لا يحتاج باهي الضبّة (23 عاما)، كثيرا من الوقت لاتخاذ قرار البدء في إنجاز تصميم ثلاثي الأبعاد، يضيف من خلاله عناصر تطوير لنماذج من سيارات تصنعها شركات عالمية، فالشغف هو دليله لذلك العمل، كما يذكر.
على عجالة، يرتب الشابّ الذي يسكن
مدينة الزهراء الواقعة وسط قطاع غزّة، رسوماته الورقية المتناثرة على مكتبه
الصغير، وينقلها أمام جهازه الإلكتروني الذي يتسمر أمامه لساعات طويلة، يقضيها في
تحويل تلك الرسومات، للوحات إلكترونية.
خربشات على المقاعد
يقول الضبّة، في حديثٍ لوكالة
الأناضول:" بدأت قصتي منذ المرحلة الابتدائية، حيث كنت آنذاك أركز في حصة
الرسم والفنون أكثر من غيرها، كما أنّ علاقة صداقة ومودة جمعتني مع مدرسيها".
فوق المقاعد الدراسية، وعلى الجدران
الخارجية للفصول، كان الشابّ يعبر عن مواهبه الفنية ذات العلاقة بالرسم.
يضيف:" عرضني ذلك لمواقف لوم
وعقاب كثيرة، لكنّي كنت من صغري مشاغباً وأفعل ما أريد"، قالها ضاحكاً.
ويلفت إلى أنّ موهبة الرسم لديه،
امتزجت بحبّه للسيارات وشغفه بمتابعة كل جديد في عالمها، ومع الوقت صار حريصاً على
مطالعة كلّ ما هو جديد في عالمها عبر الاستعانة بمواقع الإنترنت.
وكانت أول تجربة له في محاولة رسم
هيكلٍ لسيارة عام 2007.
اقرأ أيضا: "الرملاوي" فنانة من غزة تنحت من الرمل هموم شعبها (شاهد)
ودرس الشاب المرحلة الثانوية في
الفرع الصناعي، داخل مدرسةٍ تقع في مدينة دير البلح وسط القطاع.
ويضيف:" اختياري للدارسة في ذلك
الفرع الذي يضم تخصص "كهرباء السيارات"، جاء كونه الأكثر توافقاً مع
موهبتي وطموحي".
وبعد ذلك اتجه الضبّة لدراسة تخصص
الوسائط المتعددة في المرحلة الجامعية، إذ تمكن خلال تلك الفترة من إجادة العمل
على مختلف برامج الرسم والتصميم التي ساهمت في تطوير الحس البصري لديه، ما ساعده
على تحسين أدائه.
تطور مستمر
في مكتبه الواقع غرب مدينة غزّة،
ينشغل الشاب لساعاتٍ طويلة يومياً في عمله، بين جدرانٍ مليئة بالرسومات الملونة
التي يظهر عليها أنواع مختلفة من تصاميم السيارات العالمية بطريقةٍ مطورة ومبتكرة.
وحين يقرر البدء بإنجازٍ لوحةٍ ما،
يبدأ برسم مخططٍ بأقلام الرصاص على أوراقٍ عادية، ثمّ يتجه بعدها لجهاز الكمبيوتر
وهناك يصممها إلكترونياً لتصبح تلقائياً جاهزة لمرحلة التنقيح والتعديل النهائي،
كما يشير.
وينوّه إلى أنّه أجاد منذ فترة تقنية
الرسم بطريقة ثلاثي الأبعاد، وكذلك صارت لديه القدرة على تصميم الأجزاء الداخلية
للسيارات من مقاعد وأجهزة تحكم بالسير وغيرها.
وبحسب حديثه، فإن العمل في مجال
تطوير أو تصميم السيارات يحتاج لفطنة وذكاء عالي، كونه الأمر يتعلق بالشكل الخارجي
وإجراءات الأمان والسلامة.
ولمختلف شركات السيارات العالمية صمم
الشاب نماذج لمركبات متعددة وبأشكال متنوعة.
ويشير إلى أنّه يلتزم بالقواعد
الأساسية، التي تحددها تلك الشركات في رسوماته.
أعمال مبتكرة مقبولة
ويلفت ضمن حديثه، إلى أنّه في الفترة
الماضية وتحديداً في عام 2017 عرض أعماله على شركاتٍ عالمية مثل (BMW) الألمانية التي راسلها عبر البريد الإلكتروني.
ويزيد:" لاقت التصاميم قبولاً
جيداً من المختصين هناك، وأبدوا إعجابهم بها، وأبلغوني أنّه قد أكون في الفترة القادمة
ضمن فريق عملهم المهتم بتطوير المركبات في ألمانيا، وأرسلوا لي شروط العمل لديهم
وتفاجأت بأنّها لا تتطلب شرط الدراسة الجامعية.. المهم الإبداع فقط".
اقرأ أيضا: "أم جميل" امرأة خمسينية صامدة ببيع السمك في قطاع غزة
محليا، شارك الشاب العشريني بلوحاته
في عدد من المعارض المحلية داخل قطاع غزة، حيث عرض هناك للزوار ما وصل له من
تصاميمه.
ويردف: "حظيت الأعمال بقبولٍ
لديهم، وهذا الأمر حفزني على الاستمرار".
ويستخدم الضبّة كذلك منصات التواصل
الاجتماعي في تسويق لوحاته، حيث إنّ عدد متابعيه يزداد باستمرار، وينبّه إلى أنّ
محيطه المجتمعي حريص على استقبال كلّ جديدٍ منه.
ويكمل حديثه بالقول إنّه أنشأ حديثاً
حساباً على موقع حملة "Go Fund Me" المتخصصة بجمع التبرعات لأصحاب المواهب؛ وذلك قد يساعده على
مواصلة عمله والوصول لهدفه، كما يبيّن.
أحلامٌ يحدها الحصار
وحصل الضبّة قبل عدّة شهور على
تدريبٍ نظمته مؤسسة غيت واي (Gate Way) استمر لمدّة ثلاثة شهور، وشارك فيه عشرات الموهوبين من قطاع غزة
حيث تلقوا معارف ومعلومات تساعد على تحفيز الابتكار لديهم، وفقاً لكلامه.
ولطالما وقفت المشاكل التي تسبب بها
الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 13 عاما، عائقاً في وجه أحلامه
وطموحاته.
ويؤكّد أنّه لم يتمكن من السفر أكثر
من مرّة، وضاعت عليه عشرات الفرص الخارجية.
ولأجل توفير مستلزماته الحياتية، يعمل
الشاب خلال الفترة الآنية (عن بعد) في مجال تصميم الغرافيك والرسمات الكرتونية.
ويتابع:" ممكن أن أبقى هكذا حتى
أحصل على فرصةٍ مناسبة في إحدى الشركات التي تصنع السيارات".
ولدى سؤاله عن طموحه المستقبلي أجاب
الشاب، أنه يتطلع لفرصةٍ دولية تمكنه من دراسة علم تصميم المركبات بشكلٍ مجمل؛ حتى يكون قادراً مستقبلاً على فتح مركزٍ محلي يدّرب الشباب على تلك الفنون.
ويعاني قطاع التدريب المهني في غزة
من مشكلات عدّة، أهما قلة المراكز المختصة والتخصصات العلمية، ويفتقر كذلك للأدوات
اللازمة لتطوير أداء الطلبة وتحفيزهم على الابتكار.
إصابات بمسيرات العودة في غزة بجمعة "المسيرة مستمرة"
الاحتلال غير جاهز لعقد صفقة تبادل مع حماس.. لهذه الأسباب
"المستشفى الأمريكي" بغزة.. بين الحاجة والمخاوف الفلسطينية