ملفات وتقارير

هكذا قرأ محللون الموقف المتوقع لدول الخليج حيال الأردن

توقع الحمد بأن لا يستجيب الأردن للشروط السعودية الإماراتية، واستمرارية الأخيرة في ضغوطها- جيتي

شهد الأردن خلال الأسبوعين الماضيين مظاهرات هي الأشد منذ انطلاق ثورات الربيع العربي في  2011، بسبب حزمة تعديلات ضريبية لاقت سخطا شعبيا كبيرا انتهى بإقالة الملك للحكومة وتكليف رئيس وزراء جديد سارع لسحب مشروع التعديلات التي أثارت الشارع.

 

وفي قراءتهم للعوامل التي أدت إلى زيادة حالة التأزم في الأردن، ربط محللون لـ"عربي21" الوضع الاقتصادي المتردي بعوامل خارجية، منها وقف دعم حلفاء عمان التقليديين لا سيما الخليج، وكذا موقف المملكة من ملف القدس المحلتة في ظل ما يقال عن صفقة القرن إلى جانب "شرعية نظام المملكة الديني المرتبط بالوصاية على المقدسات"، وسط سباق الزعامة العربية منذ وصول الملك سلمان وابنه إلى الحكم.


وكانت المساعدات السنوية، التي تغطيها دول الخليج للأردن، تساهم بشكل كبير في تغطية نفقاته قبل وقفها نهائيا نهاية عام 2017، ما أربك اقتصاد المملكة، وساهم في تدهوره بشكل كبير.

 

اقرأ أيضا: احتجاجات في الأردن وحراك شعبي بلا رأس.. من يقود؟

وبرزت تساؤلات حول ما إذا كان الخليجيون يعيقون المساعدات للأردن بسبب انخفاض سعر النفط وهبوط ميزانياتهم الخاصة، أم بسبب الاختلافات السياسية، وهل ستتوجه تلك الدول لإعادة معوناتها لها من جديد؟ 
 
عن ذلك أجاب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، في حديثه لـ"عربي21" بأنه "من المرجح أن تستأنف السعودية والإمارات استثماراتها في الأردن، ومساعداتها، كما قطر والكويت، اللتان بادرتا بإعلان عزمهما تقديم المساعدة للمملكة".

وفي الإطار ذاته، قال المحلل السياسي الأردني فهد الخيطان، إن "الفوضى الإقليمية، خاصة في سوريا والعراق، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الأردني، بالإضافة لتوقف المساعدات المباشرة للخزينة الأردنية التي كانت تمنح من الدول الخليجية".

وأضاف الخيطان في حديثه لـ"عربي21"، أن "الأردن يتطلع بشكل كبير لعودة المساعدات للخروج من الأزمة"، مشيرا إلى أنه من الواضح بأن "دول الخليج بدأت تستشعر الواقع الخطير الحالي على الأردن"، قائلا: "من المتوقع أن يترجم هذا القلق، لمد يد المساعدة له".

 

اقرأ أيضا: احتجاجات الأردن تبعث برسائل داخلية وخارجية.. ما هي؟

"لي ذراع الأردن"

ولم يتفق المعارض السياسي السعودي سعد الفقيه، بأن المساعدات قد تعود حاليا، وقال إن السعودية والإمارات تحاولان بالموازنة بين أمرين، الأول "لي ذراع الأردن لكي تقبل بصفقة القرن، والثاني: منع ثورة فيها، إلا أنهما يعتبران إرضاخ الأردن لقبول صفقة القرن أهم بكثير من الانتفاضة".


واستدرك الفقيه في حديثه لـ"عربي21"، بأنه في حال اتساع المظاهرات، وتزايد خطرها، فسيكون هناك قرار أمريكي وإسرائيلي يلزم السعودية والإمارات بالتدخل لإنقاذ المملكة، بفعل حدودها الطويلة مع الأراضي المحتلة.

صفقة القرن 

وقال الخيطان: "هناك إشارات وتحليلات تربط بين موقف بعض الدول الخليجية وبين الجدل الدائر حول صفقة القرن المقبلة، وموقف الأردن من قضية القدس المحتلة، والوصاية الهاشمية عليها، بالإضافة لحل الدولتين المهدد من المشروع الأمريكي".

وأضاف أن "المرحلة القادمة ستبين مدى صحة هذه الإشارات"، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية في الأردن، قد تكون نقطة تحول في علاقة هذه الدول معها.
 
أما الحمد، فأوضح بأن الشروط السعودية الإماراتية، "تتعلق بمسألة القدس، وصفقة القرن، والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، التي تعد من ثوابت السياسة الأردنية، ومن عوامل مشروعية الموقف الأردني في القضية الفلسطينية".

ولفت إلى أن التخلي الأردني عن القدس المحتلة، يعني أنه يتخلى عن شرعيته ومستقبله. 

وطالب السعودية والإمارات بأن تتوقف عن هذا الضغط على الأردن، "لأن ذلك يهدد الأمن القومي العربي في المنطقة".

هل يستجيب الأردن؟

وتوقع الحمد "أن لا يستجيب الأردن للشروط السعودية الإماراتية، واستمرارية الأخيرة في ضغوطها".

وأضاف أن الأردن "ليس معزولا إقليميا تماما، فمن خياراته التوجه نحو العديد من الدول، مثل الكويت وقطر، ومحور تركيا وإيران"، مشيرا إلى أنه "في حال استمرت الضغوطات عليه، قد يتجه لتطوير علاقته مع تركيا، وإيران، لتحصين الوضع الداخلي، وحماية الاقتصاد الأردني".

 

اقرأ أيضا: هل تكفي تحركات عاهل الأردن لوقف الاحتجاجات الاقتصادية؟

ولفت الحمد إلى أن الأردن "ليس أسيرا للموقف الإماراتي والسعودي، وهو يحاول حتى الآن إقناع السعودية والإمارات بأن يتفهموا ظرف الأردن الاقتصادي، وأن يعيدوا تقديم مساعداتهم بدون شروط".

من جهته قال الخيطان، إن الأردن "ليس بوضع قبول أي شروط تتعارض مع مصالحه الوطنية"، مشيرا إلى أن أمامه أبوابا كثيرة للتعامل مع أزمته.


وأضاف أن الأردن "لديه برنامج إصلاح اقتصادي، متفق مع صندوق النقد الدولي، أنجز 70 في المئة منه، ويستطيع الحصول على مساعدات ومعونات من المجتمع الدولي"، وربما يشهد افتتاح الحدود السورية الأردنية حركة تجارية مع سوريا ولبنان، إلى جانب تركيا والعراق، مستبعدا تحسين العلاقة مع إيران.