شهدت الشهور الأخيرة توسعا غير مسبوق للاستثمارات
الإماراتية في مصر، تضمنت الحصول على امتيازات اقتصادية وتسهيلات مباشرة من النظام، وخاصة في المجال العقاري، حيث تنازل النظام عن مساحات شاسعة من الأراضي لشركات إماراتية لإقامة مشروعات ضخمة عليها، دون الإعلان رسميا عن أي تفاصيل عن قانونية منح هذه المشروعات الحيوية للشركات الإماراتية دون غيرها، أو قيمة هذه المشروعات.
ويقول معارضون ونشطاء إن الإمارات تسعى للسيطرة على مشروعات اقتصادية ضخمة في مصر لتعويض المساعدات السياسية والمالية التي منحتها للنظام منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، والتي بلغت نحو 20 مليار دولار حتى الآن.
ومن بين المشروعات الضخمة التي حصلت عليها شركات إماراتية، إنشاء شركة مشتركة بين قناة السويس ومجموعة "موانئ دبي" العالمية لتنفيذ مشروعات في منطقة قناة السويس.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان لها الأربعاء إن "موانئ دبي" ستنفذ خطة استثمارية متكاملة في مصر، تبدأها بإنشاء منطقة صناعية ولوجستية وتجارية متكاملة في إقليم قناة السويس تشمل كافة الخدمات والمناطق السكنية والترفيهية.
وفي هذا السياق أعلنت وزارة الاستثمار أن وزيري الاستثمار والإسكان بحثا مع رئيس شركة "إعمار مصر" التابعة لرجل الأعمال الإماراتي محمد العبار إقامة مشروع استثماري ضخم في مدينة "العلمين" الجديدة على الساحل الشمالي للبلاد.
وأضافت الوزارة، في بيان لها يوم السبت الماضي، أن الوزيرة سحر نصر ووزير الإسكان مصطفى مدبولي ورئيس "إعمار مصر" محمد الدهان تفقدوا يوم السبت الماضي الأرض المقترح إقامة المشروع عليها، مشيرة إلى أن استثمارات "إعمار مصر" في البلاد تقدر بنحو 3 مليار دولار.
وأكد بيان آخر للشركة أن "العبار" يرغب فى إقامة العديد من المشروعات العملاقة في القاهرة وجنوب سيناء والعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، لافتا إلى أن ذلك يأتي في إطار حرصه على دعم
الاقتصاد المصري".
المناطق الملتهبة
وكان من الملاحظ أيضا بروز اسم الشركات الإماراتية للاستحواذ على المناطق الحيوية التي يتم تهجير الأهالي منها في القاهرة مؤخرا لإقامة مشروعات عقارية فاخرة فيها، كما حدث في جزيرة الوراق و"مثلث ماسبيرو".
ومع اشتعال أزمة "جزيرة الوراق" كشفت تقارير صحفية أن النظام قرر إخلاء الجزيرة لبيعها لمستثمرين إماراتيين تمهيدا لإقامة مشروع استثماري ضخم.
وأكدت صحيفة "المصري اليوم" الأسبوع الماضي، أن رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار ينوي المشاركة في مشروع إعادة تطوير "مثلث ماسبيرو" وسط القاهرة، وذلك من خلال بناء برج عملاق يطل على نهر النيل.
كما أشارت تقارير صحفية إلى أن الإمارات ستشتري مقرات الوزارات والبرلمان والمؤسسات الحكومية بوسط القاهرة، والتي من المقرر إخلاؤها في غضون عامين عند انتقالها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك في إطار خطة للسيطرة على وسط القاهرة، بعد السيطرة على مثلث ماسبيرو وجزيرة الوراق.
"لا يمكنه إغضاب الإماراتيين"
وتعليقا على هذه التقارير قال أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية إن أي شيء يحدث في مصر تكون له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالسياسة، مشيرا إلى أن ما يحدث في جزيرة الوراق هو نموذج واضح لسياسة النظام الحاكم الذي يريد تهجير السكان من منازلهم لاستثمار الجزيرة في مشروعات استثمارية تدر مزيد من المليارات عليه.
وأضاف عطية، في تصريحات لـ "عربي21"، أن عبد الفتاح
السيسي لا يمكنه إغضاب النظام الإماراتي أو رجال الأعمال الإماراتيين حتى يضمن استمرار المساعدات المالية والسياسية التي تتدفق من "أبوظبي" عليه منذ أكثر من أربعة أعوام.
ولفت إلى أنه على الجانب الآخر، فإن أي مستثمر يأتي إلى البلاد سيدفع أموالا لتأسيس مشروعاته، من بينها ضرائب ورسوم، وكل هذه الأموال لا يستفيد منها غير السيسي ونظامه، لأنه يتعامل مع هذا الأمر بشكل اقتصادي بحت بحجة أن مصر تمر بأزمة مالية طاحنة ولا يمكن أن نرفض طلبا للإماراتيين الذين يرسلون أموالا للحكومة المصرية عندما عندما تحتاجها.
توجه اقتصادي بحت
لكن الباحث السياسي جمال مرعي رأى أن الأمر لا يعدو كونه توجه اقتصادي بحت من جانب الشركات العقارية الإماراتية وليس له بعد سياسي، مؤكدا أن هذه الشركات لا يهمها أولا وأخيرا سوى تحقيق الأرباح المادية.
وأوضح مرعي، لـ"عربي21"، أن الأماكن التي بدأت الحكومة إخلائها من السكان لها أهمية اقتصادية وسياحية كبرى بسبب وقوعها على كورنيش النيل وقربها من منطقة وسط القاهرة، وأي رجل أعمال يتمنى أن يستثمر أمواله فيها، ليحولها لمشروعات رابحة بكل المقاييس من بينها إنشاء فنادق أو مراكز تجارية تدر ملايين الدولارات على مالكيها.
وأكد أن الاستثمارات الإماراتية في مصر لها تاريخ طويل في البلاد منذ سنوات بعيدة، وخاصة في مجال الاستثمار العقاري والترفيهي، مشيرا إلى أن المراكز التجارية والمشروعات العقارية والترفيهية العملاقة التي تملكها شركات إماراتية متواجدة في السوق المصري قبل الثورة وبعدها.