شدد مسؤول سوداني، على أن بلاده لن تقدم تنازلات مقابل رفع الولايات المتحدة اسم السودان من قائمة الدول المتهمة بالإرهاب.
ورفعت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على السودان منذ 1997.
لكنها لم ترفع اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، المدرج عليها منذ عام 1993؛ لاستضافته الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.
وقال المتحدث باسم مجلس السيادة السوداني، محمد الفكي: "لم نسمع بأية اشتراطات من الإدارة الأمريكية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وتابع: "وأعتقد أن رئيس الوزراء (السوداني) عبد الله حمدوك، سيتحدث إلى كل الدوائر في الإدارة الأمريكية، خاصة أن السياسة الأمريكية لا تُصنع في مكان واحد، ومن ثم سيأتي برؤية متكاملة لمناقشتها مع حكومته، ولكن عهدنا أن السودان دولة حرة ومستقلة، ولا تفكر إلا وفقا لمصالحها".
وزاد بأن "الفترة الحالية تحتاج حاجة ماسة للانفتاح على العالم والاستفادة من المؤسسات الدولية، خاصة أن كثيرا من المشروعات تحتاج إلى التمويل، والاستفادة من المراكز العالمية، والوصول إلى مراكز البحوث الدولية، ورفع الديون (أكثر من 45 مليار دولار)".
وأردف: "كل تلك الأشياء مرتبطة بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومن ثم فهي مسألة حيوية، وأعتقد أن رئيس الوزراء سيبحثها على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة".
ويتوجه حمدوك، الأحد، من نيويورك إلى باريس، حيث يلتقي الاثنين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ويشارك في مراسم تشييع جثمان الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، الذي توفي الخميس الماضي عن 86 عاما.
وبشأن احتمال تقديم السودان تنازلات لرفع اسمه من القائمة الأمريكية، أجاب الفكي بأن "حكومة الفترة الانتقالية ولدت من رحم الثورة، وتتمتع بسند شعبي كبير من أطياف الشعب السوداني كافة، ومن ثم فليس هناك أية حاجة لتقديم تنازلات".
وأضاف الفكي: "هذه الحكومة جاءت خلفا لحكومة كانت تفرض عزلة على المجتمع السوداني، والمجتمع الدولي هو الذي حُرم من الاستفادة من السودان، باعتباره أكبر الأقطار الغنية بالموارد".
وأردف: "الدول الآن تتسابق نحو السودان، وهي أرض بكر ولم تستخدم الموارد الكبيرة في باطنها، ومن مصلحة الشركات الكبرى والدول التي تريد الاستثمار الوصول إلى السودان، وهذه مصالح مشتركة لا تحتاج إلى تقديم تنازلات".
ومضى قائلا: "السودانيون أنجزوا ثورة كبيرة جدا، أدت إلى تحول شامل في السياسات والتوجهات".
إسرائيل والفلسطينيون
يتردد أن تطبيع السودان للعلاقات مع إسرائيل ووقف دعمه للفلسطينيين، هو أحد شروط واشنطن لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية.
وهو ما علق عليه الفكي بقوله: "هذا الحديث سمعناه كثيرا، لكن لم يطلبه منا أحد بصورة رسمية".
وتابع: "السودان لديه التزام تجاه القضية الفلسطينية، وهو أمر معروف، ولا نفكر في هذه القضية بمعزل عن دول الإقليم في الجوار العربي، فهذه ليست قضية سياسية أو تجارية واقتصادية فقط، بل قضية تاريخية وأمنية وملفاتها مرتبطة بعضها مع بعض، لذلك الأصلح دائما أن ندخل إلى هذه القضية برؤية موحدة؛ لأننا نحتاج إلى ثقل الدول العربية تجاه هذه القضية".
دور أوروبي
خلال زيارته الخرطوم في 17 أيلول/ سبتمبر الجاري، صرح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، بأن باريس ستضغط مع شركائها الأوروبيين لحذف اسم السودان من قائمة الدول التي تعتبرها واشنطن راعية للإرهاب.
بخصوص مدى قدرة فرنسا في هذا الملف، قال الفكي: "الثورة جاءت بحكومة تستحق الدعم من كل الدول، وليس غريبا أن تتقدم دول الاتحاد الأوروبي بإعلان دعمها للسودان، خاصة أن العزلة الدولية ألقت بظلالها على السودانيين، وأثرت على قطاعات النقل والتعليم والقطاع الزراعي الذي حُرم من التكنولوجيا المتقدمة".
وأضاف: "من ثم فمساعدة تلك الدول في إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، هو دعم للتحول الكبير في السودان وللثورة وللنهضة التي خرج من أجلها السودانيون إلى الشارع للمطالبة بأوضاع أفضل".
وتابع: "الاتحاد الأوروبي مشكور على جهده، وندعو أصدقاءنا في كل دول الجوار الإقليمي للنهوض بدعم قضية السودان، خاصة أن استقرار السودان من استقرار الإقليم بأسره".
حرب اليمن
منذ 2015، يشارك السودان في تحالف عربي، تقوده السعودية، وينفذ عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة قوات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.
وتثير تلك المشاركة انتقادات داخل السودان، خاصة في ظل استمرار الحرب للعام الخامس؛ ما جعل معظم سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وقال الفكي إن مشاركة القوات السودانية في اليمن هي قضية أثارت جدلا واسعا في الفترة السابقة.
وأضاف: "أعتقد أن الجدل متصاعد بسبب الانقسام العربي الأخير... عندما شاركنا في اليمن، شاركنا كقوات عربية موحدة، وكان فيها عدد من الدول العربية التي خرجت عقب الانقسام الخليجي الأخير، وبعدها شهدنا هذه المساجلات".
وتابع: "الدخول في الحرب قرار صعب، كما أن الخروج منها يحتاج إلى عدد من الترتيبات، فأنت لا تستطيع أن تدخل الحرب وتخرج منها في يوم واحد، هذا القرار يُدرس وتتم مناقشته بصورة مستمرة في مستويات الحكم كافة، وسيتشكل المجلس التشريعي قريبا ليقول كلمته الفاصلة في تلك القضية".
تميز تركي
تشهد العلاقات بين تركيا والسودان تطورا منذ نحو عقدين، وتحديدا منذ وصول حزب "العدالة والتنمية" إلى السلطة في تركيا، عام 2002، حيث وضع خطة طموحة لتعزيز التواصل مع البلدان الأفريقية.
وشهدت تلك العلاقات حراكا واسعا منذ زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للسودان في كانون الأول/ ديسمبر 2017.
وحول مستقبل علاقات السودان مع دول الإقليم وخارجه، لاسيما تركيا، قال الفكي: "تركيا دولة كبيرة في المنطقة، والسودان ملتزم بالتعاون مع كل الدول بما يخدم توجهاته".
وأضاف: "أعتقد أن تركيا لديها مصالح كبيرة في السودان، ومن مصلحة الأتراك الاستثمار في السودان في المرحلة القادمة، خاصة أنهم معروفون بالتميز في شتى القطاعات".
وزاد بقوله: "ندعو جميع دول العالم من دون تمييز للدخول إلى السودان؛ لأننا نعيش حقبة جديدة أساسها المصالح المتبادلة غير المحكومة بأيديولوجيا أو فكر عقائدي أو رؤية مغايرة، سوى مصلحة الشعوب".
غضب تركي متزايد من أمريكا بسبب المنطقة الآمنة وشرق الفرات
بوابة التطبيع.. الاحتلال يكشف تصميم جناحه بإكسبو دبي (شاهد)
المعارضة التركية تدعو شخصيات من دمشق لمؤتمر بإسطنبول