مع دخول معركة استعادة الساحل الأيمن من
الموصل العراقية حيز التنفيذ، وما تلاها من تصريحات تركية عن أن وجهة عمليات "درع الفرات" ستكون مدينة
الرقة السورية، فإن السؤال الملح هو إلى أين سيلجأ زعيم
تنظيم الدولة أبو بكر
البغدادي بعد ذلك.
وعلى الرغم من أن الوقت لا زال مبكرا للتنبؤ بمصير تنظيم الدولة وخليفته "البغدادي"، إلا أن هناك مدنا وبلدانا لا زالت تمثل ملاذا آمنا بالنسبة للتنظيم قد يلجأ إليها للانطلاق منها في مرحلة جديدة، حسبما ذكر مراقبون.
المختص في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية قال في حديث لـ"
عربي21" إن "الوقت لا زال مبكرا للحديث عن ذلك، لأن عمليات الموصل بالجانب الأيمن ستأخذ شهورا وربما تصل إلى نحو عام، وقد شهدت المعركة تقلبات".
واستدرك: "لكن بمشاركة هذا الحجم من القوات العراقية بمختلف تصنيفاتها في المعركة، ربما في النهاية سيضمحل تنظيم الدولة ويجد نفسه مضطرا للانسحاب من الجانب الأيمن للموصل".
وعلى صعيد التطورات في سوريا، قال أبو هنية إن "الأمور في سوريا أكثر تعقيدا، لأنه لا توجد قوات على الأرض، ومعركة الباب أثبتت أن القوات التركية غير فاعلة بهذه الصورة، إضافة إلى أن قوات غضب الفرات الكردية غير مؤهلة".
وبالتالي، حسبما رأى الباحث الأردني، فإنه "لا ننتظر معركة قريبة في الرقة. الكل بانتظار ترامب، إذ أن هناك نظريتين هما: الاعتماد على قوات تركية، أم الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية، كلاهما وحده صعب، وتعاونها أيضا صعب".
وأشار إلى أن "تحديد مصير التنظيم وخصوصا في الرقة السورية لازال صعبا، لأن المعركة معقدة وتحتاج إلى شهور التحضيرات، كما أنه لا توجد حتى الآن توافقات دولية وإقليمية بشأنها".
وجهة البغدادي المقبلة
وبشأن إمكانية انتقال أبي بكر البغدادي مع تنظيمه إلى دول أخرى، استبعد أبو هنية أن "ينتقل إلى أماكن أخرى لأن منطقة سوريا والعراق وصحراء الأنبار لا تزال فيها أماكن آمنة والتنظيم لديه الخبرة في ذلك".
وأردف: "لكن التنظيم قادر على أن يتمدد في سيناء إلى القاهرة وينشط في
مصر، وأن هناك مناطق فراغات في اليمن، وكذلك في ليبيا رغم طرد التنظيم من سرت لا يزال موجودا في مناطق واسعة".
وأكد أن "تنظيم الدولة له انتشار أيضا في أفغانستان وفي آسيا الوسطى وفي غرب أفريقيا مع بوكو حرام، لكن لا زال من المبكر الحديث عن مرحلة ما بعد تنظيم الدولة، وقد يشهد عام 2017 تقدما للقوات العراقية، لكن في مناطق أخرى لا تزال الأمور تراوح مكانها".
من جهته، قال الباحث في شؤون العلاقات الدولية الدكتور عمر عبد الستار لـ"
عربي21" إن "تنظيم الدولة نشأ في ظل فوضى حدثت في النظام الدولي بعد أن نُقضت دول بالمنطقة واحتلال العراق، إضافة للفوضى المحلية مثل اليمن، وسوريا، وليبيا".
وأعرب عبد الستار عن اعتقاده بأن "ينتقل تنظيم الدولة إلى المغرب العربي ومصر، في حال استقر المشرق العربي ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والصعود التركي السعودي، والتعامل مع النظام الإيراني الذي استغل صعود تنظيم الدولة".
وأوضح أن تنظيم الدولة سيستهدف أنظمة الانقلاب العسكري ضمن الحرب الباردة، لأن هناك وجودا للتنظيم في سيناء مصر وفي ليبيا، لافتا إلى أن مصر فقدت دورها الإقليمي وفقدت طبقتها المتوسطة وبقي الجيش.
وأردف الباحث العراقي: "إذا ضعف جيش مصر، فإن تنظيم الدولة سيجد مكانا فيها وتنتقل مصر من عهد الدولة إلى اللادولة في فترة ما بعد ترتيب المشرق العربي، وقد ينتقل التنظيم أيضا من ليبيا إلى الجزائر، لأن نظامها من أنظمة حرب الدول البادرة".
أما المكان الآخر، بحسب عبد الستار، فهو إقليم بلوشستان في إيران، إذا انفجرت الأمور فيه، وهو يصل إلى أفغانستان وباكستان والأخيرة محاذية للهند، معربا عن اعتقاده بأن "وجهة تنظيم الدولة ستكون أيضا جنوب آسيا أو وسطها".
وزعمت وسائل إعلام عراقية في 12 شباط/ فبراير الجاري أن زعيم تنظيم الدولة، أبا بكر البغدادي، أصيب بقصف جوي على مدينة القائم المحاذية للحدود السورية من الجانب العراقي.
لكن مصادر محلية نفت في حينها خلال حديث مع "
عربي21" تلك الأنباء بالقول: " إن ما تم تداوله من أخبار عن إصابة البغدادي غير موثوقة، ولم يردنا أي نبأ عن ذلك".
يشار إلى أن آخر ظهور لأبي بكر البغدادي، كان في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي في كلمة صوتية بعنوان "هذا ما وعدنا الله ورسوله".