سياسة عربية

مصر تعتزم توطين 8 ملايين مصري بسيناء.. ماذا عن التهجير؟

مراقبون: من كان معولا لهدم المنازل وتخريب سيناء وتهجير أهلها لن يكون يوما أداة للتعمير- أرشيفية

أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الخميس، عن نية الحكومة توطين 8 ملايين مصري بشبه جزيرة سيناء، طالبا تمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمشروعات تنموية هناك، ما دفع للتساؤل عن مدى إمكانية تنفيذ هذا الحلم برغم العملية العسكرية "سيناء 2018"، والحديث عن "صفقة القرن"، وإثر ما تم من عمليات تهجير للأهالي من حدود غزة.

مدبولي، أكد بلقاء مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مراد وهبة، أن تنمية سيناء هدف إستراتيجي وأولوية للدولة المصرية، مشيرا لرغبة حكومته الاستفادة من البرنامج الأممي بحشد التمويل الدولي اللازم لتحقيق أهداف التنمية وتنفيذ المشروعات المهمة، وعلى رأسها تنمية شمال سيناء.

حديث رئيس الوزراء المصري، حول تنمية وتعمير سيناء وزرعها بالبشر يعتبره كثير من الخبراء المصريين قضية أمن قومي يجب أن تدعمها الدولة؛ إلا أن المخاوف تتزايد من عدم تنفيذ تلك الوعود مع استمرار العملية العسكرية "سيناء 2018" التي بدأت شباط/فبراير الماضي، لمواجهة عناصر تنظيم الدولة وأخرى إجرامية هناك.

 

واقع صعب

ويعيش أهالي شمال سيناء واقعا صعبا، وحسب رصد للصحفي، مراد حجازي، فإن أحداث سيناء خلال الأيام الماضية تأخذ منحنى جديدا يتجاهله الإعلام، مؤكدا عبر صفحته بـ"فيسبوك"، سقوط 7 مدنيين بينهم سيدة و12مصابا في 8 أيام فقط، مشيرا إلى انفجار عبوة ناسفة الخميس، بسيارة تحمل عمالا قتل منهم اثنان وأصيب 10 آخرون.

وقال إن يوم الأربعاء، شهد تعرض فريق شركة الكهرباء لإنفجار عبوة ناسفة بجنوب الشيخ زويد، كما قتل الأحد، 4 مدنيين برصاص مجهول بمنطقة السمران جنوب العريش، وإصابة مدني بالرصاص بوادي العريش، وقبل أيام سقطت قذيفة على منزل بالشيخ زويد، لتقتل سيدة وتصيب زوجها.

 

وعود السيسي

وطالب عبدالفتاح السيسي، المصريين بافتتاح قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب شباط/فبراير 2018، المشاركة بتمويل تنمية سيناء، مؤكدا أنها تتكلف 275مليار جنيه وأنها بدات وتنتهي في 2020، وذلك قبل أن يقول في كانون الأول/ديسمبر بافتتاحه مشروعات بمنطقة القناة إن تعمير سيناء سيتكلف 100 مليار جنيه وسيتم تنفيذه خلال عامين، وكان قد اعلن في شباط/فبراير 2015، تخصيص 10 مليارات جنيه لتنمية سيناء.

هراء وكذب

‏وفي تعليقه على تصريح مدبولي، قال عضو اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي: "منذ30 سنة نسمع عن توطين 3 ملايين مصري بسيناء، وتخصيص عشرات المليارات لتنميتها؛ لكن كل هذا هراء وكذب واستهلاك محلي وضحك على الشعب".

المنيعي، تساءل بحديثه لـ"عربي21"، "من يدمر المزارع والمنازل وهجر 150 ألف نسمة، ويمحو مدينة أثرية كاملة؟"، مؤكدا أن "من قام بكل ذلك لا يمكن في يوم من الأيام أن يصبح أداة للتعمير بل هو أداة للخراب".

عودة الأهالي أولا

وقلل الناشط السيناوي إبراهيم الكاشف، من أهمية ذلك الحديث بقوله: "نسمع منذ زمن عن توطين المصريين بسيناء"، معتبرا أنها "لم تحرر للآن بسبب اتفاقية (كامب ديفيد) ولن تكون إلا عندما نحررها وتعود كاملة لحضن الوطن".

عضو الحركة الثورية الاشتراكية‏، أكد لـ"عربي21"، أن "صمود أبناء سيناء في موطنهم هو إفشال لـ(صفقة القرن)"، مضيفا "أما بخصوص التوطين فلن نكون إلا إذا أردنا أن نكون، ويعود كل المهجرين من سيناء لمزارعهم وأراضيهم أولا".

واستنكر الكاشف، هذا الحديث متسائلا: "كيف يفكرون في توطين وهناك تجريف للمزارع، وهدم للبيوت، وعدم اعتراف بملكية أبناء سيناء؟"، مشددا على أن "التوطين يبدأ بعودة المهجرين من أهالي سيناء أولا".

الكاشف، كان قد وجه رسالة لمحافظ شمال سيناء اللواء عبد الفضيل شوشة، قائلا: "المواطن بحيرة من أمره ويحتاج الاطمئنان ووضع النقاط على الحروف"، متسائلا عبر "فيسبوك"، "سيناء إلى أين؟ وما مستقبل الأجيال القادمة والملكية والتعويضات؟".

التنمية قبل السلاح

وقالت الناشطة والباحثة في قضايا المجتمع السيناوي منى برهومة: "نطالب منذ عقود بضرورة زراعة سيناء بالبشر، والشجر، والحجر، لضمان أمان وتأمين أراضينا من عدو متربص طامع احتلها بعد نكسة حزيران/يونية 1967، ونهب وسرق خيراتها ومواردها 15 عاما"، مؤكدة أن "تأمين سيناء  بالتنمية أولا، ثم بالسلاح ثانيا، فهما وجهان لعملة واحدة وبدونهما تصبح سيناء مطمع لعدو يراقبها و 25ساعة باليوم".

وبحديثها لـ"عربي21"، أعلنت المحامية الحقوقية، أسفها من أن إقصاء وعزلة سيناء قبل وبعد ثورة يوليو 1952، أدى لاحتلالها وتهميش أهلها وتجاهل تنميتها، وتحويل شرق العريش لمنطقة ملتهبة ضاع فيها مئات الشهداء وآلاف المصابين مدنيين وعسكريين، وتم تدمير مئات المنازل وتجريف آلاف الأفدنة لزراعات مثمرة بسبب ما أسمته برهومة، بـ"السرطان الدموي الدخيل على  المجتمع السيناوي والجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية منذ 2013 ".

برهومة، ترى أنه "ولذلك وبعد التجارب القاسية التي عاشتها مدن شمال سيناء والفاتورة العالية التي دفعتها، أؤيد تصريحات رئيس الوزراء وأتمنى تنفيذها بأرض الواقع، رغم أننا سمعناها من الحكومات المتعاقبة كثيرا"، موضحة أن "سيناء تستوعب أكثر من 10 ملايين نسمة، لكن المهم هو الإرادة لتحقيق تلك الوعود خاصة وأن موارد وخيرات سيناء لم تستغل حتى الآن".

وأشارت إلى أن "سيناء تتمتع بموارد ومقومات زراعية وسياحية وتعدينية وثروة سمكية..الخ"، مؤكدة أن "هذه الثروات عندما تستغل ستصبح بلدنا مصر آمنة اقتصاديا"، متمنية انتهاء العملية الشاملة (سيناء 2018) وبدأ عملية التنمية الشاملة 2019، وأن يمتد العمران من قناة السويس غربا حتي رفح شرقا لتأمين مصر عبر بوابتها الشرقية.

وأشاد رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، بتصريح رئيس الحكومة، وقال عبر "فيسبوك": " تحية لمدبولي على تأكيده أن تنمية سيناء هدف إستراتيجي"، مضيفا "تنمية وتعمير سيناء وزرعها بالبشر قضية أمن قومي يجب أن يتوافق حولها أبناء الوطن".