أكدّ رئيس ديوان الوقف
السني في العراق عبد اللطيف الهميم، السبت الماضي وقوف العراقيين إلى جانب إيران
أمام أي مخاطر تهددها، واصفا العقوبات الأمريكية على طهران بـ"الظالمة".
وقال الهميم خلال
مأدبة إفطار أقامها بحضور السفير الإيراني ايرج مسجدي إلى الوقف السني "إن
العقوبات الأمريكية على إيران ظالمة وندينها"، وأضاف: "إن العراقيين
يقفون إلى جانب إيران أمام أي مخاطر تهدد هذا البلد الشقيق".
تصريحات رئيس الوقف
السني في العراق، عبد اللطيف الهميم أثارت تساؤلات بشأن ما قاله إن كان يعبر عن
موقف موحد لسنة العراق بالوقوف إلى جانب إيران أمام التهديدات الأمريكية، أم أن
موقف سنة العراق منقسم سياسيا ومغاير لما ذكره. وهل موقف العشائر السنية ينسجم مع
موقف الأحزاب السياسية السنية، والمؤسسات والقوى الدينية السنية أم ثمة تغاير
واختلاف في مواقفها؟
ويصف الكاتب والباحث
السياسي العراقي، مجاهد الطائي: "موقف سنة العراق بشأن التصعيد الأمريكي
الإيراني بالمنقسم سياسيا بين من يدعو للوقوف والقتال إلى جانب إيران ضد القوات
الأمريكية حال تطور التصعيد إلى صراع، وهم
ممن يسمون (سنة إيران)، وأطراف أخرى تقف إلى جانب واشنطن بموقف سياسي أيضا، أو
تمسك العصا من المنتصف في تصريحاتها ومواقفها المتقلبة".
ولفت الطائي في حديثه
لـ"عربي21" إلى أن "العشائر العراقية وجميع القوى والأطراف السياسية
لم تعد تحمل موقفا أيديولوجيا من التصعيد بين إيران والولايات المتحدة، وأصبحت
أنضج سياسيا من أن ينجح أي طرف في توظيفها لخدمة المشروع الإيراني أو الأمريكي، أو
استخدام مدنها كساحة حرب بعد ويلات الحرب والنزوح والدماء السابقة".
وأضاف: "لم يكتوِ
أي مكون من مكونات الشعب العراقي بنار صراع النفوذ والمصالح الإقليمية والدولية
كما اكتوى سنة العراق بنار توظيفهم وزجهم في مشاريع تضرهم ولا تخدمهم في السنوات
الماضية".
وتابع الطائي حديثه
بالقول: "فموقف سنة العراق اليوم من التصعيد الحاصل بين واشنطن وطهران – بعد
دمار مدنهم – النأي بأنفسهم عن أي صراعات تُعيد مدنهم من جديد إلى ساحة للصراع،
واستخدام أبنائهم وقودا لحرب بالوكالة".
بدوره ذكر الكاتب
والباحث السياسي العراقي، هشام الهاشمي أن "موقف سنة العراق الموالين للعملية
السياسية من التصعيد الأمريكي الإيراني يميل في مجمله إلى الحياد، باستثناء عدد من
شيوخ الصف الثاني في العشائر، الذين حددوا موقفهم بالوقوف إلى جانب إيران حفاظا
على مصالحهم الاقتصادية والعسكرية معها".
اقرأ أيضا: ماذا وراء تقديم الأشاعرة والماتريدية لمواجهة الغلو والتطرف؟
وواصل الهاشمي حديثه
لـ"عربي21" مبينا موقف الجهات والمجاميع الدينية السنية، سواء منها
مؤسسات الفتوى والدعوة، أم تلك التي لها طابع سياسي، بأنها لا تقف مع أمريكا ضد
إيران، وفي الوقت نفسه ليست مع إيران في حربها سواء كانت على أرض العراق أو على
أرض إيران نفسها.
وتابع: "موقف تلك
المجاميع والقوى الدينية السنية هو الحياد، وهم يشجعون أي موقف سلبي ضد أمريكا على
خلفية التصعيد الجاري حاليا بينها وبين إيران".
وكان لافتا في هذا
السياق ما غرد به المرجع الديني الشيعي السابق، المتحول إلى المذهب السني سنة
2011، حسين عبد القادر المؤيد حيث قال "إن أهل السنة في العراق قد حسموا
أمرهم واتخذوا الموقف الصائب الذي يرفض تمكين نظام الملالي من تحويل العراق إلى
ساحة للصراع مع الأمريكان".
وأضاف: "ومن
الواضح أيضا أن تصريحات ومواقف عدد محدود جدا من السنة المعلوم ارتباطهم بنظام
الملالي وعملائه في العراق، لا تمثل الموقف السني، وهذا العدد المحدود مرفوض من
السنة أنفسهم نخبا وجماهير".
وحذر المؤيد في تغريداته "من محاولات قيادات صفوية من الميليشيات الزج ببعض شيوخ العشائر السنية
لتوريطهم في لعبة إشعال صراع سني مع الأمريكان" واصفا إياها
بـ"المحاولات المكشوفة، وإدخال الميليشيات الصفوية أسلحة للمناطق السنية لعبة
مكشوفة، ولن يكون السنة في العراق إطلاقا حطبا لإيران أو نصيرا لها".
من جهته قال أستاذ
الإعلام في الجامعة العراقية، الدكتور فاضل البدراني "إن موقف سنة العراق من
التصعيد بين واشنطن وطهران يتمثل بحرصهم على الوطن وأمنه واستقراره قبل كل شيء،
ورغبتهم بعدم الانحياز لأي طرف من طرفي النزاع".
اقرأ أيضا: مشاركات الإسلاميين السياسية ماذا ينقصها حتى تكون مجدية؟
وأردف البدراني:
"لكنهم يتخوفون أن تطال العراق تأثيرات ذلك الصراع إن اشتعلت شرارته وتفجر،
لكن وبشكل عام هذا هو موقف أهل السنة الحقيقي".
وردا على سؤال
"عربي21" حول موقف العشائر العراقية السنية من التصعيد أوضح البدراني أن
"العشائر رفضت أية دعوة للوقوف مع جهة على حساب أخرى، وموقفها ثابت في هذا
الشأن، ألا وهو ترك المتنازعين لشأنهم دون تدخل".
وختم البدراني حديثه
بالإشارة إلى أن "موقف العشائر مختلف تماما عن موقف الحزب الإسلامي، كونها
تعاملت مع واقع مرير عقب تمدد تنظيم الدولة، ونزوحهم من منازلهم لسنوات، وهو ما
عدوه من نتائج التجاذبات السياسية، والفشل السياسي للأحزاب الإسلامية، ومنها الحزب
الإسلامي الذي يتعامل مع الأزمة سياسيا، وعلى أساس المصلحة "، وفق وصفه.