزال مستمرة بين المحتجين والنخبة، حيث تم اختيار حسان دياب، الذي جاء من المؤسسة التقليدية، لكن لا نهاية للوضع.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)