سياسة عربية

ساكنة مصر.. طاقة يجب الاستفادة منها أم قنبلة يجب تفجيرها؟

نظام السيسي لم يأت ليحل أزمات بل ليفجر الوضع ويخدم أجندات خارجية - جيتي
قلل مشرعون ومراقبون من سعي النظام الانقلابي في مصر إلى إصدار تشريع لمواجهة ما أسماه خطر الانفجار السكاني الذي دأب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على التحذير منه في أكثر من مناسبة آخرها في حواره مع رؤساء الصحف منتصف الشهر الجاري، واعتبره أحد أسباب تأخر النمو الاقتصادي، وزيادة التطرف.
 
وفي نيسان/ أبريل الماضي؛ أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن تعداد المصريين بالداخل والخارج تخطى 100 مليون نسمة. وتشير "الساعة السكانية" إلى أن مصر تستقبل مولودا جديدا كل 15 ثانية، أي أربعة مواليد في كل دقيقة.
 
وتقول وزارة مالية السيسي إن "مصر تحتاج إلى معدلات نمو تتراوح ما بين 7 إلى 8% لكي تواجه الزيادة السكانية البالغة 2.6% في حين توقع البنك الدولي تراجع معدل النمو لمصر لـ 3.9% مقابل 4.3% العام الماضي".
 
الهروب من المشكلة
 
في هذا الصدد، قال خبير التنمية البشرية، مرزوق الغنامي، لـ"عربي21": "لا تتحمل الأزمة السكانية وحدها المشكلة الاقتصادية التي تمر بها البلاد؛ فمثل تلك المشاكل تكون أسبابها متعددة ومركبة".
 
وأضاف أن "اللجوء إلى تشريع لأزمة السكان لا يكون إلا عند الضرورة، كما أنه وحده غير كاف، وفي حال أصدر البرلمان أي تشريعات تتعلق بالحد من الزيادة السكانية فيجب ألا يكون التشريع فيه نوع من الإجبار أو العقاب؛ لأنه سيأتي برد ونتائج سلبية وعكسية في آن واحد".
 
وأكد أن "إلقاء اللوم في الأزمة الاقتصادية على الزيادة السكانية؛ هو نوع من أنواع التبسيط، والهروب من المسؤولية، وخطأ في معالجة المشكلة"، داعيا في الوقت نفسه " إلى ضرورة البحث عن أسباب الأزمة للمساعدة على حلها من أكثر من جانب".
 
التشريع ليس عصى سحرية
 
بينما انتقد عضو اللجنة التشريعية والقانونية بالبرلمان، النائب خالد محمد، اللجوء للبرلمان لإصدار تشريع يحد من الزيادة السكانية، وقال لـ"عربي21" إن "هذه الخطوة تنم عن فشل في استغلال القدرات البشرية، والتشريعات وحدها لا تحل مشاكل البلاد".
 
وتابع: "يجب إلقاء اللوم على عدم استغلال تلك القدرات، وعدم وضع خطط للاستثمار في البشر"، لافتا إلى "وجود معادلة غريبة في الفلاحين؛ بالرغم من الزيادة السكانية إلا أن العمل في "الغيط" الحقول يواجه نقصا كبيرا في العمالة بالرغم من تقلص الرقعة الزراعية، وهو ما لم يكن موجودا في الماضي حيث كانت الرقعة الزراعية أكبر".
 
وطالب بضرورة استغلال الثروات البشرية "من خلال وضع خطط بناء على دراسات ذات جدوى"، مشيرا إلى أن أحد أسباب عزوف الفلاحين عن زراعة القطن عدم توافر العمالة اللازمة للحصاد".
 
الأزمة في النظام لا السكان
 
في حين رأى البرلماني السابق، طارق مرسي، أن "الزيادة السكانية ليست أزمة بل هي منحة وهبة من الله لمصر؛ خاصة وأن الشريحة الأكبر من السكان في سن الشباب"، وقال لـ"عربي21": "إن الأزمة الحقيقية والقنبلة الموقوتة هي هذا الانقلاب بشخوصه وجنرالاته، وشبكة الفساد التي تدعمه وتحميه".
 
وأكد أن "حل مشكلات مصر لن يكون بالقوانين الظالمة، والتضييق على الحريات الشخصية حتى في الإنجاب ولا يكون بالدبابة والقهر، إنما يكون بالتنمية وإشاعة الحريات، والاستفادة من الطاقات واستدعاء الكفاءات وفتح الباب أمام المواهب".
 
ولفت إلى أن "مبارك ظل يردد هذا الهراء ليداري عجزه وفشله، والآن السيسي يسير على نفس خطاه في العجز والفشل، بل أسوأ في حين أن الدكتور مرسي حكم سنة واحدة ورغم كل المؤامرات التي حيكت ضده لم يتحجج الرجل مرة بالزيادة السكانية، وبدأت عجلة التنمية تدور وبدأت تظهر مؤشرات التقدم الاقتصادي رغم الخيانات والمؤامرات".
 
السكان عبء على إسرائيل

وعلق رئيس حزب الفضيلة ومؤسس تيار الأمة، محمود فتحي، على الدعوة لإصدار تشريع للحد من الزيادة السكانية بالقول إن "هذا النظام لم يأت ليحل أزمات بل ليفجر الوضع، ويخدم أجندات خارجية".

وقال لـ"عربي21": "كل ما أعلنه أو وعد به لم ينفذه إلا ما كان يخص من أتوا به للحكم"، مضيفا أن "العالم كله يتعامل مع السكان كثروة بشرية إلا الخونة الذين يرون أن السكان عبء، كما يرون أن المؤسسات الدينية والنصوص الشرعية عبء أيضا"، محذرا من أن "هذه العصابة الحاكمة نجحت في الوصول بمصر والشعب إلى الفشل الذي يخططون له مع حلفائهم".
 
ورأى أن "عدد سكان مصر ليس عبئا ولا تهديدا إلا للعدو الصهيوني، والدول الغربية التي تخشى من حدوث أي انفجار شعبي في مصر؛ يؤدي إلى موجة نزوح كبيرة نحو أوروبا عبر المتوسط".