ملفات وتقارير

"القدس تلفظ المطبعين".. هكذا يطردهم رواد الأقصى

المطبع السعود طرده المقدسيون ومنعوه من دخول الأقصى- الإعلام العبري

لم يكن الحشد الذي لاحق المطبع والناشط السعودي محمد سعود في ساحات المسجد الأقصى المبارك من المعجبين أو الصحفيين؛ بل كان واحداً من حشود كثيرة تلاحق المتهمين بالتطبيع والذين يرغبون في "زيارة" المسجد وتقوم بطردهم وسط تعمد إسماعهم عبارات تدينهم وتقلل من شأنهم.

المصور الصحفي المقدسي رامي الخطيب كان متواجدا في منطقة باب العامود في الوقت الذي كان فيه سعود يتواجد في المسجد الأقصى، فتوجه إلى الفور هناك ليوثق لحظات طرده كونه التصرف المتوقع من المقدسيين كما أظهرت التجارب.

يقول الخطيب لـ"عربي21" إنه حين وصل المسجد وجد مجموعة من المصلين والفتية تلاحق سعود وتنعته بـ"المطبع الخائن"، قام بتوثيق هذه المشاهد ونشرها كخبر صحفي.

ويبين المصور أن الوفد التطبيعي العربي كان ينوي زيارة المسجد ولكن دون أن يقوم بإبلاغ شرطة الاحتلال أو دائرة الأوقاف الإسلامية، وفور بدئهم بالجولة وجدوا هذا الرفض المقدسي فلم يكملوها إلا سعود الذي أصرّ على ذلك وتعرض للطرد.

وفي اليوم التالي فوجئ الخطيب بوجود ورقة استدعاء من المخابرات الإسرائيلية تدعوه فيها للتوجه للمقابلة، وهناك مكث ست ساعات تم استجوابه خلالها لساعتين حول المقاطع التي قام بتصويرها ونشرها لطرد المطبع السعودي.

ويتابع: "قلت للمحقق إنني لم أقم سوى بعملي وهو توثيق أي حدث في المسجد الأقصى أو محيطه، وبصراحة فوجئت للغاية باستدعائي على خلفية هذا الحدث، وبعد التحقيق معي طلبوا مني حذف الصور والمقاطع المصورة عن جهازي المحمول فقلت لهم إنني سأسأل المحامي حول ذلك ولم يعيدوا طلبهم مرة أخرى".

التحقيق مع الخطيب ومع 12 شابا وطفلا مقدسيا شاركوا في طرد السعودي كان تحت تهمة "مضايقة زائر للأقصى"، وهو ما يرى فيه المقدسيون تمييزا واضحا مع من يتبنى رواية الاحتلال ومن يراها عنصرية.

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يعتقل شبانا مقدسيين طردوا مطبّعا سعوديا من الأقصى

ويشير الخطيب إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يتم اعتقاله فيها على خلفية عمله الصحفي وتوثيق الحدث، بينما تعرض المعتقلون على خلفية طرد سعود إلى الإبعاد عن الأقصى لمدة تزيد على الأسبوعين.

وبعد انتشار تلك المقاطع، بدأت بعض الجهات باتهام من قام بطرد سعود بالتبعية لأحزاب فلسطينية معينة، وأنهم قاموا بذلك وفقا لتوجيهات منها، ولكن المقدسيين يؤكدون أنه تصرف عفوي كان من الممكن أن يحصل مع أي شخص آخر يتباهى بالعلاقة مع الاحتلال.

بدوره يرى الناشط المقدسي ناصر الهدمي أن ما جرى في المسجد من إهانة للمطبع السعودي هو أمر تعتبره الغالبية العظمى معبرا عن الموقف الشعبي المقدسي وإن كان هناك خلاف طفيف في الآراء يعتبر هامشياً وليس ذا ثقل.

ويقول في حديث لـ"عربي21" إن الموقف الشعبي المقدسي يرفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال ولا يستطيع أن يرى أي شخص من الأمة العربية والإسلامية "يهرول" نحو المسجد الأقصى تحت حماية الاحتلال.

ويضيف: "المطبع سعود له تغريدات وتصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي تعبر عن انبهاره بالاحتلال ودولة الاحتلال وما يدعيه بالديمقراطية الزائفة له وهذا يبين لنا أنه عدو للشعب الفلسطيني وأنه منبهر بعدونا المجرم الذي يستبيح مقدساتنا ويقتل شبابنا ويعتقل نساءنا ويهدم منازلنا".

وينفي الهدمي أن يكون طرد سعود من الأقصى قد تم بأي توجيهات حزبية كما كانت الاتهامات من البعض؛ مبينا أنه كان تصرفا عفويا جدا ولم يكن أصلا هناك خبر منشور عن أنه ستكون هناك زيارة للمطبع للمسجد الأقصى، معتبرا أن ما جرى هو أقل ما أمكن فعله ولو كان أحد غير سعود هو من قام بهذا التصرف، لأن التطبيع مع الاحتلال مرفوض للغاية من طرف المقدسيين.

 

اقرأ أيضا: رفض سعودي واسع لتطبيع ناشط مع إسرائيل ودعوات لمحاسبته

ويتابع: "ما كان منتشرا هو أن وفدا إعلاميا عربيا يزور كيان الاحتلال ثم قرر زيارة المسجد الأقصى المبارك، فكان تصرف المصلين والأطفال وقتها عفوياً ويعبر عن مزاج الشارع المقدسي بشكل خاص وعن الشارع الفلسطيني بشكل عام لأن القدس تفتقد لوجود قيادة وطنية إسلامية واضحة تسيّر الأمور، ولكن المزاج العام المقدسي هو ما يقرر ما يجب فعله".

ويتحدث الهدمي عن مرات كثيرة تم فيها طرد وفود من المسجد الأقصى المبارك بسبب التطبيع، حيث قبل فترة من الزمن كانت هناك زيارة لوفد بحريني بحماية شرطة الاحتلال وتم التعامل معهم بنفس الأسلوب، كما أنه تم التعامل مع مسؤولين فلسطينيين بنفس الطريقة لأن سياستهم ومواقفهم المشهورة تجاه القدس والأقصى لا تعجب الشارع المقدسي ولا تلبي طموحاته.

ويختم قائلا: "القدس ترفض زيارة مثل هؤلاء وتحاسب من يطعنها بالظهر، بعفوية وسرعة؛ فرأينا هذه المواقف التي تعبر عن مزاج الشارع بعيدا عن أي توجيهات حزبية كما يشاع".