نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمعلق ريتشارد وولف، تحت عنوان "تملق ترامب للسعودية: هبوط أخلاقي جديد"، يقول فيه إن هذا هو الوقت في الرئاسة الذي يدعي فيه كل رئيس بما ليس لديه، أو يحاول عمل شيء لا يستطيع عمله.
ويشير وولف في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "مع اقتراب عام إعادة الانتخاب ينتظر الجميع من المرشح أن يملأ الثقوب الفارغة في سجله، أو يقدم للمقترعين سببا ليصدقوه، أو يعطيهم الأمل ليصوتوا له".
ويبين الكاتب أنه "في حالة دونالد ترامب، فهو مثل من يحاول أن يقوم بعمل لم يعمله في عامين ونصف- رئيس وعاقل ولديه سجل جدير بالاحترام".
ويجد وولف أنه "لهذا كانت مقابلات مع شبكات التلفزة الأمريكية غير (فوكس نيوز)، بما فيها شبكة (إي بي سي نيوز)، التي كان من المفترض أن يبدو فيها ترامب شخصا عاديا، لكنه انتهى للقبول بمعلومات قذرة من الروس عن المرشحين المنافسين له في الرئاسة".
ويقول المعلق إنه "كانت هناك لحظة حاسمة عندما أعاد مقاتلاته العسكرية قبل أن تمضي في ضرب إيران، التي تصرف فيها بصفته قائدا للقوات المسلحة، تجاوز الصقور في فريقه للأمن القومي، الذين كانوا يدفعون لتوجيه ضربة لإيران".
ويلفت الكاتب إلى أن هناك مقابلة مع "أن بي سي نيوز"، التي قال فيها إنه يعول كثيرا على صفقات السلاح مع السعودية، أكثر من القيم الأمريكية، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه عندما ضغط عليه مقدم برنامج في شبكة "أن بي سي"، فإنه كان واضحا بأنه لا يهتم بجريمة مقتل جمال خاشقجي، الذي تم قتله بناء على أوامر يقال إنها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولم يهتم بتوصيات الأمم المتحدة التي أوصت بقيام مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" بالتحقيق في جريمة مقتل خاشقجي، الذي مقيما في الولايات المتحدة، وكان كاتبا مشاركا في صحيفة "واشنطن بوست".
وينوه وولف إلى أنه لم يكن قادرا على إظهار أي نوع من المشاعر الإنسانية، فأجاب قائلا: "أعتقد أنه تم التحقيق في الجريمة بشكل واسع"، مشيرا إلى أنه عندما سئل عن الجهات التي قامت بالتحقيق، فإنه تلعثم قائلا: "الجميع، لقد شاهدت الكثير من التقارير المختلفة".
ويقول الكاتب إن "مشاهدة الأمر تعني التصديق، لكن ليس في حالة دونالد ترامب، الذي قال: (ها أنا) متحدثا في موضوع العلاقات الدولية، (أنت جاهز؟)، وليس من الواضح إن كان العالم جاهزا لهذا الكم من الأفكار، وبعد سنوات من هذه الثرثرة، وبناء على تفكير ترامب فإن هناك دولا أخرى تقوم بأعمال سيئة، مثل إيران، وتستحق التحقيق في أعمال ترتكبها".
ويجد وولف أن "كلاما كهذا يحرف النظر عن اللحظة الرئاسية التي أوقفت المواجهة مع إيران، وعلينا ألا نرفع من سقف توقعاتنا؛ لأن هناك الكثير من الكلام الفارغ الذي ذكره ترامب، فقد قال: (لست أحمق لأقول لن نقوم بالتعامل معهم، ولو قالوا إنهم لا يتعاملون معنا فأنت تعلم أنهم يفعلون، فهم يتعاملون مع روسيا والصين ويشترون منهما، فنحن نصنع أفضل الأجهزة في العالم، لكنهم يشترون الكثير من روسيا والصين)، بحسب ما قال للمذيع تشاك تود من (أن بي سي نيوز) وأضاف: (تشاك، خذ أموالهم خذ أموالهم) في إشارة إلى السعوديين".
ويشير الكاتب إلى أن ترامب قال إن شعار حملته لإعادة انتخابه هو "الحفاظ على أمريكا عظيمة"، كما لو أن الحفاظ على السلطة في السنوات الأربع المقبلة يعني مواصلة جهوده لعدم تعرضه للمحاكمة وهو في منصبه.
ويعلق وولف قائلا إن "من المثير للخجل في كلام الرئيس (خذ أموالهم) يعني أن مشروع ترامب هو بمثابة تجارة مستمرة، ولنكون عادلين مع إدارة ترامب فهي ليست الوحيدة التي تجاوزت مسائل حقوق الإنسان وانتهاكات النظام السعودي من أجل النفط والمال والسلطة، فقد تجاهل الرؤساء ورؤساء الوزراء انتهاكات المملكة لحقوق الإنسان وقمع المرأة واستمرار أحكام الإعدام بصفتها وسيلة مفضلة له".
ويؤكد الكاتب أن "السعودية قطعت رؤوس 37 شخصا، معظمهم من الأقلية الشيعية، الذين قالوا إنهم لم يحصلوا على محاكمة عادلة، وكان بعضهم أطفالا عندما صدرت عليهم أحكام بالسجن، ولم يكن بينهم كتاب في صحيفة (واشنطن بوست)، ولهذا لم يحظ إعدامهم باهتمام واسع،".
ويقول وولف: "ربما أصبحنا نهتم أكثر بقطع الرؤوس بعد ما قام به تنظيم الدولة، أو اعتقدنا أن على السعوديين المحافظة على معايير الأجندة الإصلاحية التي وعد بها ولي العهد محمد بن سلمان، وربما لفت انتباهنا منشار العظام أكثر".
ويجد الكاتب أنه "مهما كان السبب، فإن رغبة ترامب في بيع السلاح للسعوديين تعد صفعة وفي وجه الجمهوريين، وأيضا الديمقراطيين، الذين يعدون سياسته الخارجية موثوقة ومسؤولة مثل نظرتهم لأجندة الإصلاح السعودي".
ويلفت وولف إلى أنه "في الأسبوع الماضي صوت مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، على مشروع قرار يحظر بيع السلاح للسعودية ودول الخليج الأخرى، في وقت دار فيه أنصاره على الكونغرس يحذرون من التهديد الإيراني، وقد صوت الكونغرس في السابق على وقف الدعم الأمريكي للحرب الشرسة في اليمن، واستخدم ترامب الفيتو، ومن المتوقع استخدامه مره ثانية".
ويقول الكاتب: "يجب علينا النظر لهذا الكلام عن تهديد إيران والتراجع عن ضربها كله ضمن سياق علاقة ترامب العاطفية مع السعوديين، وهي علاقة جعلت حتى أصدقاء الرئيس المقربين في موقع المعارضة، بمن فيهم السيناتور المتملق ليندزي غراهام، الذي قال: (لا توجد كمية كافية من النفط تنتجها تجعلني أنا والبقية نتسامح مع تقطيع شخص في القنصلية)".
ويختم وولف مقاله بالقول: "إن علاقة ترامب مع روسيا تثير الدهشة، مع أن فهم الارتباط بينه وبين روسيا والسعودية لا يصعب فهمه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: لماذا على أمريكا إقصاء المهووسين بمواجهة إيران؟
نيويورك تايمز: قرار التصعيد بيد المتشددين في أمريكا وإيران
إيكونوميست: من المسؤول عن تفجير الناقلات في الخليج؟