ـ ليس أمام إيران متسع من الوقت، وهو لا يسير
في مصلحتها، المشاكل البنيوية والعقوبات الأمريكية مستمرة في إلحاق الضرر بالبلاد
ـ الولايات المتحدة عبر العقوبات تريد إحضار
إيران إلى طاولة المفاوضات، إذ تتوقع أن الأخيرة لن تكون قادرة على تحمل العقوبات
والضغوط مدة أطول
ـ إيران تتطلع إلى الخروج من الأزمة بأقل
الخسائر، وفرض أكبر قدر ممكن من السيطرة داخليا وثني الدول الأخرى عن اتخاذ خطوات
ضدها
ـ طهران تأمل أن تغير واشنطن موقفها وتعود
مجددا إلى الاتفاق النووي في حال عدم إعادة انتخاب ترامب في انتخابات الرئاسة عام
2020
ـ حقيقة أن المحتجين يُلحقون أيضا الضرر
بالممتلكات العامة والخاصة تظهر حجم الضغط الذي يعيشه الشعب نتيجة المشاكل
الاقتصادية والسياسية
ـ ما لم يتم حل تلك المشاكل أو تخفيفها على
الأقل، ويجد الشعب أملا للخروج من الدوامة التي تعيشها البلاد، فيبدو أن الاحتجاجات
ستستمر وستلحق الضرر بشكل أكبر بإيران
ظلت أسعار النفط ثابتة في إيران رغم ارتفاع
معدلات التضخم سنويا بين 10 و30 بالمئة، وشهدت الموازنة العامة للدولة عجزا كبيرا
بسبب التحويلات المالية المباشرة، رغم دعمها من قبل الدولة.
وارتفع الدين العام للبلاد بنسبة 30 بالمئة،
فجاء إعلان رفع أسعار الوقود الذي طال انتظاره، في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني
الماضي، بقرار من المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الذي يقوده الرئيس حسن روحاني.
وألحقت إعادة فرض العقوبات الأمريكية الضرر
بالاقتصاد الإيراني، عقب انسحاب واشنطن أحادي الجانب من خطة العمل الشاملة
المشتركة، أو ما يعرف بالاتفاق النووي، في 5 مايو/ أيار 2018.
ورغم أن العقوبات لم تدخل حيز التنفيذ حتى
نوفمبر 2018، إلا أن التوقعات السلبية في ما يخص اقتصاد إيران بدأت تظهر في يناير/
كانون الثاني من العام نفسه، عندما حدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مطالب يصعب
تنفيذها لمواصلة الالتزام بالاتفاق النووي الموقع بين طهران والقوى الكبرى عام
2015.
وبدءًا من أوائل 2018، فقد لاح في الأفق العديد من
المؤشرات على تدهور الاقتصادي الكلي لإيران، من قبيل تراجع النمو الاقتصادي،
وانتشار البطالة والتضخم، فضلا عن تراجع اقتصاد البلاد بنسبة 4 بالمئة في العام
نفسه، ومن المتوقع أن ينكمش مرة أخرى بنسبة 9.5 بالمئة خلال 2019.
ناهيك عن انخفاض قيمة العملة إلى أدنى
مستوياتها في الأشهر الـ22 الماضية، ففي يناير 2018، كان الدولار الواحد يعادل 4
آلاف تومان إيراني، وبعد 10 أشهر فقط، انفجرت أسعار السوق الحرة تماما، وارتفع سعر
الصرف ليصل إلى 17 ألف تومان مقابل الدولار الواحد.
في المقابل، تمكنت العملة المحلية من التعافي
ببطء، حيث تراجع صرف الدولار الواحد ليعادل 12 ألف تومان، ويعني هذا السعر
أن الأخير فقد أكثر من ثلثي قيمته منذ يناير 2018.
وأدى تفاقم أزمة العملة الأجنبية في إيران إلى
ارتفاع معدل التضخم، فبينما انخفض معدله من 40 بالمئة إلى 8 بالمئة في الولاية
الأولى لروحاني بين 2013 و2017، فقد عاد ليرتفع بشكل حاد ويصل إلى 50 بالمئة منذ بداية
2018، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 70 بالمئة.
وإيران شعبها فتي، إذ يبلغ متوسط أعمار سكانها
28 عاما، وكل عام يتطلع نحو مليون شخص إلى دخول سوق العمل، وهو ما لا يمكن تحقيقه
إلا بنمو اقتصادي يتراوح بين 6 و7 بالمئة، لذلك فإن معدلات البطالة آخذة في الارتفاع
بسبب نقص الاستثمارات.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 40 بالمئة من
خريجي الجامعات عاطلون عن العمل، لهذا السبب يشكل الشباب نسبة كبيرة في الاحتجاجات
المناوئة للحكومة، التي يطلق عليها "انتفاضة الخبز" أو "انتفاضة
الشباب".
وترسم المؤشرات المتعلقة بالوضع الاقتصادي
الكلي لإيران صورة متشائمة عن مستقبله، وبات الشارع يشعر أكثر بعمق الأزمة يوما
بعد آخر نتيجة الحالة المحزنة التي وصلت إليها طهران.
من الناحية الاجتماعية، تختلف احتجاجات اليوم
عن مثيلاتها في الماضي، فالتظاهرات التي اندلعت بعد انتخابات أعوام 2009 و2017-2018، جذبت في الأغلب أفراد الطبقة الوسطى، إلا أنها لم تكن عنيفة بمعظمها، وغير
ناجمة عن مشاكل اقتصادية واجتماعية.
بالمقابل، فإن الاحتجاجات التي شهدتها إيران، مؤخرا،
شملت أيضا العديد من المدن، لكن المتظاهرين بدل أن يتجمعوا في المراكز الرئيسة،
ساروا ضمن مجموعات صغيرة من 100 إلى ألف شخص، وفي مناطق مختلفة، وتركزت بشكل كبير
في الأحياء الفقيرة.
أضف إلى ذلك أن مستويات العنف التي وصلت إليها
الاحتجاجات الأخيرة في مناطق الأقليات الدينية والعرقية، مثل خوزستان وكردستان،
كانت أعلى بشكل كبير مقارنة بالاحتجاجات السابقة.
وتشير تقديرات المنظمات الدولية، إلى أن معظم
الضحايا الذين سقطوا في الاحتجاجات ينحدرون من هاتين المنطقتين.
إن حقيقة أن المحتجين يُلحقون أيضا الضرر
بالممتلكات العامة والخاصة، تظهر حجم الضغط الذي يعيشه الشعب نتيجة المشاكل
الاقتصادية والسياسية في البلاد.
وما لم يتم حل تلك المشاكل أو تخفيفها على
الأقل، ويجد الشعب أملا للخروج من الدوامة التي تعيشها البلاد، فيبدو أن الاحتجاجات
ستستمر وستلحق ضررا بشكل أكبر بإيران.
ويقول مسؤولون إيرانيون، إن الولايات المتحدة
ضالعة سرا في الاحتجاجات، وهي أكثر تهورا من سابقاتها، بسبب قيام محتجين بإضرام
النار في محطات الوقود والمصارف والمركبات.
وزعم أيضا مسؤولون أن بعض المتظاهرين استخدموا
أسلحة نارية في بعض المناطق، وهي أفعال لم تكن شائعة من قبل على الإطلاق.
صحيح أن هناك احتجاجات في كل أنحاء العالم،
ويتعين على الدول التي تشهد تلك الاحتجاجات التعامل معها، لكن الوضع في إيران فريد
من نوعه، حيث إن الحكومة أغلقت شبكات الإنترنت لمنع المتظاهرين من تنسيق
الاحتجاجات وتنظيمها.
المفارقة أن منصات وسائل الإعلام الإلكترونية
تتعرض لانتقادات على تعاونها مع الحكومات الغربية لمساعدتها في قمع الاحتجاجات
التي تشهدها بلادهم، لكن الأمر يختلف عندما يتعلق بالدول النامية.
الحكومة الإيرانية أغلقت بشكل كامل الإنترنت
للتخلص من خطر الاحتجاجات، وأثبت ذلك جدواه عندما حظرت الوصول إليه لمدة أسبوع
تقريبا في عموم البلاد.
ليس أمام إيران متسع من الوقت، وهو لا يسير في
مصلحتها، المشاكل البنيوية والعقوبات الأمريكية مستمرة في إلحاق الضرر بالبلاد.
وتريد الولايات المتحدة عبر العقوبات إحضار
إيران إلى طاولة المفاوضات، إذ تتوقع أن الأخيرة لن تكون قادرة على تحمل العقوبات
والضغوط عليها لفترة أطول.
تتطلع إيران إلى الخروج من الأزمة بأقل
الخسائر، وفرض أكبر قدر ممكن من السيطرة داخليا، وثني الدول الأخرى عن اتخاذ خطوات
ضدها أملا أن تغير واشنطن موقفها، وتعود مجددا إلى الاتفاق النووي في حال عدم
إعادة انتخاب ترامب، في انتخابات الرئاسة عام 2020.
أمريكا تفرض عقوبات على وزير الإعلام الإيراني
ترامب يعلق على عودة إيران لتخصيب اليورانيوم
أوبراين: سنبذل ما في وسعنا للحفاظ على التحالف مع تركيا