طرحت الأحداث الأمنية الأخيرة في المناطق التابعة للنظام
السوري، بعد وقوع تفجيرات في اللاذقية ومناطق بالعاصمة دمشق، تساؤلات بشأن احتمالية
وجود تصفيات داخلية، بين أطراف في النظام، في معركة صراع على النفوذ، بدفع من
روسيا وإيران.
وكان آخر الأحداث ما أشار إليه نشطاء سوريون من اغتيال
العقيد طيار في سلاح جو النظام معن مخلوف في حي المجتهد بالعاصمة دمشق والتي
يسيطر عليها النظام.
وعلى الرغم من عدم استبعاد محللين عسكريين وسياسيين،
لوجود تحركات بشكل سري ومحدود، في مناطق النظام وتنفيذ عمليات اغتيال للضباط الذي
شاركوا في قمع الثورة السورية، إلا أنهم أكدوا وجود خلافات عميقة بين الضباط
الموالين لإيران وروسيا، في صراع على مواقع السيطرة.
وخلال الأسبوع
الماضي وقعت في دمشق 3 تفجيرات أحدها قرب مقر السفارة الروسية، ولم تعلن أي جهة
حتى الآن مسؤوليتها عن التفجيرات.
حصاد الأرباح
الباحث والمحلل السياسي الدكتور ياسر النجار قال: "إن
هناك خلفيات وراء الأحداث الأمنية في المواقع التي يسيطر عليها النظام وتخلو من
تواجد المعارضة".
وأوضح النجار لـ"عربي21" أن هناك تنافسا "بين
معسكرين يريد كل منهما جني أرباح الحرب على السوريين خلال السنوات الماضية وهما
الروس والإيرانيون الذين شعروا بالغبن في الآونة الأخيرة".
وأشار إلى أن روسيا تسعى لتقليص النفوذ الإيراني في سوريا
"رعاية لمصالحها ولتثبيت نفسها على الأرض وبالمقابل الإيرانيون يرون أن هناك
ضغطا دوليا متزايدا عليهم، الأمر الذي حوّل مليشياتها في سوريا إلى مرتزقة حقيقيين
ومافيات، بسبب مشاكل التمويل التي تعاني منها، جراء الأزمة الاقتصادية في
طهران".
إقرأ أيضا: ما حقيقة تشكيل عسكري جديد مدعوم روسيا بالجنوب السوري؟
ورغم أن النجار لم يستبعد وجود عناصر للمعارضة تنفذ
عمليات "عالية المستوى والنوعية" ضد أهداف النظام، إلا أنه اعتبر الصراع
الإيراني الروسي، العامل الرئيس وراء الأحداث الأمنية، في العاصمة وغيرها.
ورأى أن حدة التنافس بين الطرفين ستدفع الوضع الأمني، في
مناطق نفوذ الطرفين إلى "مزيد من التدهور والتصعيد" ولفت إلى أن حلب
شهدت اقتتالا في فترة ماضية بين مليشيات داخلية، والعناصر التي قدمت من قريتي
كفريا والفوعة.
وعلى صعيد النظام قال النجار إنه "يقف موقف المتفرج
بسبب ضعفه، وبانتظار رؤية الطرف الأقوى، لضمان البقاء على الكرسي"، وأضاف: "الروس يمتلكون زمام المبادرة السياسية والعلاقات الدولية مع الغرب وأمريكا،
لكن في المقابل إيران متغلغلة في الدولة خاصة الأجهزة العسكرية، وأي تحرك بعيد عنها
يمكن أن يصل لمرحلة التصفيات".
وتابع: "الإيرانيون يعلمون أن الجهة القادرة على
تأهيل الأسد دوليا هي إسرائيل، وهناك خشية في طهران، من تقديم النظام خرائط أمنية
خاصة بمواقعهم في سوريا، بالنظر إلى دقة الضربات الأخيرة، التي طالت مخازن في
تحيطها السرية العالية لتخزين السلاح".
تصفيات ليست جديدة
من جانبه قال العقيد أحمد الحمادي إن سوريا، اليوم تعيش
مرحلة "حصاد المكاسب للأطراف التي شاركت في الحرب، وهذا بالتالي سيخلق نزاعات
جديدة".
وقال الحمادي لـ"عربي21": هناك "نزاع
حقيقي بين الروس والإيرانيين للسيطرة على الجيش والمواقع السياسية في سوريا، وظهر
هذا في العديد من الحوادث خلال الفترة الماضية".
ولفت إلى وجود انقسامات كبيرة بين "ضباط ما تبقى من
جيش النظام، بين من يرى أن روسيا دولة عظمى والسير في ركابها أفضل بسبب علاقاتها
الدولية، وقدرتها على تأهيل النظام مجددا باستغلال علاقاتها".
وتابع الحمادي: "وهناك من يرى أن إيران أيضا أنقذت
النظام من السقوط، وقدمت فاتورة دماء كبيرة، وهذا بدا جليا في القطع العسكرية خاصة
الفرقة الرابعة الحرس الجمهوري، التي يقودها ماهر الأسد، والمحسوبة على
الإيرانيين".
إقرأ أيضا: إيران ونظام الأسد يتفقان على إنشاء بنك مشترك بدمشق
وأشار إلى أن التصفيات الداخلية في النظام "مسألة
ليست بالجديدة، وسبق أن وقعت في العديد من الأحداث"، ولفت إلى الاشتباكات
الأخيرة بين الفرقة الرابعة والفيلق الخامس التابع لسهيل الحسن الملقب بالنمر
والذي يتبع الروس بشكل علني.
وشدد الحمادي على
أن هناك "حربا خفية بين الروس والإيرانيين في سوريا، خاصة مع توقيع طهران
العديد من الاتفاقيات العسكرية، والتي تصعب خروجها من سوريا، وبالمقابل الروس
براغماتيون معنيون بتثبيت مكاسبهم ولا يهمهم إيران وما فعلته بسوريا".
ما حقيقة تشكيل عسكري جديد مدعوم روسيا بالجنوب السوري؟
تقرير مثير للجيش الأمريكي: إيران رابح وحيد من غزو العراق
لماذا تلجأ "تحرير الشام" للتعذيب على غرار نظام الأسد؟