بدون مقدمات.. أجبرت المقاومة الفلسطينية الباسلة العدو الصهيوني على وقف العدوان الغاشم على غزة.. وأجبرته على قبول التهدئة، بعد أن حققت باقتدار وجدارة معادلة «توازن الرعب» وأكدت في رسالة واضحة للوسطاء وللعدو معا، بان رد المقاومة إذا ما حاول العدو خرق هذا التهدئة سيكون مزلزلا «إن عدتم عدنا»..
لقد استطاعت المقاومة أن تفاجئ العدو وأن توقع به خسائر باهظة، بعد أن اكتشفت وبسرعة خلية المستعربين، التي تسللت عبر الحدود إلى خان يونس، في مهمة خطيرة، وهي زراعة أجهزة تجسس في المنطقة، لاكتشاف الأنفاق ومخازن الأسلحة.. الخ، واشتبكت معها، وقتلت قائدها، وكادت أن تأسر كافة أفرادها لولا تدخل طائرات العدو الكثيف..
وكانت المفاجأة الثانية هي تدمير حافلة لجيش العدو بصاروخ «كورنيت».. ونشر منظومات الصواريخ في كافة أرجاء القطاع، وضرب المستعمرات والمجدل المحتلة بصواريخ ذات فعالية عالية.. مما أجبره على طلب التهدئة، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه في هذا العدوان ىالغاشم، وهي ترويع سكان القطاع، وقد عمل على ضرب الأبراج وتدمير «880» وحدة سكنية، وفضائية الأقصى وفندق الأمل، والعديد من الأبنية والمؤسسات المدنية.. الخ.
مفاجآت المقاومة التي أجبرت «20» ألف مستوطن في مستعمرات غلاف غزة، يهربون إلى الشمال، وتعطيل المدارس والمصانع.. وهاهم يتظاهرون ضد فشل الحكومة في حمايتهم... "وقد أصبحوا أسرى لدى المقاومة في غزة».. على حد تعبيرهم!!
وهذه المفاجآت.. هي وراء انقسام « الكابينت»، والخلاف العميق بين أعضائه، اذ رفض أغلبية الأعضاء اجتياح قطاع غزة، وهم العسكريون، ومعهم الإرهابي «نتنياهو»، لقناعتهم بان هذا الاجتياح سيوقع خسائر فادحة في صفوف الجيش، ويقضي على مستقبل «نتنياهو» السياسي.
ومن ناحية أخرى..
فإن هذه الاعتداءات المتدحرجة على القطاع الصامد الباسل، وخاصة الاعتداء الأخير على «خان يونس»، ما هي إلا مجسات تستهدف الوقوف على قدرات المقاومة، وجس ردة فعل أهلنا المحاصرين في القطاع، وجس الرأي العام الفلسطيني والعربي، وموقف القيادة الفلسطينية.. إزاء مجزرة تدبر على غرار المجازر التي اقترفها العدو..
وقبل ذلك وبعده.. الوقوف على رد فعل الأطراف التي عملت، وتعمل على التهدئة، او الهدنة ..-سمها ما شئت-..الخ.
حقيقة الحقائق التي أكد عليه هذا العدوان الغاشم هي: أن العدو الصهيوني لا يحترم المواثيق والعهود والاتفاقيات....وليس معنيا الالتزام بهدنة أو تهدئة، وإنما هو ملزم باستراتجيته الصهيونية القائمة على العدوان والتهجير والاستيطان والتهويد، وفرض الأمر الواقع، والاستمرار في الحصار لإذلال الشعب الفلسطيني، وكسر إرادته وجره إلى الاستسلام، ورفع الراية البيضاء.
وإن الطرف الوحيد القادر على ردع العدو، هي المقاومة وهو ما تحقق بعد أن حققت توازن الرعب..
لا نعرف بالضبط ما هو موقف الأطراف التي عملت على تحقيق التهدئة.. التي خرقها العدو باعتدائه الآثم على خان يونس، وحاولت ان تغلفها بطابع إنساني، رغم أبعادها السياسة الخطيرة، وكيف ستتعامل مع العدو الصهيوني، بعد أن خرق هذه التهدئة، وثبت أنه يتصرف بعقلية العصابات، وليس بعقلية الدولة، التي تحترم التزاماتها، وتحترم القوانين والشرائع الدولية..
لقد أرسل هذا العدوان رسالة هامة الى «فتح وحماس» والى كافة الأطراف الفلسطينية من تنظيمات وأحزاب ونخب ومؤسسات..الخ، بأنه لا سبيل أمام الجميع للخروج من المأزق والتصدي لأخطر وأقذر عدو همجي،فاشي،عنصري، عرفه التاريخ، إلا بالعودة إلى الخندق الوطني، وإنهاء الانقسام إلى غير رجعة.
إن تحقيق الوحدة الوطنية يجب أن يكون أولى الأولويات على أجندة الجميع، فهو سفينة النجاة، الكفيلة بالوصول بالمشروع الوطني إلى بر الأمان، والكفيلة بإسقاط كافة المؤامرات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وعلى رأسها مشروع القرصان ترامب «صفعة العصر».
وقبل ذلك وبعده الحفاظ على استقلالية القرار الوطني وقطع اليد التي تعمل على تعميق الانقسام والتغميس في الصحن الصهيوني..
باختصار...
لجمت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بكل أطيافها، العدوان الصهيوني الأخير، على أهلنا في القطاع.. وأجبرته على قبول « التهدئة « بعد أن حققت معادلة « توازن الرعب»، مؤكدة جاهزيتها للرد العنيف « إذا عدتم عدنا» إذا ما حاول اللعب بالنار.
ما يشكل رافعة لإنهاء الانقسام، وتمتين الوحدة الوطنية كضمانة وحيدة لتحقيق المشروع الوطني، وإقامة الدولة وحق العودة.
المجد لغزة- العزة التي أرعبت العدو.
وأعادت الكرامة للأمة كلها..
عن صحيفة الدستور الأردنية