ملفات وتقارير

تحالف أمريكا البحري.. هل يُطفئ توترات المنطقة أم يشعلها؟

هل يضبط التحالف التوترات الأخيرة بمنطقة الخليج أم يزيد من فرص الاحتكاك؟- جيتي

قللت إيران من أهمية بدء التحالف البحري بقيادة الولايات المتحدة عمله في مياه الخليج، بمشاركة ست دول أخرى الأسبوع الماضي، وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "التحالف الأمريكية بقيت كأسماء لا أكثر على مدى التاريخ، ولم تجلب الأمن، بل أدت إلى زعزعة أمن واستقرار العالم".


وأضافت الوزارة في بيان أوردته وكالة "إسنا" الإيرانية أن "أمريكا تستغل أسماء بعض الدول لإضفاء الشرعية على التحالف البحري"، لافتة إلى أن "أمريكا تخفي مطامع وأهدافا خلف عدد قليل من الدول المشاركة في التحالف، وهذا ينم عن ضعفه وافتقاره إلى الشرعية الدولية".


وبدأ التحالف العسكري البحري بقيادة واشنطن أعماله في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، لحماية الملاحة في منطقة الخليج، بمشاركة ست دول إلى جانب أمريكا، وهي السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا، تحت اسم "سنتينال"، وتطال المهمة البحرية مياه الخليج، مرورا بمضيق هرمز نحو بحر عمان، وصولا إلى باب المندب في البحر الأحمر.

 

تراجع التوتر


وفي ضوء هذه التطورات، يتبادر للأذهان تساؤلات عدة، منها هل يضبط التحالف التوترات الأخيرة بمنطقة الخليج أم يزيد من فرص الاحتكاك؟ وما أهمية التحالف الجديد خصوصا أنه مقتصر على 6 دول فقط؟ وكيف سترد إيران على هذا التحالف؟


ويجيب على هذه الأسئلة المختص بالشأن الأمريكي جو معكرون، قائلا: "تراجع التوتر في الخليج غير مرتبط بإنشاء هذا التحالف، بل بحسابات النظام الإيراني التي قد تتغير في أي لحظة وتعود أجواء التصعيد إلى مضيق هرمز".


ويضيف معكرون في حديث لـ"عربي21" أن "السؤال الأبرز هل ستوسع إسرائيل المواجهة مع إيران إلى الخليج عبر هذا التحالف، أو ستكون مشاركتها رمزية لإرضاء إدارة ترامب؟"، مستدركا بقوله: "يبدو أن هناك رغبة متبادلة بالتهدئة بين إيران والسعودية".

 

اقرأ أيضا: إيران تعلق على بدء عمل تحالف أمريكي بهرمز.. وتتباحث مع روسيا


ويتابع بقوله: "لا يبدو أن إنشاء هذا التحالف سيوتر الأجواء في المنطقة، لا سيما أن هذا التحالف تأخر تشكيله إلى حد أنه خسر وظيفته الرئيسية"، لافتا إلى أن "التحالف كان يفترض أن يتكون من 60 دولة، لكن انتهى الأمر به، ليكون من 6 دول فقط، هدفت مشاركتها لإرضاء ترامب".


ويشير معكرون إلى أن إيران تمكنت من فرض سطوتها على مضيق هرمز، خصوصا بعد إسقاطها طائرة أمريكية دون طيار في شهر حزيران/ يونيو الماضي، دون أي رد عسكري من واشنطن، معتبرا أن "هذا التحالف يعد محاولة أمريكية لإظهار أن واشنطن جدية في حماية حلفائها وضمان سلامة الملاحة الدولية".


ويستدرك قائلا: "عدم قدرة إدارة ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو من ضمان مشاركة أوسع، تعكس عدم تمتع الإدارة الأمريكية بمصداقية على المسرح الدولي، نتيجة السياسات التي اتبعتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة".

 

الأهم من التحالف


ويشدد المختص بالشأن الأمريكي على أن "الأهم من هذا التحالف هو ماذا ستفعله إدارة ترامب عمليا لردع إيران"، مستبعدا في الوقت ذاته أن "ترد طهران على هذا التحالف، سوى بإطلاق تصريحات واستعراض قوة رمزية"، بحسب تقديره.


ويلفت معكرون إلى أن طهران تخطط لتمرين عسكري مشترك مع موسكو في مضيق هرمز، وقد يكون فيه أيضا دور محدود للصين، مضيفا أنه "طالما أن إدارة ترامب غير راغبة بالمواجهة مع طهران، أو إدخال النفوذ الإسرائيلي إلى الخليج، فإن التوتر بين أمريكا وإيران سيبقى على حاله في المدى المنظور، وهذا التحالف ليس له أي تأثير كبير في هذا السياق".


من جهته، يرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية والدولية خالد هنية أن الخطوة الأمريكية تأتي كإعادة تموضع في المنطقة، في ظل تراجع هيمنة واشنطن مع صعود قوى أخرى، موضحا أن "أمريكا تحاول إعادة تركيب القوات للتمركز في الخليج، بناء على تقديرات البنتاغون".


ويؤكد هنية في حديث لـ"عربي21" أن الولايات المتحدة بالأساس هي حليف مع دول مجلس التعاون الخليجي وتحديدا السعودية، وهذا التحالف يتطلب مجموعة إجرائية في سلوك واشنطن تجاه المنطقة، أو سلوك القوات المتحالفة في منطقة الخليج العربي تجاه أي عدوان على أرض الحلفاء، وبالتالي التحالف البحري يأتي في هذا الإطار".

 

اقرأ أيضا: انطلاق مؤتمر البحرين لـ"تأمين الملاحة" بمشاركة إسرائيلية


ويفسر هنية الداوفع الأمريكية من هذا التحالف الجديد بالقول إن "المصالح الأمريكية أصبحت مهددة في المنطقة، وإيران باتت تستطيع ضرب القواعد العسكرية الأمريكية، وهذا يشكل خطر على نفوذ واشنطن بالمنطقة، وبالتالي فإن أمريكا عززت قواتها من أجل تعظيم قوة الردع لدى إيران، ولإبقاء المواجهة في نطاق الخليج العربي".


ويعتقد أن إيران ستعمل على الحد من الهيمنة الأمريكية الحالية، لكن التحالف البحري سيشكل لها ردع إلى حد ما، "في مسألة التوغل بشكل أكثر على منطقة الخليج العربي"، معتبرا أن "التحالف شكل جديد في إعادة التموضع الأمريكي بالمنطقة، وفق أسس وعوامل جديدة".


ويلفت هنية إلى أن واشنطن عملت خلال الفترة الماضية على تعظيم ابتزازها للسعودية للدفع أكثر، والشعور بأهمية الدور الأمريكي بالمنطقة، وعدم العبث بهذا الدور، مستدركا بقوله: "قرار أمريكا يعود إلى معالجة تكتيكية لتعظيم دور إسرائيل الحليف الاسترايجي، ليكون بديلا عن وجودها".


ويوضح هنية أن "ذلك يكون من خلال إدارة المواقف والحفاظ على أمن إسرائيل وقوة نفوذها، نظرا لانشغال الولايات المتحدة في مناطق أخرى، لاسيما في شرق وجنوب شرق آسيا، مع الصين وكوريا الشمالية والقوات الصاعدة، التي تهدد استراتيجيا الاقتصاد الأمريكي والدور العالمي لواشنطن".