مراقبون: هذه الملفات التي يمكن طرحها بزيارة حميدتي للقاهرة

وصل النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان محمد حمدان دقلو "حميدتي" السبت، إلى العاصمة المصرية القاهرة، تلبية لدعوة من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، في زيارة تستغرق يومين، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا".

واستقبل حميدتي في مطار القاهرة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ومن ثم التقى المسؤول السوداني برئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي مولانا محمد عثمان الميرغني بمقر إقامته بالقاهرة، وبعدها التقى حميدتي بوفد من الجالية السودانية بمصر.

وقال حميدتي: "إننا مستعدون لحل كافة العقبات والمشاكل التي تواجهها الجالية السودانية، من مبدأ الحرص على رعاية المواطنين أينما كانوا"، لافتا إلى أنه تقرر فتح الحدود خاصة المعابر البرية وإدخال كل المواطنيين السودانيين العالقين بمصر إلى السودان.

وأوضح القائم بأعمال السفارة السودانية بمصر السفير خالد إبراهيم الشيخ، أن حميدتي استمع إلى المشاكل التي تواجه الجالية، خاصة في ما يتعلق بخدمات التعليم والصحة واستخراج الرقم الوطني والجواز الإلكتروني، وقضايا الهجرة غير الشرعية، إلى جانب المشاكل التي يواجهها السودانيون القادمين لمصر بغرض العلاج والدراسة.

اقرأ أيضا: حميدتي يصل العاصمة المصرية بدعوة من السيسي (شاهد)

لكن زيارة حميدتي إلى مصر تعد الثانية منذ الإطاحة بحكم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وتتزامن مع تحركات مشتركة بين البلدين في ما يتعلق بمفاضات "سد النهضة"، ما يطرح تساؤلات حول أهداف الزيارة والملفات التي يمكن طرحها.

بدوره، قال الكاتب الصحفي قطب العربي في مقال اطلعت عليه "عربي21" إن "حميدتي أقرب القادة السودانيين للسيسي ولرجله القوي عباس كامل رئيس المخابرات العامة"، مضيفا أن "نظام السيسي يدرك أن حميدتي هو رجلهم المفضل، وهو الشخص القوي بالسودان الذي يمكن الاعتماد عليه".

وتابع العربي: "نظام السيسي يدرك أيضا أن حميدتي مستعد لفعل أي شيء، مقابل الحصول على دعم سياسي لتميكنه هو أيضا من الانفراد بحكم السودان"، لافتا إلى أن الزيارة تأتي عقب فشل الجولة الأخيرة لمفاوضات سد النهضة، التي رعتها الإدارة الأمريكية والبنك الدولي بواشنطن.

وتوقع العربي أن يستغل حميدتي علاقته المتوازنة بالنظامين المصري والإثيوبي، لبدء وساطة بينهما حول قواعد ملء السد، إلى جانب العمل على إطالة مدة الملء الكلي للخزان ربما لعام إضافي، لتحقيق نصر "معنوي" دون أن يمس ثوابت الموقف الإثيوبي.

ونقلت صحيفة "اليوم التالي" السودانية عن الخبيرة في الشؤون الأفريقية أماني الطويل -عن تقديرها- أن زيارة حميدتي تأتي في إطار محاولة مصر فتح كل المجالات، للتفاعل مع كل أطراف المعادلة السياسية بالسودان.

وأكدت الطويل أن حميدتي يعتبر أحد الأطراف المؤثرة في المعادلة السودانية، مشيرة إلى أن الزيارة تأتي بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الحكومة الانتقالية بالسودان عبدالله حمدوك.

مفاوضات السلام

وذكرت الخبيرة بالشؤون الأفريقية أن "حميدتي له دور كبير أيضا في عملية السلام بالسودان"، معتبرة أن "هذه عوامل مهمة بالنسبة للقاهرة، لذلك فإن من المهم التواصل واللقاء مع الرجل"، على حد قولها.
ووقعت الحكومة السودانية السبت، بالأحرف الأولى، على وثيقة سياسية مع الحركة الشعبية/ قطاع الشمال بقيادة مالك عقار، تتعلق بقضايا الحكم والسلطات والصلاحيات في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وقال عضو الوفد الحكومي إسماعيل التاج، في تصريح صحفي، إن هذا التوقيع "يمثل خطوة جوهرية في مسار تحقيق السلام بالسودان"، مشددا على "ضرورة استعداد أطراف السلام، لمجابهة تحديات تطبيق الاتفاق على أرض الواقع".

اقرأ أيضا: مصر تأسف لتحفظ السودان على القرار العربي حول سد النهضة

وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة السودانية عن عضو لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري حاتم باشات، قوله إن "الأيام القليلة الماضية شهدت أحداثا سريعة على صعيد العلاقة بين البلدين"، مبينا أن "اللواء عباس كامل زار الأسبوع الماضي العاصمة السودانية الخرطوم، عقب محاولة اغتيال حمدوك".

سد النهضة

وأوضح باشات أن زيارة حميدتي تأتي في أعقاب زيارة وفد عسكري إثيوبي إلى الخرطوم، وفي ظل تحركات سياسية تتعلق بما يحدث في مفاوضات "سد النهضة"، معتقدا أن "كل هذه الأحداث لها مدلول ومغزى لزيارة حميدتي إلى القاهرة".

ووفق تقديره، فإنه لا يوجد هناك اختلاف بين القاهرة والخرطوم حول سد النهضة، مبينا أن "السودان تحفظ على قرار الجامعة العربية ولم يرفضه، وقد يكون للسودان وجهة نظر معينة، يمكن مناقشتها خلال زيارة حميدتي للقاهرة".

اقرأ أيضا: البرهان يعلن مشروعا لإعادة هيكلة الجيش و"الدعم السريع"

وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ أعرب، عن أسفه لما ورد في البيان الصادر عن وزارة الخارجية السودانية، بشأن تحفظ السودان على القرار العربي حول سد النهضة.

وقال حافظ، في بيان له، إن "مصر قامت بموافاة المندوبة الدائمة للسودان لدى جامعة الدول العربية بمشروع القرار منذ اليوم الأول من آذار/ مارس، وتلقت ما يؤكد استلام النص، وقد حرصت وزارة الخارجية خلال الأيام التالية على استمرار التواصل مع الجانب السوداني لتلقي أية تعليقات، وهو ما لم يرد".

هيكلة الجيش السوداني

ومن بين الملفات التي يمكن طرحها في زيارة حميدتي، توقع باشات أن يكون هناك نقاش حول ما تم إعلانه، حول إعادة هيكلة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وأعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، عن مشروع لإعادة هيكلة الجيش وقوات "الدعم السريع"، بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية.

وقال البرهان خلال كلمة له بحفل تخريج الدفعة الثامنة من قوات الدعم السريع بالكلية الحربية، بالعاصمة الخرطوم، إنه "في سبيل تطوير القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، سنسعى جميعا إلى إعادة صياغة هذه القوات، وفق المتطلبات الحالية والمتستقبلية، بما يتوافق مع المهام التي أنشئت من أجلها".

وبالشأن ذاته، قال البرلماني المصري مصطفى بكري في سلسلة تغريدات بموقع "تويتر" إن زيارة حميدتي تكتسب أهمية خاصة، مشيرا إلى أن جدول أعمالها يتضمن قضايا "خطيرة"، وبينها قضية سد النهضة.

وأكد بكري أن الموقف السوداني المتحفظ على قرار الجامعة العربية، بخصوص التضامن مع مصر في موقفها من اتفاق سد النهضة، سيكون مجالا للحوار بين الطرفين.