انطلقت الحملة الصهيونية على فلسطين قبل أكثر من قرن، فأحدثت مع متلازماتها الاستعمارية الأخرى، ندوباً وتشوّهات في الوعي الجمعي للأمة، وأورثتها عجزاً نفسياً تبدو علاماته ظاهرة في منطق التفكير السائد وفحوى الخطابات الرائجة.
انزوى الوعي الجمعي العربي والمسلم بخبراته التاريخية المريرة إلى نفسية مفعول به، يترقب إعمال السكين في رقبته أو تمزيق أوصاله أو تجريده من مقومات الحياة، دون الانشغال بخيارات المقاومة أو التصرّف. وازدهرت مع ثقافة العجز والانتظار بكائياتٌ مديدة على الأطلال، وتكاثرت مقامات الذكرى المكرّسة لمحطات زمنية معلومة تعيد إلى الأذهان نكبات ونكسات وهزائم وفواجع ومذابح متزاحمة.
وصارت للبكائيات صناعات رائجة، يُدرك فيها الشعراء أدوارهم في الرثاء، وينخرط فيها الخطباء بدعاء يستنفر الحسرة وتصطف فيه البلدان المنكوبة والمدائن المسحوقة بانتظار موضعها من قائمة تتجدد كل موسم. ترجو الشعوب التي ترى ذاتها عاجزة، النصرَ للبلدان والمدائن؛ دون أن تباشر مسؤولياتها في إطلاق قدراتها الكامنة على الفعل والتصرّف والتأثير في مجريات الأحداث.
موسم الذكريات
تجددت في الموسم الراهن ذكريات جسيمة. فقد حلّت ذكرى مرور مائة وعشرين سنة على المؤتمر الصهيوني العالمي الأول الذي أطلق سنة 1897 مشروعه الواسع للهجمة على فلسطين. وانقضى قرن على إعلان بلفور (1917)، عندما حرّر التاج البريطاني وثيقته القاضية بإقامة وطن قومي للحركة الصهيونية في فلسطين. أما النكبة (1948) فتبزغ سبعينيتها بكل ما تستدعيه من ذكريات المأساة الصادمة. ومرّ نصف قرن على احتلال الشطر الشرقي من القدس (1967)؛ وفيها بلدتها القديمة والمسجد الأقصى المبارك ومقدسات إسلامية ومسيحية.
في هذه المحطات المؤلمة وسواها تتجلى معضلة لم ينفكّ الوعي الجمعي عنها: أين كنّا آنذاك؟ وكيف سمحنا بوقوع هذا كلّه؟ وهل يجوز لنا أن نواصل التخندق في ركن مخصص لمفعول به؛ لا لفاعل بوسعه أن يتصرّف؟
واقع الحال أنها لم تكن معركة قابلة للحسم في جولة أو جولتين كما حسب المتطوعون الذين انطلقوا لحماية فلسطين قبيل النكبة، فقد وصلوا متأخرين نصف قرن تقريباً. أفاقت الأمة متراخية على مشروع يستشري دون أن تدرك عمقه، وما أبصرته لحظة الإفاقة كان قمة جبل الجليد وحسب، فتدفق متطوعوها سنة 1948 ببنادق بدائية ورصاصات معدودة، ثم سيقت قوات مستلّة من جيوش سبعة لم تملك قرارها في الواقع، وكان عديدها مجتمعة أدنى من حجم القوات الصهيونية بتنظيمها الفائق في الميدان وبما حظيت به من إسناد من قوى دولية.
إفاقة متأخرة
لم تدرك الأمة الذاهلة شيئاً من مخاطر المشروع الصهيوني إلا في وقت متأخر، وكان هذا تحت صدمة واقع ضاعت معه فلسطين، ثم اتضح أنّ تحرير هذه الرقعة المركزية التي تأتلف فيها قارات ثلاث سيكون شاقاً ومديداً، أو باعثاً على التثاقل والقنوط والتفريط في ما بعد.
غابت الرؤى الاستراتيجية عن الأمة، حتى أنها لم تلحظ بذرة الحملة الصهيونية في منشئها، ولم تستنفر بعضاً من طاقاتها، المكبّلة أساساً، إلاّ بعد قرابة نصف قرن من عقد المؤتمر الصهيوني، الذي أطلق من يومه الأول سنة 1897 مشروعات فعالة وبرامج دؤوبة ومخططات واسعة النطاق لإنجاح حملته الإحلالية، مستفيداً من مساندة أوروبية واسعة ومن عصارة خبرات الهيمنة التي تراكمت في الأمم الاستعمارية التي عنها انبثق.
لم يُواكِب العرب والمسلمون نشأة المشروع الذي تفتقت عنه استراتيجيات ومخططات وتواطؤات على المستوى الدولي أرادت لحالة الاحتلال في فلسطين أن تبقى وأن يتعاظم شأنها في المنطقة. فالهجمة على فلسطين جاءت في غياب أي نوع من القيادة الاستراتيجية للأمة يمكن افتراضه، وأتت ضمن سياق أعمّ من الإنزال الاستعماري الكاسح. فالقوات البريطانية التي احتلت فلسطين في أواخر سنة 1917 كانت جزءاً من آليات تنفيذ صفقة سايكس بيكو المبرمة سنة 1916 بين لندن وباريس؛ والتي تنزّلت على العالم العربي بكل تداعياتها الجسيمة على الخرائط المرسومة.
أفاقت نخب الأمة وشعوبها متأـخرة على ما يجري في فلسطين، لأسباب موضوعية وذاتية مفهومة ضمن سياقها التاريخي، ثم تعاملت بردود أفعال مرتبكة واستجابات قاصرة وانفعالات موسمية وعاطفية غالباً، وأصبح هذا تقليداً راسخاً إلى اليوم. لهذه الحالة ملابساتها، فالعقل الاستراتيجي غاب عن منطقة مُلحقة بالدولة العثمانية، أما الأستانة فانشغلت بإبطاء مسيرة انكفائها وتآكُل أطرافها وتداعي الأمم عليها. كانت شعوب العرب والمسلمين رازحة في معظمها تحت احتلال أوروبي مارس الهيمنة المباشرة، ولم تكن الدول الهشة التي تشكلت منها الجامعة العربية الوليدة قد تهيّأت بعد لتدبير أمنها القومي إثر غياب الباب العالي عن عربة القيادة، وقد انكشف أثر ذلك جلياً في الأداء الميداني المرتبك للقوات العربية المفككة خلال حرب فلسطين 1948.
في انتظار السكين
جرى ما جرى، واتضح مع الوقت أنّ احتلال فلسطين، بريطانياً ثم صهيونياً، لم يكن استعماراً نمطياً، فهو مشروع له دولة قامت سنة 1948، ولم يكن دولة لها مشروع. أمّا مساحة اشتغال المشروع فتتجاوز رقعة فلسطين ومحيطها بكل تأكيد، فهو ينسج شباكه عبر القارات وينتصب لاعباً فاعلاً في الإقليم، وتم التعبير الضمني عن ذلك في مشروعات مثل "الشرق الأوسط الجديد" أواسط التسعينيات مثلاً، وهو ما يجري تأكيده الآن في سياق مقولة "صفقة القرن" التي تلقي بظلالها على العالم العربي ككل. يعني هذا أنّ قضية فلسطين ليست محصورة فيها، وهي حقيقة تتجاوزها خطابات الانكفاء القاصرة التي تصعد في ثنايا العالم العربي الآن، بإمعانها في تصوير قضية فلسطين بمنطق تجريدي يستسهل عزلها ضمن جغرافيا الاحتلال المباشر.
وبعد قرن من الصفقات التي جرت من وراء ظهور الأمة وشعوبها؛ تنهمك النخب اليوم في تشخيص "صفقة القرن" هذه وكيفيات تنزيلها الوشيك في زمن ترمب وصبيَته في المنطقة. إنه مشهد يشي بغلبة روح انتظار لا تقوى على الفعل والمبادرة، بمنطق يترقّب إعمال السكين في الرقاب.
ينبغي الاعتراف بأنّ نخب الأمة وجماهيرها ما زالت مفتقرة إلى خريطة طريق واضحة ومتعددة المسارات والمستويات للتفاعل مع قضية فلسطين، أو قضية الأمة بالأحرى، بعد كل هذه العقود المديدة. انطلق قرن جديد من الصراع وما زالت الشعوب على تعاطفها التقليدي مع فلسطين ومناهضتها المشروع الصهيوني؛ لكن دون أن ترى فرصاً لتحويل عواطفها الدافئة ومشاعرها الجياشة إلى ما يتجاوز مواقف لفظية أو أشكالاً أوّلية من التعبير الجماهيري؛ كالاكتفاء بالتظاهر الموسمي الرتيب والهتاف النمطي العابر وإصدار البيانات والتبرع ببعض المال ورفع الأكف بدعاء العاجزين.
ودون التهوين من أهمية هذا كله؛ فإنّ واقع الحال يشي بأنّ قوى الأمة معطلة، وأنّ جماهيرها لا تستشعر القدرة على التأثير في تطوّرات الأحداث، ولو كان تأثيراً بالحدّ الأدنى الميسّر للمجتمعات في مواضع أقدامها، ولهذا كله صلة مؤكدة بواقع الشعوب ذاتها ضمن حال راكدة في دول محكومة بمعادلات هيمنة واستبداد وفاقة. ولا تمنح الانشغالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية، والأجواء الإقليمية العامّة؛ شعوراً بأنّ ثمة أفقاً أوسع للتفاعل، فالواقع القائم يصرف فاعلي السياسة والمجتمع إلى الانكفاء على اهتمامات داخلية وإقليمية ملحّة، وبعضها حروب استنزاف تستعر على مزيد من الجبهات بتأثير تلاعبات دولية وإقليمية لا تخطئها العين.
وزادت الانقسامات السياسية والاستقطابات الحادة التي يشهدها العالم العربي والإسلامي، من صعوبة جمع أطراف الساحة الشعبية والسياسية الواحدة على مواقف مشتركة بخصوص مساندة فلسطين، فتعطّلت أطر جامعة، وأُطيح بتجارب التقاء أطياف سياسية وفكرية أنضجها مسار الالتقاء "القومي - الإسلامي" مثلاً بدءاً من أواسط التسعينيات. وتَفاقَم التقليد الاستعمالي لقضية فلسطين، الذي يسعى إلى توظيف ما تحظى به من شرعية ومصداقية في خدمة مضامين خطاب الافتراق السياسي المحلي أو الأيديولوجي؛ بالتلازم مع صراعات أزهقت أرواح مئات الألوف من العرب والمسلمين في سنوات معدودة وأحرقت أرجاءً عربية واسعة مثل العراق وسورية واليمن وليبيا، وإن كان لكل من قضاياها سيرتها التي لا يصح الاستهانة بها.
كما يواجه التفاعل الشعبي العربي مع فلسطين تحدِّيات وصعوبات متفاقمة حالياً، منها الصدام بين فئات من الجماهير والأنظمة الحاكمة، أو احتمالات ومكامن قلق من نشوء صدامات وتوتّرات كهذه مشرقاً ومغرباً، بما يدفع إلى تعليق بعض وجوه التفاعل الشعبي مع فلسطين، أو حتى إدراج هذا التفاعل ضمن تعبيرات الأزمة الداخلية وربّما تشويهه وتجريمه، كما عليه الحال في بلد محوري هو مصر.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل يتجاوزه إلى اندفاع أنظمة وقوى عربية وإسلامية وأفريقية إلى استرضاء كيان الاحتلال في فلسطين ونسج الأواصر معه، لأنها ترى فيه بوابة واشنطن وتعدّه وكيلها في المنطقة التي يتحسّس القوم فيها رؤوسهم ولا يأمنون على مصائرهم، وهي بيئة خصبة لاحتضان "صفقة القرن" المفترَضة.
في هذه الأوضاع جميعاً ما يؤكد أنها لحظة تاريخية جسيمة ومحفوفة بالمخاطر، وكأنها تستدعي ملابسات سمحت باستعلاء المشروع الصهيوني ثم صدور إعلان بلفور وصناعة النكبة وقضم القدس، في غفلة من الأمة وقعود عن مسؤولياتها، فلم يكن مفاجئاً، بالتالي، خروج ترمب بإعلانه المشين بشأن القدس الذي يعيد إلى الأذهان منطق بلفور ذاته شكلاً ومضموناً.
من الترف أن ترتقب الأمة إعمال السكين في رقابها دون أن تسعى إلى كبحها، فاستنهاض قدراتها مشروط بالتخلي عن روح العجز التي تتملكها منذ زمن، وهو منعقد بالتحرّر من الأغلال الذهنية وتقاليد القعود والتواكل والانتظار والبكائيات بكل سطوتها على وعي النخب والمجتمعات. ثمة مستويات للفعل والانخراط في التحرّك ما زالت معطّلة، ومن لا يقوى على المشاركة المباشرة في حمل قضية الأمة فلا أقلّ من أن يتحرك في مسارات مدنية وإعلامية وجماهيرية، مع فعل سياسي متعدد الأدوات ومتنوع الخيارات، ضمن أداء تكاملي يُتقن توزيع الأدوار وتقاسم الأحمال. وقد ظلّ مثل هذا غائباً حتى في مواسم التصعيد الكبرى، ضد القدس وغزة مثلاً، رغم أنّ ما جرى في فلسطين منذ منشأ الصراع وحتى اليوم لم يكن معزولاً عن محيطها المباشر وعن واقع الأمة عموماً، بل تفاعلت الأدوار الأقليمية في تواطؤات شتى لا تخطئها العين في ملفات العدوان والحصار والانهيارات السياسية مثلاً.
عقلية المفعول به
على قوى الأمة الحيّة أن تتجرّد، أخيراً، من عقلية المفعول به، التي تعطِّل قدراتها وتكبح طاقاتها وتجعلها تستعذب آلامها مع مراثي الشعراء وبكائيات المنابر العاجزة. فحتى مع استمرار الدول والحكومات في قعودها عن مسؤولياتها؛ تبقى للشعوب والمجتمعات، والقوى والنخب، فرصتها لإطلاق صيحتها وخوض تحرّكها بالتلازم مع تطوير مشروع جديد نحو فلسطين، لا سيما مع الفتوح التي طرأت في مسارات العمل المدني والإعلامي والجماهيري، التي باتت تتيح لقطاعات شتى حول العالم أن تتجنّد لنصرة الحقوق والعدالة في فلسطين وتشارك في النضال من مواقعها بأساليب متعددة غير مسبوقة. لا غنى عن أن تحوز الأمة وقواها الحيّة وشرائحها وفئاتها ومؤسساتها ومنابرها، جاهزية معنوية للإقدام على صناعة الحدث، مع توظيف الطاقات الكامنة المعطّلة لدى مئات الملايين من العرب والمسلمين، علاوة على جماهير وأوساط متفاعلة حول العالم.
من الوهم إن يُقال اليوم كما قيل بالأمس؛ إنّ الأمة منشغلة بهمومها رغم حمى الإلهاء الصاعدة في المجتمعات، والواقع أنّ الأمة تُساق إلى معارك ومحارق لا عنوان لبعضها – على الأقل - ولا مغزى، وتتعطّل طاقات أجيالها الصاعدة دون أمل تحلم به أو رؤية تتملّكها.
من المفيد الإقرار بأنّ القعود عن قضية فلسطين المحورية العادلة والتعبئة المشروعة لأجلها، كان شريكاً، مع عوامل وملابسات أخرى، في المسؤولية عن دفع أجيال من الشباب إلى خيارات عبثية، منها مواصلة ركوب أمواج المتوسط طمعاً بأوهام الفردوس الأرضي في الشمال، أو في تفاقم الانخراط الميداني المباشر في نشاطات قتالية تفترش جبهات التشظي والاحتراب ومشروعات الاشتباك الداخلي والتشدد الميداني.
بحثاً عن مشروع
مغزى القول أنّ غياب مشروع فاعل لقوى الأمة نحو فلسطين هو بمثابة ترقّب مفعول السكين في الرقاب، علاوة على أنه يُخلي الساحة لمشروعات بديلة تستنزف الأمة في اتجاهات ضارية من الاشتباك الداخلي والحرائق العابرة للحدود، ويزهد فوق ذلك بزمام المبادرة لصالح رايات تعلو في الجبال والصحاري والتخوم والثنايا؛ تستقطب أجيالاً من الشباب الغاضب والقانط من الواقع.
لا يرغب بعضهم، لأسباب شتى، بالإقرار بأنّ فلسطين تبقى كلمة سرّ محورية في منطقة تواجه أزمات مركّبة ومعضلات متفاقمة على صعيد الهوية والوجهات والسياسات والخيارات. لكنّ غياب مشروع الأمة نحو هذه القضية المركزية؛ يقضي أيضاً بأن تواصل مكوِّناتها تقليد الانتظار ترقباً لاستشراء التفتيت والتشظي والقنوط والتآكل الداخلي، وأن يباشر العاجزون هرولتهم للاحتماء بمظلة الاحتلال في فلسطين، استجداءً لأطواق النجاة بين الأمواج المتعالية، وهي حالة انطفاء استراتيجية تدفع أقطار الأمة وشعوبها أثمانها المباشرة من لحمها الحي وقوت أجيالها. ألا يلحظ القوم، مثلاً، كيف تتقاطر بعض العواصم إلى استرضاء حكومة نتنياهو سراً وعلانية، وتُغدِق القرابين على كيان الاحتلال طمعاً في أن يستتبّ الحكم لصبية صاعدين فوق أنفاس شعوبهم؟!
يغفل المهرولون عن أنّ احتلال فلسطين القائم في قلب منطقة لا ينتمي إلى نسيجها في الواقع؛ ظل منذ منشئه مشروعاً اعتمادياً على قوى كبرى ليس بوسعه أن يستمرّ دونها، وأنه يواجه معضلته الوجودية جراء استمرار شعب فلسطين في كفاحه ومقاومته ومطالبه العادلة، حتى بعد عقود سبعة من النكبة، بما يعني أنّ القضية العادلة التي نجحت في اختبار البقاء تبقى حيّة وستنتصر بإذن الله. لكنّ الحاجة تبقى ملحّة إلى تطوير مشروع جديد نحو فلسطين، وإنضاج خطاب مبادر يتحرّر من عقلية العجز والانكفاء، وإطلاق الطاقات الهائلة المعطّلة في أمّة حائرة هي في أمسّ الحاجة إلى رؤى جديدة وخيارات فاعلة وتعبئة جهودها ومواردها في مواجهة حمى التقويض والتفكيك والانهيارات الفيزيائية والمعنوية.
إنّ غياب مشروع فاعل نحو فلسطين يعني ضمناً غياب أمتها، وإن لم تكن القدس عنواناً للنهوض والمبادرة، فما تكون العناوين البديلة؟!