ملفات وتقارير

بومبيو في لبنان.. تنسيق.. تهديد.. أم تهويل؟

بومبيو سيؤكد دعم الجيش اللبناني- جيتي- ارشيفية

تثير زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الجمعة، التساؤلات عن أهدافها غير المعلنة بخلاف ما تمّ إعلانه عن سلة تحذيرات من البيت الأبيض إلى القيادة والحكومة اللبنانية بضرورة التنبه إلى "خطر إيران وحزب الله"، إضافة إلى تأكيد دعم الجيش اللبناني وتقديم مساعدات عينية له.


ويدور في الأوساط الرسمية اللبنانية حديث عن طلب أمريكي سابق من مصرف لبنان (البنك المركزي) باتخاذ مزيد من الإجراءات لمنع إيران من الالتفاف على العقوبات من خلال المصارف اللبنانية، في وقت يرى سياسيون أنّ الهدف الأساس من الزيارة هو التحشيد ضد حزب الله قبيل إصدار الكونغرس الأمريكي حزمة عقوبات جديدة خلال أسابيع سيتأثر بها اللبنانيون عامة وبشكل مباشر هذه المرة، على اعتبار أنّ الإدارة الأمريكية باتت قلقة للغاية من مدى هيمنة حزب الله على القرار اللبناني وتفوقه المتصاعد عسكريا على حساب الجيش اللبناني عدا التحالف "المزعج لواشنطن" مع رئيس الجمهورية ميشال عون.


دائرة الضغوط

وتحدث مسؤولون أمريكيون عن توسيع دائرة الضغوط والقيود المالية على حزب الله من خلال التفاهم مع عدد من الدول العربية من بينها السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن ومصر على السير بالمشروع الأمريكي، بينما جاء الاعتراض حتى الآن من الجانب الكويتي.


وترى مصادر حزب الله في زيارة بومبيو سعيا لتحقيق مصلحة إسرائيلية عبر النافذة اللبنانية وتطويع القرار الرسمي اللبناني بما يخدم مصالح الكيان الإسرائيلي في المنطقة، في "ظل الصفعة التي تلقتها واشنطن وتل أبيب في سوريا بمقابل النجاح الذي حققه حزب الله وإيران ما استدعى عمليات تنفيس للاحتقان الأمريكي عبر شن الطائرات الإسرائيلية غارات على مواقع للحزب والجيش النظامي على الأراضي السورية".


نسق جديد


واعتبرالكاتب والمحلّل السياسي شارل شرتوني أنّ الحديث الجدّي عن نسق جديد من العقوبات الأمريكية يرسل "مؤشرات عن بداية مرحلة جديدة على المستوى السياسي والميداني، وهو ما يدفع حزب الله إلى التعاطي معها بطريقة جدية مختلفة عن السابق"، مشيرا في تصريحات لـ"عربي21" إلى أنّ "الحزب لا يستطيع النظر إلى العقوبات بأنّها حالة ظرفية وثانوية لا تأثيرات مباشرة عليه، فهي تستهدف مصالحه في لبنان وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأيضا على الصعيد "العالمي بشكل عام".

ورأى أنّ الخطوات المتخذة من قبل واشنطن "تمهد لعمليات عسكرية وأمنية في المنطقة للمرحلة المقبلة سيتأثر لبنان بتردداتها"، مردفا: "حزب الله ربط السياسة اللبنانية من خلال سيطرته على المجلس النيابي والحكومة بأولوياته وتوجهاته، ما يؤكد بأنّ التداعيات ستتجاوزه وستطال اللبنانيين".

وحذر من أنّ أيّ خطوات تصعيدية تتخذها قيادة الحزب سيقابلها تدابير مضادة بهدف الردع تبدأ من المستويات المالية وتصل إلى العسكرية، وقال: "لم تعد اللعبة مفتوحة أمام مزيد من الخيارات، بل تستدعي المشهدية من حزب الله الوعي لخطورة المرحلة لاستدراك ما يمكن أن يواجهه اللبنانيون عموما"، داعيا إلى الشروع في الخطوة الأولى برفع سيطرته وهيمنته على القرار السياسي والأمني في لبنان كي لا يدفع ثمن تشبثه بمواقفه واستراتيجياته".

وأشار إلى أنّ "اتباع السياسة المعتدلة منطق عقلاني يجب اتباعه لحماية الحزب ولبنان وهي تمهد أمام حلول سلمية بدلا من تأسيس حلول تصادمية أو عسكرية تظهر بوادرها جلية"، لافتا إلى أنّ"الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في حال لم يتم تعديل الخيارات السياسية لحزب الله".

وذكّر شرتوني بما صرح به أمين عام حزب الله حسن نصر الله بعد حرب تموز/ 2006 بأنّه "لو كان يعلم حجم الخسائر التي سيخلفها العدوان الإسرائيلي لما أعطى الموافقة على عملية أسر الجنود الإسرائيليين على الحدود والتي استغلتها حكومة الكيان الإسرائيلي لشنّ حربها ضد لبنان"، معتبرا أنّ "أداء قيادة الحزب يتسم بالغرور في حين تكابد إيران وضعا مأزوما على المستوى الاقتصادي تحاول الهروب من آثاره من خلال استغلال أوراقها الخارجية"، وأكد أنّ "التحالف الإيراني- الروسي ظرفي ولا يشكل أي دلالة شاملة بالنسبة إلى ما يدور في الشرق الأوسط من مستجدات، وما تعبر عنه القيادة الإيرانية هو بمثابة هروب الى الأمام".

وحول وجود اختلافات في استراتيجية إيران وحزب الله في العديد من الملفات، قال شرتوني: "لا يمكن أن تفصل سياسة إيران الخارجية عن الحزب على الرغم من أن الأولى تعاني من أزمة شرعية كبيرة حيث لم يعد يمتلك النظام في طهران البعد الشعبي بخلاف أمين عام حزب الله الذي لا يزال يمتلك الحيثية الشعبية والشرعية".