شكك سياسيون ومحللون في جدوى دعوة البرلمان المصري لعقد حوار مجتمعي
حول التعديلات الدستورية، لا سيما بعد موافقة البرلمان بأغلبية ساحقة عليها بواقع
485 نائبا ورفض نحو 16 نائبا فقط.
وفي تصريحات لـ"عربي21" اعتبروا أن الدعوة "باطلة من
أساسها لأنها تناقش باطلا، وترسخ لحكم طويل الأمد لفرد واحد، ومثلها مثل حوار الطرشان
لن تؤدي إلى أي تغيير يذكر في المواد الأساسية التي يريد البرلمان تعديلها لصالح رأس
السلطة".
وقال رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، المستشار بهاء
أبو شقة، إن اللجنة تعكف على الإعداد لجلسات الحوار المجتمعي حول التعديلات الدستورية،
في ضوء خطة مُحكمة ومنظمة تضعها اللجنة للاستماع بشفافية ووضوح لكل الآراء.
واستبق البرلمان دعوات بعض النخب السياسية المصرية لإجراء حوار مجتمعي
موسع، وأقر التعديلات بأغلبية مريحة الأسبوع الماضي، تمهيدا لطرحها للاستفتاء الشعبي
بعد التصويت عليها نهائيا داخل قبة البرلمان مرة أخرى.
"تحصيل حاصل"
من جهته اعتبر النائب السابق، محمود عطية، أن "الحوار المجتمعي
هو تحصيل حاصل، ولن يغير شيئا على الأرض، وستكون الكلمة الأولى والأخيرة للبرلمان الذي
حسم قراره بشأن تلك التعديلات بشكل نهائي".
وقارن بين الحوار المجتمعي في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، قائلا:
"لقد أجري حوار مجتمعي في جميع المحافظات المصرية في عهد الدكتور مرسي، في حين
لن يخرج النواب للشعب بل سيذهب الناس إليهم، وشتان بين الحالتين".
"التحاور حول جريمة"
واستبعد الباحث بمعهد الدراسات حول العالم العربي والإسلامي بجامعة
مرسيليا، المرسي طارق، أن "يصلح الحوار المجتمعي ما أفسده البرلمان"، قائلا:
"بالتأكيد لا يمكن لحوار مجتمعي أن يصلح أي شيء".
وشبه الأمر بأنه "دعوة للتحاور حول جريمة، وهي اختراق المادة
226 في الدستور المصري التي تمنع الحوار حتى حول هذا الموضوع، فكيف يمكنك مناقشة أفضل
وسيلة للقيام بجريمة".
واستدرك: "المشكلة ببساطة هي محاولة النقاش على تفاصيل مشروع تعديلات
هي غير مشروعة أصلا، لكن هذه استراتيجية معروفة
في سحب النقاش إلى التفاصيل لمحاولة شرعنة إقرار التعديلات".
"محاولة إضفاء شرعية"
ووصف نقيب الصحفيين الأسبق في الإسكندرية والكاتب الصحفي، عامر عيد،
الحوار المجتمعي المزمع عقده بالبرلمان المصري بأنه "غير مجد؛ كونه جاء متأخرا
بعد إقرار التعديلات بالبرلمان، وكان ينبغي أن يكون الحوار سابقا لعرضه على النواب،
هذا من ناحية الشكل".
وأضاف لـ"عربي21": "أما من ناحية الموضوع، فإن هذا الموقف
يعد استعجالا للموافقة على هذه التعديلات الخطيرة التي تتعلق بمستقبل وطن بالكامل،
وتأتي بنوع من إسداء آراء محددة لمفاصل الحكم السياسية، والتحكم فيها سواء على مستوى
الأجهزة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية أو التعديلات التي تطرأ على اختيارات رؤساء
القضاء بما يؤثر على السلطة القضائية".
وراى أن "الدعوة للحوار المجتمعي هي رسالة للخارج وليس للداخل؛
بهدف إضفاء صورة شرعية للتعديلات ليس إلا"، منتقدا "تدخل الجيش في الحياة
السياسية، الذي من المفترض أن يحمي الوطن والمواطن".
وحذر عيد من تداعيات تلك التعديلات مستقبلا، بالقول: "بنظرة سريعة
على تجربة تركيا قبل أكثر من عقدين من الزمن، فإن هذه التعديلات سيكون لها مردود سلبي
على تركيبة الحكم في مصر، بما فيها الطغمة التي تحكم الآن".
اقرأ أيضا: هل توحد التعديلات الدستورية المعارضة المصرية ضد السيسي؟
هل المصريون على موعد مع موجة قمع قبيل تعديل الدستور؟
إعادة السيسي لوزارة الإعلام يثير جدلا بين "صحفيي مصر"
أول تحرك قانوني ضد التعديلات الدستورية في مصر.. هل يوقفها؟