ملفات وتقارير

لجان المقاومة بالسودان.. محرك رئيس للشارع يؤسس لجسم تنظيمي

السودان شهد حراكا شعبيا أطاح بنظام البشير وعيون السودانيين لما بعد المرحلة الانتقالية- جيتي

تكونت "لجان المقاومة" في المدن والقرى السودانية، عقب اندلاع الاحتجاجات في 19 كانون الثاني/ ديسمبر 2018، وعرفت لأنها المحرك الرئيس للشارع السوداني.

وحازت اللجان الشعبية هذه على دور أكبر في إدارة المظاهرات في الأحياء والمدن حتى عزل البشير في 11 نيسان/ أبريل الماضي.

وبحسب ما وصل "عربي21"، فإن لجان المقاومة، تعتزم عمل جسم منظم، لتشكيل المجالس البلدية، استعدادا للانتخابات المحلية بعد ثلاث سنوات.

وبحسب مصدر من لجان المقاومة، فإن "لجان التغيير والخدمات" التابعة لها، ستقوم بمهمة تدريب وتأهيل شخصيات من الأحياء والقرى والمدن السودانية، للمرحلة ما بعد الانتقالية، لتقديمهم في الانتخابات المقبلة كممثلين لمناطقهم، دون مزيد من التفاصيل. 

وزاد من أهمية هذه اللجان الشعبية، بعد تشكيل الحكومة الانتقالية في أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد أن ظهر بعض قادة اللجان للعلن، وقد كانوا مطلوبين أمنيا، وكانوا يتعرضون للاغتيال.

ما هي لجان المقاومة؟

وقابلت "عربي21"، سكرتير لجان مقاومة الوادي الأخضر والتلال، عباس محجوب عباس، ليروي كيف نشأت لجان المقاومة، وما دورها وأهميته في الأحياء والقرى السودانية، لا سيما خلال المرحلة الانتقالية الحالية. 

وقال عباس إن "لجان المقاومة، تنظيمات شعبية في الأحياء والقرى ومواقع السكن السودانية، أسست في فترة النضال السري، لتعبئة الشارع وتنظيم المواطنين وقيادة الفعاليات المقاومة لحكم عصابة الإنقاذ، وقد أسست بشكل غير مركزي بحيث تتخذ القرارات في منطقة كل لجنة بحسب مقتضى الحال في الحي أو القرية ما جعل مهمة الأجهزة الأمنية صعبة حينها". 

 

اقرأ أيضا: حكومة السودان تحظر 24 منظمة شبابية ونقابية وأهلية

وأضاف أن "اللجان تعد الفئة الجريئة التي تنفذ ما خططت له القلة المبدعة المتمثلة في تجمع المهنيين السودانيين وقوى إعلان الحرية والتغيير حينها، وقد أدت دورها بمهنية واحترافية ووطنية عالية، حتى تم إسقاط نظام البشير".

وقال: "نعتبر أنفسنا كلجان مقاومة، الرقيب على السلطة الانتقالية، والضامن لعدم انحرافها عن مسارها المتفق عليه، في تحقيق تطلعات الشعب السوداني، في العبور إلى نظام وطني ديمقراطي، يحقق تطلعاتنا كسودانين في الحياة الحرة الكريمة".

لجان الكرامة المضادة

وتواجه لجان المقاومة، حملة مضادة في البلاد، أطلقت على نفسها اسم "لجان الكرامة"، التي نشطت في وسائل التواصل الاجتماعي ضدها، دون عمل منافس على الأرض في الأحياء والمدن السودانية.

وتتهم لجان المقاومة اللجنة المضادة لها، بمحاولة تشويهها والتحريض عليها. وعن ذلك قال عباس إن "جماعة الإنقاذ (يقصد بها نظام البشير الذي وصل للحكم بعد ثورة الإنقاذ الوطني) اعتادت تشويه صورة كل من عارضها، ووسمه بالعمالة والارتزاق، وقبح الأوصاف". 

وأضاف أن "ما يسمى بلجان الكرامة، جسم لا يتجاوز وجوده بيان التأسيس الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم نر لهم أي ظهور علني في أي منطقة أو حي". 

وأوضح أن بعض أفراد لجان المقاومة، "تعرضوا لتعد باستخدام العنف الجسدي في ثلاث أو أربع مناطق، وكان وراء الاعتداءات أفراد تنظيم النظام السابق"، وفق قوله.
 
وشدد على أن "محاولة تشويه صورة اللجان، لا تجد أدنى سند شعبي، وهي محاولة معزولة، مثل مطلقيها".

العلاقة مع قوى التغيير

أما عن علاقة اللجان بقوى إعلان الحرية والتغيير، فاعتبر عباس أنها "علاقة منطقية وموضوعية، وعلاقة شركاء في النضال والهم العام". 

ولكنه أوضح: "نحرص كلنا على استقلالية اللجان، بحيث لا تتماهى مع خط تنظيم سياسي بعينه أو كتلة من كتل التحالف، وإنما تنحاز اللجان لخط الشارع فقط". 

وسبق أن أثارت علاقة لجان المقاومة مع الحرية والتغيير، انتقادات سياسية، منها ما جاء على لسان الأمين العام لحزب المسار الوطني، لؤي عبد المنعم، الذي اقترح انتخاب الأحياء للجان، منتقدا تعيينها بالتشاور مع قوى التغيير واستيلاءها على أصول اللجان الشعبية.

 

إلا أن عباس قال: "كثيرا ما تقاطعت مواقف اللجان مع مواقف قوى إعلان الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين، ولكننا نعتبر أنفسنا رقيبا على السلطة الانتقالية".

 

اقرأ أيضا: مظاهرة احتجاجية بالسودان تطالب بمحاكمة رموز نظام البشير

 
من جانبه، هاجم كذلك عضو لجنة العمل الميداني في قوى الحرية والتغيير، شريف محمد عثمان، في مقابلة له في صحيفة "السوداني"، لجان الكرامة المضادة للجان المقاومة، وقال: "هذه لجان تتبع للنظام البائد، وهناك عمل منظم من قبلهم، وهناك محاولات للتسلق على لجان المقاومة وحرفها عن مسارها السلمي". 

وأضاف أن "هناك مجموعات تدعي أنها لجان مقاومة، دون تواصل مع التنسيقيات، وتقوم بتنفيذ أنشطة تخريبية، وهذه أنشطة وأجسام مشبوهة بالنسبة للجان المقاومة"، وفق قوله.

وسائل سلمية

وعند إجابته عن سؤال بشأن الاتهامات للجان المقاومة، بأنها تستخدم العنف ضد خصومها، قال عثمان: "هذه ادعاءات غير صحيحة، ولجان المقاومة منذ نشأتها اتخذت السلمية منهجا ضد عنف الدولة، بكل ترسانتها وآلياتها". 

وأضاف أنه "على الرغم من عشرات الشهداء وآلاف المصابين، فقد تمسك الثوار بخيار السلمية، ومثل هذه الادعاءات هدفها تشويه الصورة الزاهية التي رسمتها الثورة السودانية".

وقال: "الثوار على وعي بهذا التشويه الذي يتم بصيغتين، أولاها بنسب أحداث للثوار كما حدث في مدرسة كبيدة، أو الادعاء بأن لجان المقاومة انتزعت مقر منظمة وحولته لبيت دعارة في أم درمان أو عبر محاولة تضخيم بعض الأحداث وتحويرها".

 

ولم يتسن لـ"عربي21" الحديث مع ممثلين للجان الكرامة، لاكتفاء نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم توفر متحدثين باسمها.

 

وظهرت لجان المقاومة، بعد اتهامات لحزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، بالسيطرة على الاتحادات المهنية والمنظمات، منذ أن وصل عمر البشير إلى السلطة، إثر انقلاب عسكري في 30 حزيران/ نونيو 1989.

ويطالب تجمع المهنيين السودانيين، بحل الاتحادات، والحجز على حساباتها المصرفية والأصول والممتلكات.

وعزلت قيادة الجيش السوداني، في 11 نيسان/ أبريل الماضي، البشير من الرئاسة، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

وبدأ السودان، في 21 آب/ أغسطس الماضي، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا، تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير.