ملفات وتقارير

جدل عقب تسجيل صوتي مسرب لمالك قناة تونسية (استمع)

القروي: يجب أن نبث برنامجا حواريا نقول فيه إن أعضاء منظمة "أنا يقظ" عملاء وجواسيس وفاسدون- تويتر
القروي: يجب أن نبث برنامجا حواريا نقول فيه إن أعضاء منظمة "أنا يقظ" عملاء وجواسيس وفاسدون- تويتر
فتحت النيابة العمومية بتونس، الثلاثاء، تحقيقا قضائيا حول تسجيل صوتي مُسرب من اجتماع لهيئة تحرير قناة "نسمة" الخاصة، يطلب خلاله مالكها من فريق العمل بقناته إعداد مادة تلفزيونية لتخوين وتشويه أعضاء منظمة "أنا يقظ" المحاربة للفساد.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين السابقين، تسجيلا صوتيا لمالك قناة نسمة، نبيل القروي، مدته خمس دقائق، يطلب فيه من فريق التحرير بقناته إعداد ومضة إعلانية وتقرير حول منظمة "أنا يقظ" المختصة في الرقابة ومكافحة الفساد المالي والإداري.

وبحسب التسجيل الذي اطلعت عليه "عربي21"، طلب القروي "الاستعانة بصحفيين يتعاملون مع القناة؛ لتحصيل تصريحات من أفواههم تتهم أعضاء (أنا يقظ) بالخيانة والحصول على الأموال من الخارج بقصد بيع وطنهم.. وذكرهم بأسمائهم وصورهم" وفق تعبيره.

تقرير للشتم والثلب

وأشار القروي في التسجيل، الذي يعود تاريخه إلى صيف 2016، إلى ضرورة التعامل مع خمسة أو ستة صحفيين معروف عنهم أنهم "خونة، مرتزقة، يبتزون الناس، ونحن نعرفهم ونمسك ضدهم ملفات".

وتابع في سياق توجيهه بتحصيل تصريحات من صحفيين موالين لقناته: "نطرح السؤال بأن هؤلاء (في إشارة إلى أعضاء أنا يقظ) درسوا في أمريكا، ولا ندري من درسهم.. أين اشتغلوا ومن يعطيهم الأموال".

وقال: "نعلن أن القناة ستبث قريبا حقائق وأشياء خطيرة جدا حول (أنا يقظ).. نقوم بإعداد تقرير  مدته 45 دقيقة، كله سب وشتم وثلب، ونمرر أسماءهم وصورهم.. ونثير شكوك أولياء أعضاء المنظمة وجيرانهم حول وجود علاقات مشبوهة.. وعلاقة فلان بفلانة".

وواصل مالك قناة نسمة: "نبث برنامجا حواريا نقول فيه إنهم عملاء وجواسيس وفاسدون وسارقون، ويبتزون الناس، ويريدون تخريب الوطن، ويعملون لدى أناس عديمي الأخلاق (وصفهم بكلمة نابية)".

وطالب القروي بأن يتم عمل ريبورتاج في الشارع، وشراء ذمم الناس بالمال، كي يعبروا عما تطلبه منهم القناة بخصوص "أنا يقظ"، لافتا إلى أن موعد الانطلاق في الحملة 12 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.



تحقيق استقصائي

وعقدت منظمة "أنا يقظ" الثلاثاء، مؤتمرا صحفيا سلطت فيه الضوء على خفايا الحملة التي وجه مالك قناة "نسمة" بشنها ضدها.

وقال رئيس المنظمة أشرف العوادي لـ"عربي21" على هامش المؤتمر، إن خلفية الحملة هو تحقيق استقصائي قامت به المنظمة ونشرته في 10 تموز/ يوليو 2016 تحت عنوان "شبكة نسمة.. ما تخفيه قناة الأخوين القروي".

وتابع العوادي بأن منظمة "أنا يقظ" رصدت خروقات وتجاوزات ونقاطا مبهمة تتعلق بالوضع المالي والإداري لشركة "نسمة" ومجموعة الشركات المرتبطة بها داخل التراب التونسي وخارجه، وخاصة منها الدول المعروفة بكونها "جنات ضريبية".

وأشار إلى أن شركة "نسمة برودكاست" صرحت بإيرادات أقل بكثير من دخلها الفعلي، كما أن لها علاقات مالية مشبوهة مع مجموعة أخرى من الشركات الأجنبية التي هي نفسها ملك للأخوين قروي؛ المالكين الأصليين لشركة "نسمة برودكاست".

وأوضح العوادي أن شركة "نسمة" عمدت إلى تحويل مرابحها إلى الشركات الموجودة بالجنات الضريبية عبر اتفاقيات وعقود مجاملة، إضافة إلى أنها قامت بخروقات مصرفية، منها انتصابها كشركة قرض، وتحويل أموال إلى إحدى الشركات التابعة للمالكين الأصليين لـ"نسمة بوردكاست" وهما نبيل وغازي القروي.

وأكد المدير التنفيذي لـ"أنا يقظ" مهاب القروي، في المؤتمر الصحفي، أن المنظمة تلقت الثلاثاء دعوة رسمية من القطب القضائي المالي المختص بقضايا الفساد المالي، للإدلاء بشهادتها في قضية التهرب الضريبي التي رفعتها المنظمة ضد قناة نسمة منذ تموز/ يوليو من العام الماضي.

وعرضت "أنا يقظ" خلال مؤتمرها الصحفي مقطع فيديو تم إعداده بالاعتماد على عديد البرامج لقناة نسمة خلال الأشهر السبعة الماضية، مؤكدة أنه يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن قناة نسمة نفذت فعلا المخطط الذي جاء على لسان نبيل القروي في التسجيل المسرب.

ودعت "أنا يقظ" إلى تنظيم مسيرة وطنية، الخميس، من قصر العدالة بالعاصمة، إلى ساحة الحكومة بالقصبة، للمطالبة بالقضاء على ظاهرة الفساد والتطاول على القانون ومحاولات مأسسة الإفلات من العقاب.

مشكلة أخلاقية

وأدانت شخصيات وأحزاب ومنظمات وطنية ودولية، على غرار الرئيس السابق منصف المرزوقي، وأحزاب التيار الديمقراطي والمؤتمر والبناء الوطني، والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والنقابة العامة للإعلام، ما جاء في التسجيل المسرب لمالك قناة نسمة.

من جانبه؛ قال رئيس الهيئة السياسية لحزب "المؤتمر" المحامي سمير بن عمر، إن التكييف القانوني لما جاء في التسجيل الصوتي لمالك قناة نسمة؛ لا يمكن أن يبتعد كثيرا عن تهمة "تشكيل عصابة مفسدين".

واستدرك في تصريح لـ"عربي21" بأنه "بقطع النظر عن الجرائم التي تضمنها التسجيل؛ فإنه يدل على أن المشكلة أخلاقية بالأساس قبل أن تكون قانونية".

وتابع: "حتى لا نعمم؛ فإن هذا المشكل يعشش بالأساس في أركان الحزب الحاكم الفائز بانتخابات 2014، وقناة نسمة مثلت -كما يعلم الجميع- الذراع الإعلامي للنظام القديم، ولعبت دورا بارزا في صعود حزب نداء تونس ورئيسه الباجي قايد السبسي لقصر قرطاج، وللأسف تتالت فضائح هؤلاء".

من جهتها؛ لم تنف مديرة تحرير قناة "نسمة" ريم السعيدي، ما جاء في التسجيل المسرب، قائلة بمنشور في موقع "فيسبوك": "ما داموا بين أربعة جدران فإنهم يتحدثون حول ما يريدون.. والإنسان حين يكون غاضبا يمكن أن يقول أشياء كثيرة غير معقولة، وليس بالضرورة أن كل ما يقال يتم تطبيقه" وفق تعبيرها.
التعليقات (0)