اتهم المعلق الأمريكي "ماكس بوت"، في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن دعم الرئيس دونالد ترامب غير المحدود لإسرائيل وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تسبب بتفاقم الأزمة بالشرق الأوسط، بما في ذلك استهداف منشآت "أرامكو".
وأوضح "بوت" في مقاله أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو اتهم إيران بالتورط في الهجوم بشكل مباشر، رغم تبني جماعة الحوثي اليمنية المسؤولية عنه، وهو ما نفته طهران.
وقال الكاتب الأمريكي، بحسب صحيفة "القدس العربي"، إن البعض "قد يصدق الإدارة الأمريكية التي يعرف عنها الكذب حتى في الأمور الصغيرة، وقد حاول ترامب ومساعدوه فبركة المعلومات عن إعصار دوريان، فلماذا علينا أن نصدقهم في هجوم على الشرق الأوسط؟".
وتابع أنه وبالنظر إلى تطور الهجوم، فيبدو أن إيران هي الفاعل الحقيقي، موضحا أن "الحوثيين لديهم الكثير من الأحقاد ضد السعوديين الذين يشنون حربا وحشية عليهم، ولكنهم لا يملكون القدرات العسكرية المتطورة للقيام بعملية جراحية كهذه بدون مساعدة من حليفتهم الإقليمية".
وأيا كان الفاعل الحقيقي لهذه الهجمات فلا يهم، بحسبه، لأنها دليل على هزيمة سياسة ترامب في الشرق الأوسط.
وأوضح أن قرار ترامب نقل قيادة الشرق الأوسط إلى إسرائيل والسعودية، اللتين يجمعهما الخوف من إيران، يقع "في قلب المشكلة، فمن عادة الرؤساء السابقين القيام بأول رحلة لهم إلى الجارتين كندا والمكسيك، إلا أن ترامب اختار الرياض كأول محطة خارجية له في أيار/ مايو 2017".
اقرأ أيضا: رغم تحييد نهج بولتون.. واشنطن تؤجج النيران بين الرياض وطهران
وقال إن ترامب استمتع بالحفاوة التي قدمها له السعوديون، وتوددوا له، وتأكدوا من عدم وجود محتجين مزعجين له أثناء الزيارة. فالاحتجاج في السعودية قد يقودك إلى حبل المشنقة، وكل هذا مقابل وعود فارغة لشراء أسلحة بقيمة 350 مليار دولار، مع أن الرقم الحقيقي هو أقل من 30 مليار دولار، جرى إتمام معظم الصفقات قبل هذه الوعود.
وأكد الكاتب الأمريكي أن ترامب منح ابن سلمان "صكا مفتوحا لكي يفعل ما يريد، فبعد شهر من الزيارة، أدار انقلاب قصر رفع فيه منصبه من نائب لولي العهد إلى ولي وارث للعرش السعودي، بشكل منحه القوة الفعلية بالبلاد في ظل والده".
وتابع أنه رغم قيام ولي العهد بعدد من الأمور مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، إلا أنه استخدم السلطة في معظم الأحيان بطريقة متهورة وضارة، وقاد حملة لمحاصرة قطر، التي تعد حليفا مهما للسعودية، في محاولة فاشلة للضغط عليها للتوقف عن دعم القضايا الإسلامية، ثم سجن أبرز الشخصيات الثرية في المملكة، واختطف رئيس وزراء لبنان في محاولة فاشلة لإجباره على اتخاذ موقف ضد حزب الله حليف إيران، قبل أن يصعد الحرب في اليمن مخلفا كارثة إنسانية وعشرة ملايين يمني يعيشون على حافة الجوع.
وأضاف: "أيضا، كان بالتأكيد وراء قتل وتقطيع صحفي واشنطن بوست جمال خاشقجي"، وفي "كل خطوة من تلك الخطوات صفّق ترامب أو غض الطرف"، مشيرا إلى تغريدة له بعد سجن أمراء ورجال أعمال، قال فيها: "لدي ثقة كبيرة بالملك سلمان وولي العهد السعودي، فهما يعرفان بالضبط ما يفعلان".
ومع أن ولي العهد البالغ من العمر 34 عاما "لم يكن يعرف ما يقوم به، بنفس الطريقة التي لم يكن يعرف فيها ولي عهد الولايات المتحدة جارد كوشنر (38 عاما) ما يفعل، ولكنه أصبح من أشد المدافعين عن (م ب س) في داخل الحكومة الأمريكية"، بحسب الكاتب.
وتابع أن ترامب استمر بالتستر على السعوديين، ورفض تسمية ولي العهد السعودي كمتهم رئيسي في جريمة قتل خاشقجي. ثم صوّت ضد قرار الكونغرس وقف الدعم الأمريكي للحرب في اليمن. وأهم من كل هذا، خرج ترامب من الاتفاقية النووية التي التزمت ببنودها إيران، كما طلب منه أصدقاؤه في السعودية وإسرائيل.
اقرأ أيضا: هذه أبرز مواقع هجمات جماعة الحوثي في السعودية (خريطة)
وقال "بوت" إن هذه السياسات أدت إلى الحال الذي نحن فيه، وهو ما وصفه بـ"برميل بارود ينتظر الاشتعال"، ففي الوقت الذي قالت إيران إنها ستزيد من مستويات تخصيب اليورانيوم ومواصلة دعمها للجماعات الوكيلة لها، ردت إسرائيل بسلسلة من الغارات الجوية على سوريا والعراق ولبنان.
وحذر الكاتب من حرب مكلفة تلوح بالأفق مع إيران، وستجر إليها السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة.
وفي الأشهر الأخيرة بدا ترامب وكأنه يعيد النظر في هذه السياسة العمياء تجاه إيران، ولهذا اتخذ قراره بعزل مستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي كان من أعداء إيران الألداء، الداعي ليس لضربها بل ولتغيير النظام فيها أيضا، فيما عبر ترامب عن رغبته بالتحاور مع القيادة الإيرانية وحتى تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وعبّر الكاتب عن اعتقاده أن الضربات على المنشآت النفطية السعودية ستؤدي إلى تشدده في مواقفه منها، ولو كان صحيحا أن طهران هي المسؤولة عنها فقد أطلقت النار على قدمها.
ويرى أن إيران هي دولة راعية للإرهاب وتمارس انتهاكات لحقوق الإنسان، ولهذا تتحمل جزءا من المسؤولية عما يجري من فوضى في الشرق الأوسط، إلا أن ترامب فاقم من المشكلة عندما دعم وبشكل أعمى أصدقاءه في السعودية وإسرائيل. ومن هنا فالهجوم على المنشآت النفطية السعودية هو أحد ردود الأفعال ولن يكون الأخير.