سياسة عربية

شبهات حول مشروع أنفاق السويس.. ما علاقته بصفقة القرن؟

متتبعون اعتبروا مشروع السيسي له بعد سياسي أكثر ماهو اقتصادي - أرشيفية
أثار تفقد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لمشروع الأنفاق الستة التي تمر أسفل مجرى قناة السويس أثناء مؤتمر الشباب الثلاثاء؛ علامات استفهام قوية لدى المصريين، كمعظم مشاريع السيسي الكبرى.

المشروع يشمل حفر ستة أنفاق بطول قناة السويس، وتمر أسفلها أربعة أنفاق قبالة الإسماعيلية (وسط القناة)، وآخران أمام بورسعيد (شمال القناة)، بتكلفة حوالي 4 مليارات دولار، لربط شبه جزيرة سيناء مع الدلتا.

محللون شككوا في نوايا السيسي من إقامة هذا المشروع، وأكدوا عدم أهميته كغيره من المشروعات التي أطلقها السيسي ولم يكن لها عائد أو مردود على الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد، مثل مشروع "تفريعة قناة السويس" و"العاصمة الإدارية الجديدة"، التي كلفت وغيرها البلاد مليارات الدولارات، في حين طال الفقر 27 في المائة من المصريين بعهد السيسي.

هدفه سياسي

ويرى مساعد وزير الخارجية الأسبق عبد الله الأشعل، أن الهدف من المشروع سياسي في الأساس، مؤكدا أن البعد الاقتصادي للمشروع غير مأخوذ بالاعتبار.

وقال السفير الأشعل في حديثه لـ"عربي21": "كل شيء يقوم به النظام له هدف سياسي؛ ولا يخضع لأي تحليل اقتصادي"، معتبرا أن "المشروع في حد ذاته يعد هدرا لموارد الدولة".

ماذا يدبر لمصر؟

وتساءل القيادي بالجماعة الإسلامية سمير العركي، عما يحدث ويدبر لمصر خلف هذا المشروع؛ وقال: "السؤال البديهي هنا هل الأولوية كانت لتوجيه هذه المبالغ الطائلة لحفر تلك الأنفاق؟ أم لتوجيهها لصالح مشاريع البنية التحتية المتهالكة؟".

وأضاف العركي لـ"عربي21": "كان من الممكن أن أتفهم مشروع الأنفاق لو أن هناك نهضة حقيقية داخل سيناء، تستوعب 4 ملايين مصري، إضافة لاستصلاح وزراعة آلاف الأفدنة، وبناء مئات المصانع؛ لكن الوضع الحالي يكفيه المعدات الموجودة على طول القناة مع نفق الشهيد أحمد حمدي".

وتعجب العركي من هذه التكلفة لحفر ستة أنفاق مع عدم وجود حركة تجارة متبادلة بين شطري القناة أصلا، مضيفا أن "المشروع لا يستقيم مع حركة الهجرة العكسية من سيناء للدلتا، إضافة إلى القيود التي فرضها الأمن على المصريين لعبور سيناء".

صفقة القرن

وتساءل العركي عن الأهداف الحقيقية من المشروع، مشيرا لحديث السيسي عن بناء مطار دولي كبير وسط سيناء شبه الفارغة، معتبرا أنه غير منطقي أيضا، إضافة إلى تفريعة قناة السويس غير ذات جدوى اقتصادية، مضيفا: "هذه الأمور غير المنطقية لم تصدر عن بلاهة أو سذاجة، كما يحلو للبعض أن يحولها مادة للتنكيت، ولكنها وفق مخطط يريد السيسي إنجازه في أسرع وقت ضمن ما سماه (صفقة القرن)".

وكان السيسي قد أكد لنظيره الأمريكي دونالد ترامب، أثناء زيارة الأول لواشنطن أنه سيدعم بقوة كافة الحلول التي سيتم التوصل إليها في قضية القرن في "صفقة القرن"، والتي فسرها المحللون على أنه ما تم الاتفاق بينهما كحل للقضية الفلسطينية.

ويرى العركي أن توسلات السيسي بمؤتمر الشباب للشعب لإمهاله بالحكم للعام المقبل؛ جزء من خطة الخداع الاستراتيجي (التي مارسها مع الرئيس مرسي) لحين اكتمال منظومة مشاريعه الخاصة بسيناء؛ من تهجير أهلها، إلى حفر الأنفاق، وإنشاء مطار دولي وسط سيناء، وبناء مدينة الإسماعيلية الجديدة ومدينة سكنية عند بورسعيد، كلتاهما شرق القناة".

وأضاف العركي: "بعد إنجاز السيسي تلك المشروعات سيكون له حديث آخر وفق الأجندة التي أتى لتنفيذها"، محذرا بقوله: "كل ذلك يدفعنا للبحث عن أسباب أخرى لتلك المشاريع".

تمهيد لتدخل عسكري

وتابع العركي: "نحن أمام علامات استفهام كبرى، وبعيدا عن الخلاف السياسي، لا أبالغ إذ أقول إننا أمام تمهيد الأرض لانسياب قوات عسكرية ولكن من شرق القناة إلى غربها أي من سيناء إلى مدن القناة والوادي والدلتا".

ويرى العركي أن "إصرار السيسي منذ البداية على إشراك الجيش بتلك المشاريع؛ أظنه توريطا للمؤسسة العسكرية وإبعادا للشبهات عن نفسه، في الوقت الذي باتت فيه المشاريع الحقيقية مثل المليون ونصف فدان شبه متوقفة".
 
معبر للبضائع الإسرائيلية

وقال المحلل السيناوي أبو الفاتح الأخرسي: "حتى الآن لا نعرف الهدف الحقيقي لهذه المشاريع، وكيف نثق في نوايا نظام السيسي؛ الذي يغلق كوبري السلام الموجود أصلا منذ أواخر حزيران/ يونيو 2013"، متسائلا: "أليس من الأولى بمن يبحث عن الربط بين سيناء والدلتا أن يفتح الجسر المفتوح قبل أن يتحدث عن أنفاقه الستة تحت الإنشاء؟".

وأضاف الأخرسي لـ"عربي21": "هناك مخاوف من أن تكون تلك الأنفاق هي معبر للبضائع الإسرائيلية التي ستغرق السوق المصرية، ربما في إطار اتفاقيات لاحقة ينتظر النظام العسكري اللحظة المناسبة لإبرامهما رغما عن إرادة المصريين"، معتبرا أن ذلك "يدمر الصناعة المصرية، ويضيف المزيد من العاطلين إلى صفوف البطالة".

وأكد الأخرسي "أن فشل الحملات العسكرية للجيش بسيناء منذ 4 سنوات، وتصاعد حالة انعدام الأمن والاستقرار هناك؛ لا يوحي أبدا بإمكانية أن تكون سيناء مكانا للتنمية أو الاستثمار خلال المستقبل المنظور"، مشيرا "لحالة الاحتقان التي يعيشها الأهالي، نتيجة لحجم الانتهاكات والاستبداد الذي وصل إلى جرائم الحرب ضد المدنيين"، معتبرا "الحديث عن استقرار سيناء في ظل النظام العسكري الحالي ضربا من السخرية"، حسب قوله.