كتبت مراسلة صحيفة "صندي تايمز" من أربيل لويز كلاهان تقريرا، تقول فيه إن المغنية الكردية المعروفة هيلي "هيلين" لوف وقفت أمام صالون التجميل الذي تملكه، وهي تلبس جناحين مذهبين، ورفعت إشارة السلام؛ وذلك بمناسبة صدور أغنيتها الأخيرة "أخيرا"، التي تدعو لاستقلال
كردستان، وقالت إن
استقلال كردستان حلم بعيد يتحقق،
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن لوف، قولها: "حلم جدي بالحرية للأكراد، وحلمت أنا بحرية الأكراد، وقد قتلوا لمئات السنين، وحرموا من حقوقهم، وحان الوقت لتحقيق ذلك الحلم"، حيث أنه بعد قرن من ترسيم حدود الشرق الأوسط، يأمل الأكراد بأن يؤدي
استفتاء اليوم إلى تمزيقها ومنحهم وطنا، فتقول لوف: "الاستفتاء هو كل شيء، وقد حان الوقت وعلى العالم احترام الأكراد".
وتبين كلاهان أن رافعي الأعلام الكردية الذين تدفقوا للشوارع يعتقدون أن الاستفتاء سيؤدي إلى مفاوضات تؤدي إلى انفصال الإقليم، مشيرة إلى أنه بالنسبة للآخرين استفزاز من الأكراد المتعطشين للسلطة قد يدخل المنطقة في فوضى، في الوقت الذي تم التخلص فيه من تنظيم الدولة.
وتذكر الصحيفة أن دبلوماسيا غربيا وصف المنطقة بأنها "علبة ثقاب"، فـ"الاستفتاء هو آخر ما نريده نحن أو الأكراد"، مشيرة إلى أن مسؤولين في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الثاني في الإقليم، أشاروا يوم السبت إلى إمكانية تأجيل الاستفتاء، إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه حاكم الإقليم مسعود البارزاني، أكدوا أن الاستفتاء سيجري في موعده يوم الاثنين.
وبحسب التقرير، فإن التصريحات تعكس التنافس والعداء بين الحزبين اللذين خاضا حربا بينهما في التسعينيات من القرن الماضي، حيث يتمتع الإقليم باستقلالية عن بغداد منذ حرب الخليج الأولى، عندما أعلنت بريطانيا والدول المتحالفة ضد نظام صدام حسين
العراق منطقة حظر جوي، وظل برلمانه ونظامه القضائي وبترول المنطقة مستقلا عن بغداد.
وتشير الكاتبة إلى أن الأكراد يلقون اللوم على دول الحلفاء في القرن العشرين، الذين حرموهم من الدولة، وقسموهم على أربع دول، وهي العراق وإيران وسوريا وتركيا، ويتذكرون هجوم صدام على بلدة حلبجة في عام 1988 بالسلاح الكيماوي، لافتة إلى أن العراق بالنسبة للجيل الجديد هو دولة مختلفة، حيث تقول المذيعة في محطة إذاعية في إربيل رونزا عسكر: "العقلية ليست واحدة"، وتضيف عسكر، البالغة من العمر 20 عاما: "هنا أستطيع لبس ما أريد، ولا أرتدي الحجاب، ولو خرجت بهذا اللباس لرجموك".
وتستدرك الصحيفة بأنه مع ذلك، فإن هناك الكثير من الشكوك بشأن الاستفتاء، حيث يتحدث السياسي الكردي الذي يعارض الاستفتاء ربون معروف، عن "الدولة البوليسية والاستبداد والظلم والفساد" في ظل الحكم الذاتي الكردي، ويقول: "ليس لدي أي شك أن هذه الدولة المستقلة ستكون جهنما للجميع، ولا نريدها"، لافتة إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تعارضان أيضا الاستفتاء، حيث حذرتا من أنه سيحرف النظر عن محاربة تنظيم الدولة.
ويورد التقرير نقلا عن نائب قائد قوات التحالف ضد تنظيم الدولة الميجر جنرال روبرت جونز، قوله: "هذه ليست فكرة عظيمة"، أي الاستفتاء، ويضيف أن "حرف نظر العراق في هذه المرحلة أمر ليس مساعدا في وقت بحاجة لأن يكون موحدا ضد العدو المشترك".
وتبين كلاهان أنه بالنسبة للأمريكيين، الذين ضخوا مليارات الدولارات منذ عام 2003، فإن تقسيم العراق لن يكون إلا كارثة، حيث قال مسؤول كردي: "يريد الأمريكيون نجاح الشعب العراقي"، وأضاف: "وغير ذلك، فما هو هدف الذي تم فعله؟ لكن الكثيرين منهم يعترفون في أحاديثهم الخاصة بأنهم يريدون حصول الأكراد على دولتهم".
وتلفت الصحيفة إلى محاولات القادة الغربيين إقناع القيادة الكردية بتأجيل الاستفتاء، إلا أن الجهود الدولية توقفت على ما يبدو، وهددت بغداد بالتدخل عسكريا، وردت البيشمركة بالمثل.
ويورد التقرير نقلا عن الجنرال في البيشمركة غازي أحمد، قوله: "لو لم يحدث الاستفتاء فسيتعرض الأكراد لإبادة جديدة"، وأضاف: "لقد قاتلت صدام وتنظيم الدولة، وأعرف أن الاستقلال هو الخيار الوحيد، هذا هو الشرق الأوسط، فلو كنت ضعيفا فستُهاجم، لكن إن كنت قويا فستنجو".
وتقول الكاتبة: "يبدو التوتر أكثر في مدينة كركوك، التي تضم عربا وكردا وتركمانا، وسيطرت عليها البيشمركة بعدما انسحب منها الجيش العراقي عندما هاجمها تنظيم الدولة، ويقال إن المليشيات الموالية لبغداد قامت باختراقها خلال الأسابيع الماضية".
وتنقل الصحيفة عن الناشط استبرق يازار أوغلو، قوله: "نحن خائفون؛ لأننا لو أصبحنا جزءا من كردستان فستحدث حرب بين الأكراد والعرب والتركمان"، وأضاف: "لا نثق بأي منهم"، مشيرة إلى أن التركمان يخشون من استخدام
تركيا هذا الوضع للقيام بغزو العراق.
وينوه التقرير إلى أن الحكومة التركية قامت بمناورة عسكرية قرب الحدود العراقية لإرسال رسالة البارزاني، الذي يعد من أقرب حلفاء أنقرة، حيث تخشى تركيا، مثل
الإيرانيين، أن يؤدي انفصال كردستان لمطالب انفصالية من السكان الأكراد في داخل أراضيها، مشيرا إلى أن تركيا تخوض حربا ضد الانفصاليين الأكراد منذ وقت طويل، فيما تدعم طهران الحكومة في بغداد.
وتفيد كلاهان بأن تركيا قد تقوم بضرب مواقع حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" على الحدود، وتغلق خط أنابيب النفط، بشكل يزيد من المعاناة الاقتصادية، لافتة إلى أن هناك قلة من المراقبين يتوقعون غزوا من طهران وأنقرة لكردستان.
وتختم "صندي تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول الزميل الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مايكل نايتس: "ستنتظر إيران للانتقام في يوم آخر"، وأضاف: "بعيدا عن هذا كله، فإن هذا شأن محلي".